أساطير الجاهلية والإسلام!

نشر في 23-06-2015
آخر تحديث 23-06-2015 | 00:01
 د.نجم عبدالكريم الأساطير الجاهلية التي لها صلة بالحقب السابقة لظهور الإسلام - أي أساطير - الخلق، وصورة الكون، والكواكب، والطبيعة، من معدن ونبات وحيوان، والتصورات الخرافية عن الكائنات اللامرئية، وأساطير البطولة.

وهناك من المستشرقين من قال: إن الإسلام قضى على كثير من مكونات العالم الأسطوري العربي القديم!... وهناك من قال: إن العرب يفتقرون إلى الخيال الإبداعي!

لكن هل تمت - فعلاً - قطيعة بين الفكر الأسطوري قبل ظهور الإسلام وبعده؟!... من حيث تصور الجاهليين للكون، وتقديس بعض مظاهره، بكواكبه وعناصره وحيواناته وما يحتويه من قصص خرافية: كالغول، والسعلاة، وأبطالها الذين يحاربونهم وينتصرون عليهم؟!

هذا التراث الأسطوري العربي الجاهلي: ألم يتسرب منه شيء ليقتحم المقدس الإسلامي؟!

ففي خضم الإقبال على تفسير القرآن وتأويله، وجمع الأحاديث، وجدنا الكثير من كتب السيرة والمغازي والأخبار والأنساب، وأيضاً كتب التاريخ والعقائد والموسوعات الأدبية والعلمية، مثل: كتاب الحيوان للجاحظ، وعجائب المخلوقات للقزويني، وحياة الحيوان الكبرى للدميري، وفي كتب الأدب وسائر الخطابات التي تدخل في تشكيل النسيج الثقافي والمعرفي، وفي تصوير علاقة الإنسان بالكون والمجتمع، قد حفلت بها تلك الكتب.

مع أن دواعي العقيدة الجديدة قد جعلت من الكُتاب المسلمين الأوائل يعرضون عن كل ما يمت إلى الوثنية وطقوسها بصلة، بل ومقاومتها قولاً وعملاً!... لكن - المسكوت عنه - يبرز في بعض الأحيان إما من خلال التلميح إليه، أو من خلال أشكال التعبير التي تنفيه وتُثبت نقيضه!

ولما نشبت الخلافات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لاسيما إثر ما أُطلق عليه "الفتنة الكبرى"، وانتقال مركز الخلافة من الحجاز إلى الكوفة، ثم إلى دمشق، فبغداد، وما صاحب كل ذلك من ظهور أحزاب دينية خوارج، مرجئة، قدرية، قرامطة، معتزلة، إلى جانب المواجهات السنية الشيعية!

ثم بروز انشقاقات تقوم على العصبية القبلية، والحرص على الأنساب، والمفاخرة بها نثراً وشعراً!

وقد تم تدوين الكثير من التاريخ من خلال مجالس وأحاديث السمر، حيث كان يمضي بعض الخلفاء ثلث الليل في الحديث عن أخبار العرب والعجم وملوكهم وسياستهم لرعيتهم، وغير ذلك من أخبار الأمم السالفة... وهم في هذا التقليد يسيرون على نهج المجتمع الجاهلي يوم كانت المنتديات فيه تتكون على شكل حلقات من الأسمار عند عرب الشمال وعرب الجنوب، وكانت الأحاديث التي تدور فيها ربما يكون لها أصل في الواقع التاريخي، ثم استحالت عند انتقالها عبر الأجيال، فإذا هي أقرب إلى الأسطورة منها إلى الواقع، وإذا هي في صورتها تلك تعبر عن مطامح وآمال جماعية ومُثل عُليا!

أعود إلى السؤال: أمام كل ما جئت عليه من إلماحات مقتضبة عن أحداث القرون الأولى للإسلام وما صاحبها من أحداث، ألم تدخل الأساطير في المقدس؟!

هذا ما سوف أجتهد في الإجابة عنه في هذه الزاوية!

back to top