الدول الخليجية تشرع في اجراءات تقشف بمواجهة أسعار النفط المنخفضة

نشر في 25-11-2015 | 14:17
آخر تحديث 25-11-2015 | 14:17
No Image Caption
شرعت دول الخليج في اجراءات تقشف تشمل الحد من النفقات بهدف مواجهة انخفاض أسعار النفط، مرفقة إيّاها بخطوات لزيادة مداخيلها غير النفطية وخفض الدعم على المشتقات النفطية، في إجراءات يرى محللون أنها على أهميتها، لا تزال دون المطلوب.

ومن المتوقع أن تسجل دول مجلس التعاون الخليجي التي تُعد من أبرز مصدري النفط في العالم وتعتمد عليه موازناتها بشكل كبير، عجزاً يبلغ 180 مليار دولار في 2015، مع ترجيح بأن يستمر شح ايرادات النفط أعواماً، وذلك بعدما وفّرت لها أسعار النفط المرتفعة فائضاً في موازاناتها السنوية طوال العقد الفائت.

وتوقعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد خلال لقائها مسؤولين من دول المجلس في الدوحة هذا الشهر، أن تبقى أسعار النفط على مستوياتها المتدنية لسنوات، داعية هذه الدول إلى اتخاذ اجراءات لمواجهة هذا الواقع وتنويع مصادر دخلها.

وبحسب احصاءات صندوق النقد، تراجع فائض موازنات دول المجلس (السعودية، الامارات، قطر، الكويت، البحرين، وعمان)، من 182 مليار دولار في 2013، إلى 24 ملياراً فقط في 2014، وسجلت السعودية والبحرين وعمان عجزاً في موازنة 2014 للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية في 2009.

وفقد برميل النفط أكثر من خمسين بالمئة من سعره منذ منتصف 2014، ما قد يحرم دول الخليج مداخيل تقدر بـ 275 مليار دولار، بحسب صندوق النقد.

ونصح صندوق النقد دول الخليج التي حققت خلال العقد الماضي فائضاً في موازنتها بلغ 2.7 تريليون دولار، باتباع منهج تدريجي لتطبيق الإصلاحات المالية وتنويع مصادر الدخل.

ويرجح صندوق النقد والبنك الدولي أن الكلفة المباشرة لدعم أسعار الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت ستين مليار دولار العام الماضي، وترتفع هذه الكلفة إلى 175 ملياراً في حال أضيفت إليها تكاليف أخرى مرتبطة بالبيئة والبنى التحتية والاستهلاك.

وبادرت الإمارات إلى تطبيق خطوات إصلاحية في يونيو، عبر تحرير أسعار الوقود ورفع تعرفة الكهرباء في أبوظبي، في ما يتوقع أن يوفّر مئات مليارات الدولارات.

كما خصصت الإمارات التي يُعد اقتصادها الأكثر تنوعاً لجهة مصادر الدخل بين الدول الخليجية، ثمانين مليار دولار لمشاريع غير مرتبطة بالنفط.

أما الكويت فبدأت ببيع بعض مشتقات النفط بأسعار السوق منذ مطلع 2015، وخفضت الأنفاق بنسبة 17 بالمئة، وهي في طور زيادة أسعار الوقود وسعر المياه والكهرباء.

وتبحث السعودية في إرجاء المشاريع "غير الضرورية" ودراسة إصلاحات في مجال دعم أسعار مواد الطاقة، ويعد سعر الوقود في المملكة من الأدنى عالمياً.

أما قطر الغنية بالغاز، وعمان والبحرين، فأعلنت أنها في طور دراسة اجراءات لتقليص الأنفاق وخفض الدعم.

ويبلغ انتاج هذه الدول التي يُقيم فيها قرابة خمسين مليون شخص نصفهم من الأجانب، نحو 18 مليون برميل من النفط يومياً، وكان انفاق هذه الدول بلغ بين 2008 و2013 قرابة 550 مليار دولار سنوياً، بحسب صندوق النقد.

وفي دول يشكل النفط أبرز مداخيلها، بات سعر البرميل المطلوب لتأمين التوازن بين الإيرادات والنفقات، 106 دولارات بالنسبة إلى السعودية مثلاً، بينما كان السعر المطلوب قبل أعوام سبعين دولاراً، علماً أن السعر الحالي للبرميل هو دون الخمسين دولاراً.

ورغم أن الاجراءات لا تزال في مراحلها الأولى، يرى محللون أن تطبيقها لن يكون سهلاً في دول اعتادت توفير الرعاية الاجتماعية، مؤكدين على ضرورة أن تكون أعمق وأكثر استدامة.

ويقول رئيس البحث الاقتصادي في مركز الكويت المالي (مركز) ام. ار. راغو لوكالة فرانس برس "حجم المشكلة أكبر هذه المرة لأن الإعانات المالية (الدعم) والأجور زادت بشكل هائل في الأعوام الماضية، وتشكل حالياً تسعين بالمئة من الانفاق الحكومي".

ويضيف "لا يمكنهم التراجع عن الأجور لأن الموضوع دقيق جداً".

ويعتبر كبير اقتصاديي البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا شانتا ديفارايان أن "هذه فقط البداية، الخطوات يجب أن تركز على الاصلاحات والبطالة والتنويع"، يضيف "ثمة حاجة إلى خطوات كثيرة".

وسبق لصندوق النقد الدولي أن شدد على ضرورة أن تتضمن الإصلاحات توفيراً شاملاً في الطاقة وتعديلات في الأسعار، وزيادة في العائدات غير النفطية، وإعادة تقييم رأس المال والانفاق وتقليص فاتورة الأجور، كما حذّرت دراسات اقتصادية من أن عدم تنفيذ دول الخليج لهذه الخطوات، قد يضطرها إلى ارجاء أو الغاء مشاريع حيوية.

ورأت وكالة "ستاندرد اند بورز" للتصنيف في تقرير حديث أنه "كلما طال أمد بقاء أسعار النفط عند مستواياتها المنخفضة الراهنة، كلما زاد ترجيح ارجاء أو الغاء مشاريع بنى تحتية إضافية".

أما صندوق النقد فحذّر من أن السعودية والبحرين قد تستنفدان احتياطاتهما في أقل من خمس سنوات إذا فشلتا بتنفيذ اجراءات التقشف.

وبحسب مكتب الشال للدراسات الاقتصادية في الكويت، "المعيار الحقيقي هو اعتماد مبدأ الاستدامة"، وذلك "لن يتحقق دون جراحة حقيقية... أي التركيز على مواقع الهدر والفساد".

ويرى المحللون أن على دول الخليج ادراك أن النفط لن يعود إلى سابق عهده.

ويقول راغو "على دول مجلس التعاون الخليجي أن تكون جادة هذه المرة، أيام برميل النفط المسعر بمئة دولار مضت إلى غير رجعة، وعليها أن تتأقلم مع سعر 40-50 دولاراً".

back to top