العراق: مواجهة سليماني صعبة والتصالح معه أصعب

نشر في 10-11-2015
آخر تحديث 10-11-2015 | 00:09
No Image Caption
ينهمك طرفا الصراع داخل البيت الشيعي العراقي في إحصاء البنادق وتتبع العثرات والسقطات للخصوم، في مستوى من التوتر غير مسبوق منذ سقوط صدام حسين.

ورئيس الحكومة السابق نوري المالكي، الذي بات ممثلاً لجناح التشدد الإيراني في العراق، مصمم على أن يستمر في تهديد الحكومة بمسلحيه، وباعتراضه المتواصل على النظام السياسي برمته وسخريته من سيناريوهات الحوار الداخلي، تأليباً لمسلحي الميليشيات والجمهور، وسط مخاوف من حصول فوضى وأعمال شغب مع تأخر الحكومة المتزايد في دفع المرتبات، تأثراً بالانخفاض في أسعار النفط.

وشعر فريق المالكي بالسعادة حين أخفق رئيس الحكومة حيدر العبادي في لقاء المرجع علي السيستاني في النجف نهار السبت، ما يمكن أن يعتبر إشارة إلى غضب الحوزة على الحكومة. إلا أن أنصار الحكومة ردوا بالقول إن ممثل المرجع، قبل يوم واحد من تلك الحادثة، اغتنم خطبة الجمعة، وطلب من البرلمان دعم العبادي، وعدم التذرع بالدستور لعرقلته، وليس من عادة السيستاني أن يغيّر رأيه في يوم وليلة، كما أنه حين يريد أن يقاطع الساسة يطلب من كل مساعديه أن يقاطعوهم، بينما جرى استقبال العبادي من قبل المساعدين الثلاثة للسيستاني، آيات الله الحكيم، والنجفي، والفياض.

وفي هذا الإطار، حرص زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، على استقبال العبادي في النجف، واستخدم أمام الكاميرات عبارات واضحة التأييد للعبادي، في رسالة واضحة إلى الجناح المتشدد في العراق وإيران.

وينقسم البيت الشيعي كما يبدو حالياً، إلى فريق يدعو إلى «قص أجنحة» المالكي، وتقييد نفوذ جنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني، لردع هؤلاء عن مواصلة التلويح بالانقلاب على النظام كما فعلوا طوال شهور، خصوصاً عبر ممثليهم في الميليشيات المسلحة الكبيرة والصغيرة الملتفة حولهم. ويريد هذا الفريق إجراءات حكومية تقيد النفوذ المالي للمالكي، وتقيد الحركة العسكرية للميليشيات.

أما الطرف الآخر في البيت الشيعي فيعتقد أنه من غير الممكن تصفية المالكي وأتباع سليماني، لأنهم قوة عسكرية لن يقف في وجهها الجيش ولا الميليشيات الموالية لجناح المعتدلين مثل عمار الحكيم ومقتدى الصدر، إذ إن اندلاع نزاع سيجعل إيران تدعم جناح المالكي وحلفائه بقوة، لذلك فإنه من المهم الحوار معهم للتوصل إلى تسوية، ومنح زعماء الميليشيات وحلفاء المالكي مناصب حكومية وامتيازات وضمانات سياسية بعدم التعرض لهم.

ويرد هؤلاء بأن التصالح مع المالكي غير ممكن، لأنه وصل إلى مرحلة تستوجب الحجر السياسي، ولو كان يمكن التصالح معه لحصل ذلك حين كان في السلطة، وبدأ في اعتماد سياسات عنفية منذ عام ٢٠١٢ حتى حرمانه من منصبه العام الماضي. كما أن ميليشيات سليماني لن تقبل بجزء من الدولة، وهدفها النظام برمته، وهي تتوعد أنصار الحوار مع السنة والأكراد، وتطلب اتخاذ مواقف عدائية ضد دول الجوار السنية، ما سيعني أنها ستخرب السياسة الداخلية والعلاقات مع المحيط الإقليمي، فضلاً عن الشراكة مع واشنطن.

ويذهب آخرون إلى ضرورة انطلاق حوار عراقي مع الإيرانيين أنفسهم، حول قواعد لعبة سليماني، قائلين إن عراقاً فاشلاً ومتناحراً سيكون عبئاً على الأمن القومي الإيراني، وإن على بغداد استغلال هذه الورقة بذكاء لتطويق الخطر، لكن هذه الخطوة تتطلب تماسكاً داخلياً أكثر وضمانات إقليمية مع العرب، لجعل العراقيين أقدر على إثارة القضية بشكل مفيد، فيما يبدو خلطة توقيتات سيئة تواجه حكومة حيدر العبادي وحلفائه من النجف حتى واشنطن.

back to top