خاص

الحجي لـ الجريدة•: من مصلحة دول الخليج خفض إنتاج النفط الآن ورفع سعر البرميل إلى 75 دولاراً

توقَّع ارتفاع الأسعار خلال العامين المقبلين لانخفاض استثمارات الصناعات النفطية

نشر في 12-07-2016
آخر تحديث 12-07-2016 | 00:15
No Image Caption
قال الأكاديمي والخبير في شؤون النفط د. أنس الحجي إن من مصلحة دول الخليج أن ينمو الإنتاج خارج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بشكل يتماشى مع نمو الطلب العالمي على النفط، مؤكداً أن المصلحة تقتضي تخفيض الإنتاج الآن ورفع الأسعار، ثم زيادة الإنتاج عندما تصل الأسعار إلى 75 دولاراً للبرميل لمنعها من الارتفاع فوق ذلك الحد. وتوقع الحجي، في حوار مع «الجريدة»، أن ترتفع أسعار النفط إلى مستويات عالية خلال العامين المقبلين، بسبب الانخفاض الكبير في الاستثمارات في جميع أنحاء صناعة النفط العالمية، مشيراً إلى أن هذا الارتفاع ليس في مصلحة دول الخليج. وأكد أن السعودية ستظل اللاعب الرئيسي في السوق النفطي، وليس مهماً مشاركة دول أوبك وغيرها في تخفيض الإنتاج، لأن هذه الدول لن تخفض الإنتاج حتى لو وافقت على ذلك، لأنها دائما تنتج بطاقتها القصوى. وأشار إلى أن أسعار النفط المرتفعة تعزز «الجدوى» ولكن على المدى القصير، وربما المتوسط، ولكنها غير مجدية على المدى الطويل لأنها ترفع من مستوى الاستثمارات فوق المطلوب في دول خارج السعودية، فيزيد إنتاج النفط بشكل كبير... وإليكم تفاصيل الحوار:

* في البداية، ما توقعاتكم لأسعار النفط؟

- أتوقع أن ترتفع أسعار النفط إلى مستويات عالية خلال العامين المقبلين بسبب الانخفاض الكبير في الاستثمارات، في جميع أنحاء صناعة النفط العالمية، وهذا ليس في مصلح دول الخليج، ومن الضروري رفع أسعار النفط بسرعة إلى ما بين ستين وسبعين دولارا للبرميل حتى يتم ضخ بعض الاستثمارات التي قد تسهم في منع أسعار النفط من الوصول إلى 100 دولار للبرميل.

كما أن من مصلحة دول الخليج أن ينمو الإنتاج خارج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بشكل يتماشى مع نمو الطلب العالمي على النفط، حيث إن إنتاج النفط الأميركي لن يبدأ بالارتفاع مرة أخرى بشكل ملحوظ إلا إذا تجاوزت الأسعار 75 دولارا للبرميل، لذا تقتضي المصلحة تخفيض الإنتاج الآن ورفع الأسعار، ثم زيادة الإنتاج عندما تصل الأسعار إلى 75 دولارا للبرميل لمنعها من الارتفاع فوق ذلك الحد. وهذا السعر يحقق إيرادات مجزية ومستمرة ومستقرة، وعندها يمكن الاستثمار في العقول، فالعقول تبقى، وإيرادات النفط لا تبقى.

السعر العادل

* كثيراً ما يتم تداول مصطلح "السعر العادل" للنفط فما السعر العادل وكيف يتحقق؟

- السعر العادل له عدة خصائص، أهمها أن يضمن عائداً مجزياً ومستمراً ومستقراً للدول المنتجة، فتحقيق التوازن بين هذه الصفات لا يمكن أن يتحقق في سوق حرة، وهذا يعني بالضرورة إدارة السعودية ودول الخليج للسوق بشكل استباقي وتخفيض الإنتاج حاليا وزيادته في المستقبل لمنع أسعار النفط من الارتفاع، لأن هذا يهدد الاستمرارية والاستقرار.

والكل يعلم أن السعودية ستظل اللاعب الرئيسي في السوق، وليس مهماً مشاركة دول أوبك وغيرها في تخفيض الإنتاج، لأن هذه الدول لن تخفض الإنتاج حتى لو وافقت على ذلك، لأنها دائما تنتج بطاقتها القصوى.

وقد تلقى فكرة تخفيض الإنتاج ورفع الأسعار ارتياحا من شريحة كبيرة، ولكن البعض يرى أن فكرة زيادة الإنتاج فيما بعد لكبح جماح الأسعار غير مقبولة، ويرون أنه يجب تخفيض الإنتاج بكميات كبيرة ورفع الأسعار إلى أعلى ما يمكن بحجة أن منع الأسعار من الارتفاع هو خدمة للدول المستهلكة التي لا تهتم إلا بنفسها، وأنه يجب إبقاء النفط في الأرض للأجيال القادمة.

* يرى البعض أن السعر المرتفع للنفط غير مجدٍ للمنتج والمستهلك، فما هو تعليقكم؟

- أسعار النفط المرتفعة تعزز "الجدوى"، ولكن على المدى القصير، وربما المتوسط، ولكنها غير مجدية على المدى الطويل لأنها ترفع من مستوى الاستثمارات فوق المطلوب في دول خارج السعودية فيزيد إنتاج النفط بشكل كبير. أسعار النفط العالية لا تضمن "الاستمرارية" و"الاستقرار"، وأكبر دليل على ذلك ما حصل في العامين الأخيرين، وما نراه الآن.

الطلب سيستمر

* وما توقعاتكم للطلب على النفط؟ وهل تساهم الاسعار المنخفضة في الطلب المستمر عليه؟

- فكرة أن الطلب على النفط سيستمر مهما يكن السعر غير صحيحة، والأدلة التاريخية من مختلف أنحاء العالم كثيرة. وقد كان العالم محظوظا لأن ارتفاع أسعار النفط لم يؤثر سلباً في اقتصادات الدول المستهلكة، خاصة بين عامي 2004 و2008، وهي فترة نادرة في التاريخ، وسبب ندرتها أنها المرة الوحيدة التي ارتفعت فيها أسعار النفط ومعدلات النمو الاقتصادي والإنفاق الحكومي ودخل الفرد في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار الفائدة والدولار الأميركي، بينما نجد أنه في فترات أخرى أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تدهور النمو الاقتصادي، وارتفاع أسعار الفائدة، وارتفاع نسب التضخم في الدول المستهلكة للنفط، والتي انعكست سلباً على دول الخليج في عدة مجالات. كما أن الذين ينادون بتخفيض إنتاج النفط بكميات كبيرة ورفع الأسعار إلى أعلى ما يمكن يجهلون أمراً هاماً وهو ارتفاع مستويات التضخم في جميع دول العالم.

ولو نظرنا إلى كل توقعات الطلب على النفط على المدى البعيد خلال السنوات الخمسين الماضية نجد أن الطلب الفعلي كان أقل من المتوقع بكثير. أما إذا نظرنا إلى الموضوع من وجهة التطور التقني فإن كل ما علينا تصوره هو انتشار السيارات الكهربائية أو العاملة بخلايا الوقود، في ظل عالم يغرق بالغاز الطبيعي، لندرك أن استمرارية الطلب على النفط هي كل ما تطلبه الأجيال القادمة في الخليج.

آثار إيجابية وأخرى سلبية

* ما آثار ارتفاع وانخفاض النفط على دول الخليج؟

- إن الأثر الأساسي لارتفاع أسعار النفط على دول أوبك والخليج، يتمثل في أن حدّة الخلاف بين هذه الدول ستنخفض، أن الأثر السلبي لانخفاض الأسعار في دول الخليج أكبر بكثير مما يمكن تعويضه بسعر 50 دولارًا للبرميل، وأتوقع أن يستمر العجز في الموازنات، وأن تستمر عمليات التقشف وتباطؤ معدلات النمو الاقتصادي.

كما أن دول الخليج ستستمر في السحب من الاحتياطيات النقدية والاستدانة، ولن تتوقف عن السحب من الاحتياطيات النقدية والاستدانة إلا عند بلوغ أسعار النفط مستوى 75 دولارًا للبرميل أو أكثر.

السعودية اللاعب الرئيسي في السوق وليس مهماً مشاركة دول أوبك في التخفيض

أسعار البترول المرتفعة تعزز الجدوى على المديين القصير والمتوسط وغير مجدية على المدى الطويل
back to top