انتقادات غير مسبوقة لـ«حشد سليماني» في بغداد

نشر في 15-09-2015 | 00:01
آخر تحديث 15-09-2015 | 00:01
المواجهة التي لم تعد سراً بين بغداد ومتشددي طهران، على خلفية الاحتجاج الشعبي والإصلاحات الحكومية، بدأت تعبر عن نفسها بطرق كثيرة، فالجمهور أخذ يترجم الخلاف الواضح بين مرجعية النجف الدينية، وكل المقربين على طهران، إلى أول اعتراض علني وواسع على سلوك القسم المقرب من حرس الثورة الإيراني داخل قوات الحشد الشعبي.

ويمكن لمن يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أن يلاحظ بوضوح أشكال الاعتراض على "حشد سليماني" نسبة إلى الجنرال قاسم سليماني الضابط الأكثر نفوذاً في حرس الثورة، وأنه ينطلق من الناشطين أنفسهم الذين كانوا يؤيدون الحشد الشعبي في الأشهر الماضية، ويرفضون مساءلته.

وجاء أول نماذج الاعتراض الشعبي على الحشد، بعد المواجهة المسلحة النادرة بين الجيش وكتائب حزب الله المقربة من طهران، في شارع فلسطين ببغداد، وسقط فيها ضحايا من الطرفين، ففضل الجيش الانسحاب وأحجم عن اقتحام مقرات الميليشيا المعروفة.

وتأتي موجة الانتقادات الشعبية لتؤيد الجيش ضد الحشد، مع فرز شعبي واضح للفصائل التي تعلن ولاءها للمرجع علي السيستاني ومعه مقتدى الصدر وعمار الحكيم وعوائل دينية أخرى، بينما يقف في الجانب الآخر أتباع نوري المالكي والمرتبطون بنحو وثيق بطهران.

وبدأ جنود بتوجيه رسائل مصورة بالفيديو عبر فيسبوك يسخرون فيها من الفصائل الموالية لإيران، وفي أحد المقاطع يبدو جندي وهو يجلس في الصحراء ويطلق الرصاص، ويأخذ بالسخرية من شعار "إلا طحين" الذي كان لافتة شبه مقدسة يرفعها أنصار الميليشيات، ولا يمكن المساس بها حتى قبل بضعة أسابيع.

والأكثر إثارة أن متطوعين في الحشد وجهوا كذلك رسائل فيديو تشرح كيف تأخرت مرتباتهم لثلاثة شهور، وكيف يتعاملون مع نقص فادح في الإمدادات والذخيرة، حيث يتهمون قادة الفصائل الموالية لإيران، باختلاس مبالغ مالية ضخمة مخصصة للمتطوعين، كما في تسجيل جرى تداوله أخيراً، يبدو فيه متطوع في عقده الرابع، وهو يتحدث بإنفعال بين عشرات آخرين، قائلاً إن أحد زعماء الميليشيات المقربين لنوري المالكي رئيس الحكومة السابق، يتسلم مرتبات ألفي متطوع، بينما لا ينشر على خطوط التماس سوى 400 مقاتل، يواجهون صعوبة في صد عناصر "داعش"، ويشكون نقص ذخيرة فادحاً.

مجمل هذه المؤشرات من شأنها أن تبلور مطالبة شعبية بدمج الميليشيات بمؤسسات وزارة الدفاع كي تتخلى عن صفتها المستقلة، وتعود الى سيطرة الدولة، وهي الخطوة التي تتحفظ طهران عليها، إذ تريد دفع الأمور نحو ظهور "الحشد الشعبي" كسلطة شبه مستقلة يقودها مقربون من طهران، تشبه في استقلالها مؤسسة الحرس الثوري الإسلامي، التي تمثل في إيران قوة اقتصادية وسياسية كبرى قبل أن تكون تشكيلاً عسكرياً.

وكما في مجمل تطورات الشهر الأخير، فإن إشارات عديدة تكشف أن المناطق الشيعية في العراق تعيش "موجة وطنية" مناهضة لتضخم نفوذ إيران العسكري في العراق، ومطالبات بتصحيح العلاقة بين الجانبين.

back to top