الإصلاح الاقتصادي... بلا هوية

نشر في 20-09-2015 | 00:15
آخر تحديث 20-09-2015 | 00:15
No Image Caption
● خطوات الحكومة بشأنه غير واضحة وتثير شكوكاً حول مصداقية تطبيقها

● ضآلة حجم مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد أحد الاختلالات الهيكلية

● الجهات الحكومية تتسابق إلى تقديم تصورات وقرارات لسد العجز بشكل غير مترابط

● ورقة «الإصلاح» ليست «إبرة بنج» تستخدم كلما ساءت أحوال المالية العامة
أكدت مصادر مالية مطلعة أنه كلما تراجعت أسعار النفط زاد الحديث محلياً عن الإصلاح الاقتصادي بلا قرار واضح، مع زيادة شكاوى الاعتماد على مصدر وحيد للدخل دون إجراءات مناسبة.

وقالت المصادر إن الجهات الحكومية المختلفة تتسابق في مثل هذه الظروف إلى تقديم تصورات وقرارات تهدف إلى سد العجز في الميزانية بشكل غير مترابط، مما يؤكد في كل مرة أن سياسات الإصلاح الاقتصادي تسير بلا هوية، مطالبة بأن تأتي الخطوات الحكومية في هذا الملف عبر حزمة متكاملة نظراً لعدم وضوح معالمها أو انسجامها حالياً، ما يثير شكوكاً عديدة حول مصداقية تطبيقها.

ورأت أن الإصلاح الاقتصادي ليس «إبرة بنج» تستخدم كلما ساءت أحوال المالية العامة في الدولة دون أن نعرف أساس هذا الإصلاح ولا آلياته التنفيذية، لدرجة تسطيحه أحياناً بحصره في زيادة الرسوم الخدماتية على الوافدين أو رفع قيمة معاملات رسمية أو رفع القيمة الإيجارية لأراضي أملاك الدولة التي تَبين لاحقاً ضآلة حجمها في الإيرادات العامة (20 مليون دينار سنوياً) أو حتى بناء مشاريع لا توفر فرص عمل في القطاع الخاص أو تعطي عوائد غير نفطية للدولة.

وأشارت إلى أن الآلية الحالية التي تتيح لكل مؤسسة في الدولة وضع خططها غير الفنية لسداد العجز لا يمكن أن يطلق عليها «إصلاح اقتصادي»، لافتة إلى أن ضررها في المستقبل سيكون أكبر من نفعها.

وأضافت المصادر أنه لدينا تحدياً في الاقتصاد بشكل مباشر لأنه يحتاج إلى حلول جذرية على المديين المتوسط والطويل، مثلما يحتاج إلى حلول وقتية على المدى القصير، موضحة أن رفع رسوم سلعة أو خدمة معينة لا يعفي من وجوب إيجاد حلول للاختلالات الهيكلية التي يعانيها الاقتصاد كاختلال التركيبة السكانية وطغيان النفط على الإيرادات، وضآلة حجم مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، فضلاً عن أن الميزانية استهلاكية أكثر منها استثمارية.

وأكدت أن الإصلاح أعمق من مجرد اتخاذ قرارات إدارية لوقف هدر هنا أو زيادة رسوم هناك، فالمطلوب تحفيز السوق المحلي، ليكون لدينا بيئة استثمار جاذبة تمكِّن الدولة من جباية الضريبة، إلى جانب خلق فرص العمل للشباب وغير ذلك من المميزات.

واعتبرت المصادر أن خلق بيئة استثمارية جاذبة يمثل أحد أهم التحديات التي تواجه الإدارة الحكومية، فهو يعيد إلى الأذهان مثلاً مشروع تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري الذي بدأ عام 2003، مع وعود بإنجازه كاملاً عام 2035، في حين لم نرَ خلال الـ12 عاماً السابقة إلا تراجع المؤشرات التنافسية لهذا المشروع!

ولفتت إلى أن الخطورة ليست في العجز المالي، فهو عنصر متكرر في اقتصادات عدد كبير من الدول، بل الخطورة الحقيقية في آلية التعامل مع ذلك العجز أو «لنقل في المعالجات غير المكتملة واقتصارها على قرارات متفرقة»، مبينة أن الإصلاح المالي جزء من عملية إصلاح إداري واقتصادي أكبر، «وهنا يأتي التساؤل عن آليات معالجة الهدر المالي في القطاع العام لنعرف إن كانت الإيرادات المحققة من رفع الرسوم ستصب في اتجاه خدمة أهداف الاقتصاد من حيث تنمية الإيرادات غير النفطية، أم ستتسرب في اتجاه الهدر».

وأوضحت أن العجز لدينا ليس مالياً بالضرورة، بل يتراوح بين صعوبة استقطاب شركات أجنبية تدفع ضرائب للدولة وتخلق فرص عمل، وشبه استحالة استقبال مديرة لبنك عالمي إذا كان عمرها دون 40 عاماً... امتداداً إلى أن إقامة مشروع صغير لشباب كويتيين تتطلب ثلث أو نصف رأس المال كقيمة للعقار بين إيجارات و»خلوات» بأسعار عالية نتيجة لشح الأراضي المتاحة للاستثمار.

وأعربت المصادر عن خشيتها أن يؤدي ذلك العجز في بعض الأمور البسيطة إلى تخفيف درجة التفاؤل، بما يمكن أن يتحقق في التحديات الاقتصادية الكبيرة، مبينة أن الحديث عن الإصلاح الاقتصادي يأتي موسمياً ومرتبطاً بتراجع أسعار النفط، مع أنه يجب أن يكون استراتيجية عامة للدولة في زمن الرواج كذلك.

وعبرت عن أسفها لتضييع الوقت في خطط غير مترابطة بلا رؤية أو استراتيجية، الأمر الذي سيجعل الإصلاح الاقتصادي مشروعاً فاشلاً، كالعديد من المشاريع الحكومية السابقة، وهو أمر غير مقبول، خصوصا أن الوقت لا يخدمنا.

back to top