تقرير اقتصادي: «كويت 2035»... خيبات المستقبل تحاكي إخفاقات الحاضر

نشر في 25-06-2015 | 00:09
آخر تحديث 25-06-2015 | 00:09
No Image Caption
• رؤية الحكومة التنموية جاءت مكررة وسط تعثر المركز المالي و«التنمية الفاشلة» و«المعدلة»
• لنتوقف عن إطلاق الشعارات الإعلامية التي لا يلتزم بها حتى من يطلقها
لاتعاني الكويت من جراء الموعد المتأخر لتحقيق رؤية استراتيجية بعد 20 عاما من اليوم فحسب، بل أيضاً من ترديد نفس الكلام المكرر لخطط حكومية سابقة وصفت أيضاً بالرؤية ولم يتحقق منها شيء.

«تهدف الخطة إلى جعل الكويت مركزاً تجارياً ومالياً، وتعزيز مكانة الاقتصاد الكويتي بين الاقتصادات العالمية، وتنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على عائد النفط، وتحسين مستوى المعيشة، واستقطاب الشباب، وخلق فرص عمل لهم، واعتزام الكويت تنفيذ مشروعات ضخمة تشمل إنشاء مدن جديدة وسكك نقل بالقطارات، إضافة إلى مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية».

الفقرة السابقة من بيان مجلس الوزراء، الذي تبنى فيه مشروع «كويت 2035» كخطة لما وصفه بأنه رؤية الكويت التنموية، ولعل العلة هنا ليست فقط في الموعد المتأخر لتحقيق رؤية استراتيجية بعد 20 عاما من اليوم، بل أيضا في ترديد نفس الكلام المكرر لخطط حكومية سابقة وصفت أيضا بالرؤية ولم يتحقق منها شيء.

تكرار وفشل

من مشروع تحويل الكويت إلى مركز تجاري ومالي، الذي مضى عليه 12 عاما، إلى خطة التنمية الأولى الفاشلة ثم الثانية المعدلة، ومعها تقارير اللجنة العليا لإصلاح المسار الاقتصادي، ودراسات المجلس الأعلى للتخطيط، وتوصيات اللجنة الاستشارية الاقتصادية، ومعالجات مؤسسة ماكينزي، وحلول رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، فضلا عن صندوق النقد والبنك الدولي، كلها تحدثت عن تنويع مصادر الدخل وفرص العمل للشباب ومشاريع البنية التحتية.

ورغم أن دراسات وتقارير هذه المؤسسات واللجان باتت شبه محفوظة لدى الجميع فإن الواقع يحكي الفشل الذريع، إذ إنه بالنسبة لتنويع مصادر الدخل لا نزال نعتمد على النفط بنسبة تناهز 93 في المئة من إجمالي الإيرادات، وحيال فرص العمل نجد أن نسبة موظفي القطاعين الحكومي والنفطي تشكل 89 في المئة من إجمالي قوة العمل، أما مشاريع البنية التحتية فليست هي التي تمول ميزانية الدولة أو تخلق فرص عمل جديدة.

احتياجات ضرورية

إن الحديث عن «كويت 2035» كرؤية استراتيجية يستلزم أن نكون أكثر واقعية، ونتوقف عن إطلاق الشعارات الإعلامية التي لا يلتزم بها حتى من يطلقها، فنحن بحاجة إلى التركيز في عملية خلق حائط صد لمصلحة المالية العامة ضد أي أزمة ناتجة من تقلبات أسعار النفط العالمية، التي يمكن أن تنتهي على عجوزات لسنوات متتالية، فضلا عن ربط أهداف الخطة الحالية «المعدلة» مع المؤشرات العالمية كمؤشرات التنافسية الدولية، خصوصا في ما يتعلق بتطوير بيئة الأعمال، وعدم المحاباة بالقرارات الحكومية وجودة التعليم وكفاءة سوق العمل والحرية الاقتصادية وغيرها من المؤشرات، خصوصا أن الكويت اعتادت خلال السنوات السابقة التربع في المراتب الأخيرة خليجيا، وبالتالي فإن تحسين أداء هذه المؤشرات سيحدث نتيجة طيبة لأداء الخطة ورهانا على نجاحها.

كذلك يجب ربط إنفاق الميزانية العامة بخطة التنمية قبل الحديث عن رؤى وشعارات، فلا يعقل أن تستهدف الخطة خفض الإنفاق العام بينما ترتفع قيمة الميزانية 10 في المئة عن العام الماضي، أو أن تستهدف الخطة زيادة الإنفاق الرأسمالي إلى 15.2 في المئة في حين يشير الواقع إلى أن الباب الرابع من الميزانية الخاصة بالمشروعات تراجع عن العام الماضي بـ9.9 في المئة، ما يشير إلى أن خطة التنمية تستهدف شيئا والميزانية تحقق هدفا آخر.

ما نحتاجه أيضا هو فصل خطة التنمية ومستهدفاتها عن مشاريع البنية التحتية والتركيز على معالجة الخلل في الإيرادات، من حيث طغيان الإيرادات النفطية على غير النفطية واختلالات سوق العمل والتركيبة السكانية، إضافة إلى ضآلة الإنفاق الاستثماري في الميزانية، فهذا الفصل سيبين أداء الحكومة في كل محور، لاسيما أن البنية التحتية في الكويت غالباً لا تخدم الإيرادات غير النفطية أو تساعد على توفير العمالة الوطنية، وإن كانت تصب في مصلحة الإنفاق الاستثماري.

كذلك مطلوب تقديم بيان ربع سنوي يتضمن ما تم إنجازه، ومقارنة المنجز بما تم التعهد به لاستعراض الخطوات والمعوقات خلال الفترة محل الإفصاح، مع بيان التكاليف المالية، الأمر الذي يعطينا أداء أفضل خصوصا إذا كانت هناك استفادة فعلية من درس فشل خطة التنمية الأولى التي نعتها الحكومة بعد 4 سنوات من التطبيق!

أزمة إدارة

المشكلة أن الإدارة المطلوب منها كل أوجه الإصلاح أعلاه هي ذاتها التي تتعثر في ملف مصيري كإعادة هيكلة أسعار الرسوم والخدمات، بعد أن غرقت في «شبر ديزل» عندما رفعت سعر هذه السلعة ولم تعرف كيف تتوسع في إعادة التسعير لسلع أخرى، وهي التي لا تعرف حتى اليوم إن كانت ستمتلك الخطوط الجوية الكويتية أم ستخصصها، وهي أيضا التي تتعثر في الخروج من أزمة خلافات قيادات القطاع النفطي رغم كل التدمير الذي انتشر في القطاع.

الحديث عن رؤية أو مشروع أو حتى خطة يتطلب أكثر بكثير من رفع الشعارات أو حتى تقديم الدراسات، فمن يتعثر في مشروع أو يفشل في خطة لسنوات متتالية لن يكون قادرا على تنفيذ الرؤية أو مشروع أكبر، خصوصا إذا كانت الإدارة التي تكرر فشلها لا تزال هي ذاتها المشرفة على التنفيذ.

back to top