ترانيم أعرابي: «لنحيَ فقراء»

نشر في 20-10-2015
آخر تحديث 20-10-2015 | 00:04
سوء إدارة الأموال لدى كثير من الأسر في الكويت ناتج عن ضغوط خارجية من المجتمع وعادات غير حميدة، فالرواتب في مستوى جيد بالنسبة إلى دولة نفطية غنية، لكن طريقة حياتنا في الشراء والاستهلاك طريقة مقززة، والحل يكمن في تغيير تفكيرنا من استهلاكي متذمر إلى استهلاكي واعٍ كخطوة أولى.
 عبدالرحمن محمد الإبراهيم قبل أن أذهب إلى الدراسة في بريطانيا كان الغربيون بالنسبة إلي هم أهل الفن والذوق والحضارة، وقد أكون اكتسبت هذا الانطباع من مشاهدة أفلامهم أو مسلسلاتهم، لكن عندما بدأت أعيش بينهم اكتشفت أن الإعلام في الغالب لا ينقل الحقيقة إنما ينقل ما يريد!

الفقر ليس معناه ألا تجد قوت يومك فقط، فالفقر نسبي والغنى كذلك، فالفقير في الكويت لا يساوي في المعاناة فقراء الأرياف في مصر وإفريقيا أو في جنوب شرق آسيا والهند. الغني في تلك الدول ليس بالضرورة أن يكون مرتاحاً كما تعيش الطبقة المتوسطة في بلدان العالم الأول والخليج مثلاً، وأضع مثالاً ليتضح الفهم؛ من يشتغل لخدمتنا في منازلنا في الخليج هم أغنياء في قراهم، فعلى سبيل المثال: "ميري" التي كانت تعمل في المنزل عندنا صار لديها بيت، بينما آلاف الكويتيين لا يملكون بيتاً!! هل رأيتم المفارقة؟

قيمة المال عندنا مختلفة، فنحن نصرف الكثير من رواتبنا على كماليات أصبحت من الأساسيات في حياتنا، أو أننا أُجبرنا عليها مثل الهاتف والسيارة، لعدم توافر وسائل نقل محترمة، وغيرها، لكن كيف يفكر الفقير- أعني من عاش الفقر ثم انتقل للغنى- لو كان في مكاننا؟ أنا أعتقد أن أيام فقره ستكون أمام ناظريه دائماً، وسيفكر في كل خطواته حتى يضمن حياة كريمة له ولأسرته، وهذا ما نحتاجه نحن، وهو كيف يتغير تفكير الواحد منا من إنسان غير مكترث براتبه إلى فقير يفكر في خطواته.

لست متخصصاً مالياً، ولا في فن الادخار، لكنني إنسان عاش في ذات المجتمع، واكتشف أن سوء إدارة الأموال لدى كثير من الأسر ناتج عن ضغوط خارجية من المجتمع وعادات غير حميدة، فالرواتب في الكويت في مستوى جيد بالنسبة إلى دولة نفطية غنية، وأرجوكم لا تبعدوا الموضوع عن فكرته، فلست هنا أقيّم سرقات البلد والفاسدين، إنما أتكلم عن قضية تهم الإنسان لا الفساد. طريقة حياتنا في الشراء والاستهلاك طريقة مقززة، فنحن نشتري كل ما نريد متى ما نريد حتى لو لم نكن نحتاجه وإن كان بالأقساط! يحدثني دكتور في جامعة "إكستر" أن بعض رواتب الأساتذة هنا لا تتجاوز الـ١٣٠٠ دينار كويتي في ظل غلاء معيشي كبير وضرائب عالية، لكنهم يتأقلمون مع الظروف. القضية تكمن في تغيير تفكيرنا من استهلاكي متذمر إلى استهلاكي واعٍ كخطوة أولى.

وهذا لا يعني أن نعيش فقراء لا نسعى إلى تطوير حياتنا المالية، إنما علينا أن نعمل ونفكر مثل الأغنياء، خارج الكويت بالطبع، فالغني هنا ينزل بالباراشوت! إنما أعني الأغنياء الذين صنعوا مجدهم من العدم، ولعلي أحيل القارئ إلى كتاب "الأب الغني والأب الفقير" لـ"كيوساكي وليشتر"، وهو ماتع في مجاله، ويعطيك فكرة عن كيفية تفكير الأغنياء، لكن عليك أن تفكر مثل غني مسلم له مبادئ وعليه التزامات تجاه مجتمعه وأمته.

شوارد:

قد قيل: "هناك من يصنع الأشياء، وهناك من يشاهد من يصنعون هذه الأشياء، وهناك من يشاهد هذه الأشياء، ولربما يتساءل: ما هذه الأشياء" فأيهم أنت؟!

back to top