هل تستمر مرحلة «التوعك» الاقتصادي العالمي؟

نشر في 06-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 06-01-2016 | 00:01
No Image Caption
على الرغم من اعتبار مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أداء الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن "مقبولا"، فإن آخرين أبدوا تشاؤمهم العميق، معتقدين أن الاقتصاد قد ينزلق إلى مرحلة الانكماش أو على الأقل الركود فترة طويلة.

أكد تقرير نشره موقع "بروجيكت سنديكيت" أن عام 2015 كان صعبا على كل الاقتصادات العالمية، مع سقوط البرازيل في فخ الركود، وتباطؤ الاقتصاد الصيني بعد 4 عقود من النمو القوي.

وأشار الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، جوزيف ستيغليتز، إلى أنه رغم نجاح منطقة اليورو في تفادي الانهيار جراء الأزمة اليونانية، فإنها استمرت في مرحلة "شبه الركود"، في حين شهدت الولايات المتحدة "انتعاشا معتدلا"، رغم التوقعات الأكثر تفاؤلا بنهاية تامة للكساد الكبير.

ومع اعتبار مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أن أداء الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن يعتبر "مقبولا"، فإن آخرين أبدوا تشاؤمهم العميق، معتقدين أن الاقتصاد قد ينزلق إلى مرحلة الانكماش أو على الأقل الركود فترة طويلة.

تراجع الطلب الكلي

- حذر كاتب التحليل في عام 2010 في كتابه "السقوط الحر" من أنه من دون ردود الأفعال المناسبة فإن العالم قد يمر بما سماه "التوعك العظيم"، مبديا اعتقادا بأن الواقع الحالي يشير إلى حدوث هذه المخاوف.

- يعاني العالم تراجعا في الطلب الكلي، بفعل مزيد من عدم المساواة في المداخيل، وموجة متصاعدة من التدابير التقشفية المالية.

- ينفق أصحاب الدخول الأعلى أموالا أقل بكثير من هؤلاء الذين في أدنى قائمة الدخل، وهو ما أسفر عن تراجع الطلب، كما أن دولا مثل ألمانيا التي تحافظ دوما على الفوائض الخارجية تساهم إلى حد كبير في مشكلة عدم كفاية الطلب العالمي.

- تعاني الولايات المتحدة تقشفا ماليا أقل وطأة من نظيره في أوروبا، ومع حقيقة أن القطاع الخاص يوظف حاليا أشخاصا أقل بنحو 500 ألف عامل مقارنة بما قبل الأزمة المالية العالمية، فإنه مع نمو الوظائف الحكومية منذ أزمة 2008 فإن هذا العدد سيرتفع بنحو مليوني عامل.

- كما يواجه العالم صعوبة الحاجة إلى التحول الهيكلي، من التصنيع إلى الخدمات في أوروبا والولايات المتحدة، ومن الاعتماد على الصادرات إلى الطلب المحلي في الصين.

- فشلت الدول المعتمدة على الموارد الطبيعية في إفريقيا وأميركا اللاتينية في الاستفادة من طفرة أسعار السلع في السنوات الماضية لخلق اقتصاد متنوع، وهو ما يهدد الآن بعواقب وخيمة مع تراجع الطلب على السلع الرئيسية.

نقص التمويل العالمي

- لم يستفد العالم من احتياجات ضخمة تتمثل في البنية التحتية، والتي كانت قادرة على امتصاص استثمارات بتريليونات الدولارات ليس فقط في العالم النامي بل في الولايات المتحدة أيضا، إضافة إلى حاجة العالم إلى تحديثات لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.

- كما أن البنوك الغربية، رغم عودتها لحالتها الطبيعية في أعقاب الأزمة المالية، لم تنجح في تحقيق الغرض الأساسي منها والمتمثل في الوساطة بين المدخرين، مع حقيقة فشلها في التعامل بنظرة طويلة الآجل مع مشروعات البنية التحتية.

- قال الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي الأميركي، بن برنانكي، من قبل إن العالم يعاني "تخمة الادخار"، إلا أن الواقع الاقتصادي يشير إلى وجود نقص في الأموال، حتى بالنسبة للمشروعات ذات العوائد الاجتماعية العالية، والتي لا تجد تمويلا كافيا في كثير من الأحيان.

حلول للأزمة العالمية؟

- يرى التقرير أن الحل الوحيد لحالة "التوعك الاقتصادي" العالمي يتمثل في ضرورة زيادة الطلب الكلي، من خلال إعادة توزيع الدخول، وتنفيذ إصلاحات عميقة للنظام المالي لدفع المؤسسات المالية للقيام بدورها المفترض.

- من الضروري أن تقوم البنوك والمؤسسات المالية الأخرى بتنسيق المدخرات طويلة الآجل مع احتياجات الاستثمار على المدى الطويل.

- تطلب بعض أكثر المشاكل العالمية استثمارات حكومية مرتفعة، خاصة في قطاعات البنية التحتية، والتعليم، والتكنولوجيا، والبيئة، إضافة إلى التحولات الهيكلية.

- تتمثل العواقب التي يواجهها الاقتصاد العالمي في السياسة والأيدولوجيات، فمع تسبب القطاع الخاص في عدم المساواة في الدخل والتدهور البيئي فإنه لن يكون قادرا على حل هذه المشكلات من تلقاء نفسه، وإنما تظهر ضرورة وجود سياسات حكومية نشطة.

 - يمكن للدول القادرة على الاقتراض بأسعار فائدة سالبة على المدى الطويل (الولايات المتحدة وألمانيا مثلا) أن تقترض للقيام بالاستثمارات التي تحتاج إليها.

- كما أن معظم الدول تشهد ارتفاعا لمعدلات العائد على الاستثمار بدرجة تفوق تكلفة التمويل، في حين يمكن للدول التي تشهد تقييدا للاقتراض أن تستند إلى زيادة الإنفاق الحكومي مع رفع الضرائب لتحفيز الاقتصاد.

- يعتقد التحليل أن عام 2016 قد يكون أفضل حالا من العام الماضي، إلا أن هذا سيكون بشكل تدريجي، مؤكدا أن "التوعك الاقتصادي العالمي" سيستمر في حال عدم حل مشكلة عدم كفاية الطلب الكلي حول العالم.

(أرقام)

back to top