التشرُّد مُعالجاً في Shelter

نشر في 03-12-2015 | 00:01
آخر تحديث 03-12-2015 | 00:01
كان زوجان مشردان يعيشان في الشارع أمام شقة بول بيتاني في تريبيكا، التي يبلغ ثمنها 6.9 ملايين دولار، وكانا ينامان تحت قطع بلاستيكية شفافة. اعتاد هذا الممثل المرور قربهما خلال أيام الأسبوع عندما كان يرافق أولاده إلى المدرسة. وكان الجميع يتبادلون عبارات ترحيب غريبة. وكان أحياناً يعطيهما مالاً.
ولكن بعد فترة، قل الحديث بينهم. يقر بيتاني: {أخجل من أنني توقفت بمرور الوقت عن التكلم معهما}.

حلّ بعد ذلك إعصار ساندي، واضطر هو وزوجته الممثلة جنيفر كونيلي وأولادهم الثلاثة إلى مغادرة المدينة. وبعد عبور العاصفة، عاد ليرى أن الزوجين المشردين اختفيا. لم يستطع الكف عن التفكير فيهما. فهل حالفهما الحظ أم لا؟ وهل كان بإمكانه الحؤول دون اختفائهما؟

بدأ الممثل البريطاني بول بيتاني يكتب نصه الأول Shelter عن مدمن مخدرات أرمل ومهاجرة نيجيرية يقعان في الحب ويبدآن بتحسين حياتهما. ويسم هذا الفيلم أيضاً، الذي أنزله موزع الأفلام المستقلة الصغير Screen Medial Films إلى بعض دور العرض في الولايات المتحدة، فضلاً عن أنه متوافر كفيديو عند الطلب، بداية بيتاني في عالم الإخراج.

أمضى بيتاني (44 سنة) عقدين في عالم التمثيل مع أفلام مثل A Beautiful Mind، Master and Commander،

وWimbledon، مع أنه استحوذ أخيراً على اهتمام كبير في دور الآلي الطائر الخارق Vision في سلسلتي The Avengers

وCaptain America.

لكن صناعة الأفلام كانت تشده دوماً. يخبر بيتاني أنه اعتاد، حين كان ممثلاً شاباً، أن يطرح على فريق العمل أسئلة كثيرة مثل: {ماذا تفعلون بعدسة التركيز؟} أو {لمَ يكون هامش الخطأ أقل حين يكون الضوء خافتاً؟}.

رغم ذلك، ما كان واثقاً من أن سنوات المراقبة هذه تؤهله لإعداد فيلم. لكن رون هوارد، الذي أخرج اثنين من أفلام بيتاني وكان يعرف أن هذا الممثل يتوقف للوقوف وراء الكاميرا، سأله في النهاية عن سبب كل هذا الانتظار.

أجاب بيتاني هوارد: {أنتظر أن يطلعني أحد على هذا السر؟}. فسأله رون: {عن أي سر تتكلم؟ ما من أسرار. وإن كان ثمة سر، فهو أن لا أسرار. عليك بكل بساطة أن تبدأ العمل وتقترف الأخطأ لتتقن هذا الفن}.

حصل بيتاني على تمويل بقيمة مليون دولار، طلب من زوجته مشاركة ممثل أفلام Avengers أنتوني ماكي في دوري البطولة، وانتهى من تصوير الفيلم في 21 يوماً. كان بيتاني في البداية متردداً في الطلب من كونيلي التمثيل في فيلمه، لكن اسمها ساهم في جمع المال. يقول: {إن كانت ممثلة حائزة جائزة أوسكار تعيش معك في المنزل، فحري بك أن تطلب مساعدتها}.

عُرض Shelter للمرة الأولى في مهرجان تورنتو السينمائي عام 2014.

رغم ذلك، لم يتعاطَ النقاد برفق مع فيلم بيتاني، الذي يشكل نظرة قاتمة إلى حياة زوجين يحاولان مواجهة الأعاصير والأمراض، فيما ينامان على إسمنت الأرصفة البارد. فقد أشارت مراجعة في The Times: {تبدو هذه القصة على الشاشة أشبه بتفسير ساذج لتجربة التشرد يقدمه شخص أكثر حظوة}. ولم يكن نقد New York Times أقل قسوة. فقد جاء فيه: {يصب نص بيتاني غير الواضح وغير المقنع كل اهتمامه على المجاذفات غير العادلة، بدل أن يتناول بجدية أكبر الأزمات التي يدعي أنه يصورها}.

لكن بيتاني يصر على أنه حرص على نقل تجربة تشرد واقعية. فعندما كان في عشرينياته في لندن، عمل كعازف في الشارع، وكان يعتبر عدداً من المشردين من أصدقائه، على حد قوله. وعندما بدأ يجري الأبحاث لكتابة Shelter، عمل مع جمعية {اتحاد التشرد}. فقدّم الوجبات للمشردين وأمضى الوقت في الملاجئ المخصصة لهم.

صحيح أن لفيلم Shelter عدداً كبيراً من المنتقدين، إلا أن هوارد أعرب عن إعجابه بعمل بيتاني، قائلاً إن الفيلم {أثر فيه}.

قال المخرج عبر الهاتف: «ظننت أن Shelter جريء، قوي، وفاعل. بالإضافة إلى ذلك، كلما عمل الرجل وزوجته معاً في أوضاع عصيبة، تأمل أن تخرج علاقتهما سليمة من هذه المحنة لأن المخاطر تكون عالية ومزعزِعة. يشكل الفيلم شهادة على العلاقة التي نجحا في بنائها رغم كل الصعوبات}.

يؤكد بيتاني أنه يود العمل مجدداً في مجال الإخراج، مع أنه لا ينوي التقاعد من عالم التمثيل. وقد صور ثلاثة أفلام منذ إنهائه Shelter، بما فيها الجزء الثالث من سلسلة Captain America، الذي يجمعه مجدداً بماكي. في موقع تصوير شركة Marvel، يعرب ماكي عن تفاجئه من مدى اختلاف شخصية بيتاني كممثل.

يوضح ماكي: {يعجز ممثلون كثر عن العودة إلى التمثيل بعد العمل في الإخراج. يكونون قد أخرجوا إعلاناً، وفجأة تسمعهم يقولون: لا أعتقد أن هذا الخيار منطقي بالنسبة إلي. لكن بول لم يشكك في آراء القيمين على العمل}.

من الأسباب التي دفعت بيتاني إلى إعداد Shelter رغبته في خوض تجربة أكثر تفاعلاً في موقع التصوير. فقد سئم من الحضور إلى موقع التصوير ليُخبروه أين عليه أن يقف ويتلو دوره كما لو أنه تلميذ مجتهد.

يسأل بيتاني: {أفكر: لمَ يحتاجون إلي؟ وماذا أقدّم حقاً؟ هل يقتصر عملي على جعل الحوار يبدو واقعياً ونقل نوع من المشاعر الغامضة؟ أفتقد إلى الطريقة التقليدية في التمثيل التي ما كانت تتعاطى مع الممثل كما لو أنه ولد. قد يكون الممثلون أشخاصاً سطحيين متكبرين، إلا أنهم قد يبرعون أيضاً في سرد القصص وتصوير الواقع}.

back to top