تُخطّط لاستعمال حمضك النووي!

نشر في 24-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 24-07-2015 | 00:01
من بين جميع الإشاعات المتداولة حول أهم شركة في العالم، قد تكون هذه الإشاعة الأولى التي تشمل البصق في كوب!
قد يصبح جهاز {آي فون} أداة جديدة في الدراسات الجينية تمهيداً لظهور جيل جديد من التطبيقات المرتبطة بالصحة.
وفق أشخاص مطّلعين على الخطط المرتقبة، تتعاون شركة {آبل} مع الباحثين لإطلاق تطبيقات قد تمنح عدداً من أصحاب أجهزة {آي فون} فرصة اختبار حمضهم النووي.

ترتكز التطبيقات على منصة ResearchKit التي أطلقتها {آبل} في شهر مارس، وهي تساعد المستشفيات أو العلماء على إطلاق دراسات حول أجهزة {آي فون} من خلال جمع البيانات من أجهزة الاستشعار أو عبر إجراء استطلاعات. جمعت أولى خمسة تطبيقات، منها تطبيق اسمه mPower لتعقّب أعراض مرض الباركنسون، آلاف المشاركين خلال بضعة أيام، ما يشير إلى نطاق انتشار منصة {آبل}. يقول غولسون ليون، عالِم وراثة في مختبر {كولد سبرينغ هاربور} وهو لم يشارك في الدراسات: {الأمر الواضح الذي يجب فعله في المرحلة المقبلة هو جمع الحمض النووي}.

لا شك في أن حث أصحاب أجهزة {آي فون} على تقديم عينات من حمضهم النووي سيحوّل ابتكارات {آبل} إلى أدوات في المعركة المتصاعدة على المعلومات الوراثية. تأمل الجامعات وشركات التكنولوجيا مثل {غوغل} والمختبرات والحكومة الأميركية أن تجمع قواعد بيانات ضخمة من المعلومات الوراثية للكشف عن أدلة إضافية على أسباب الأمراض.

في دراستين أوليّتين يتم التخطيط لهما، لن تجمع {آبل} الحمض النووي مباشرةً أو تختبره. سيقوم شركاؤها الأكاديميون بهذه المهمة. سيحتفظ العلماء بالبيانات في سحابة محوسبة، لكن قد يظهر بعض النتائج على أجهزة المستهلكين مباشرةً. قد تتمكن يوماً من مسح شاشة هاتفك كي تتقاسم جيناتك بكل سهولة مثلما تفعل حين ترغب في تحديد موقعك.

رفضت متحدثة باسم {آبل} التعليق على الموضوع، لكن أعلن أحد الأشخاص المطلعين على الخطط اللاحقة أن هدف الشركة {تمكين الفرد من التفاعل وتقاسم المعلومات عن حمضه النووي مع متلقّين مختلفين، منهم منظمو الدراسات العلمية}. تحدث هذا الشخص، كغيره من الأفراد المطلعين على البحث، شرط عدم الإفصاح عن هويته بسبب إصرار الشركة على سرية الموضوع.

في السنة الماضية، بدأت {آبل} تتخذ الخطوات اللازمة لجعل أجهزتها ضرورية في مجال {الصحة الرقمية}. تشمل أحدث نسخة من نظام التشغيل تطبيق {الصحة} (Health) الذي يتضمن أكثر من 70 نوعاً من البيانات الصحية، بدءاً من الوزن وصولاً إلى كمية المنغنيز المستهلكة (لكن ما من فئة مخصصة للجينوم حتى الآن). دخلت {آبل} أيضاً في شراكة مع IBM لتطوير التطبيقات الصحية للممرضات والمستشفيات ولجمع البيانات الطبية أيضاً.

تشارك {آبل} الآن في إعداد دراسات أولية لجمع الحمض النووي. ستحلل إحدى الدراسات التي تنفذها جامعة كاليفورنيا- سان فرانسيسكو أسباب الولادة المبكرة من خلال جمع الاختبارات الجينية مع بيانات أخرى توفرها هواتف الأمهات المستقبليات. وسيتولى مستشفى جبل سيناء في نيويورك إجراء دراسة مختلفة. يذكر أتول بوتي، رئيس الدراسة التي تجريها جامعة كاليفورنيا – سان فرانسيسكو ورئيس {معهد العلوم الصحية المحوسبة}، أن الأسباب الوراثية للولادة المبكرة ليست مفهومة بما يكفي: {أتطلع إلى اليوم الذي نتمكن فيه من الحصول على بيانات متطورة أكثر من نشاطات الناس على الهواتف، مثل الحمض النووي والبيانات العيادية}.

اختبار جيني

للانضمام إلى إحدى الدراسات، يجب أن يوافق الشخص على الخضوع لاختبار جيني، من خلال إعادة {حزمة لعاب} إلى مختبر صادقت عليه شركة {آبل}. يُقال إن أبرز المختبرات المماثلة ستكون عبارة عن مراكز متقدمة لتجزئة الجينات تديرها جامعة كاليفورنيا- سان فرانسيسكو ومستشفى جبل سيناء.

تحلل دراسات الحمض النووي المخطط لها نحو مئة جينة مهمة من الناحية الطبية كونها ترتبط بالأمراض وليس جينوم الشخص كله. لن يكلّف كل اختبار من هذه الاختبارات المستهدفة، إذا حصلت على نطاق واسع، أكثر من بضع مئات الدولارات. مثل تطبيقات ResearchKit التي صدرت حتى الآن، ستحصل الدراسات على مصادقة شركة {آبل} و}مجلس المراجعة المؤسسية} (هيئة رقابية تقدم التوصيات للباحثين بشأن الدراسات التي تشمل متطوعين).

كان برنامج ResearchKit بقيادة ستيفن فريند الذي عمل سابقاً كمدير تنفيذي لشركة أدوية ويرأس الآن منظمة Sage Bionetworks غير الربحية التي تدافع عن الأبحاث العلمية المفتوحة. يعتبر فريند أن شركة {آبل} هي أشبه بمستشار في مجال التكنولوجيا الطبية، وهو يتطلع إلى جمع {بنك} بيانات يكون فيه الأفراد مشاركين ناشطين في الأبحاث العلمية. لكن تكمن المشكلة بحسب رأيه في ميل المستشفيات والمجموعات البحثية في {القطاع الطبي الصناعي} إلى إخفاء البيانات. في حالات كثيرة، تضطر هذه الجهات إلى فعل ذلك بموجب قوانين الخصوصية الفدرالية. لكن ما من قانون يمنع الأفراد من تقاسم المعلومات عن نفسهم. لذا يمكن تعزيز دور المرضى لأن البيانات التي يجمعها الناس أو يسيطرون عليها قد تشهد توسعاً سريعاً في التطبيقات الاستهلاكية ومختلف التقنيات وفي مجال العلوم أيضاً.

قد يحصل {مشروع المرونة} على دعم محتمل، وهو عمل مشترك بين شركة Sage Bionetworks ومستشفى جبل سيناء، يهدف إلى اكتشاف ما يجعل بعض الناس أصحاء مع أن جيناتهم تشير إلى احتمال إصابتهم بأمراض وراثية خطيرة مثل التليف الكيسي. تطلّب ذلك المشروع جمع بيانات عن الحمض النووي لدى أكثر من 500 ألف شخص. وبدءاً من السنة الماضية، رُصدت نحو 20 حالة غير مألوفة. لكن وجد {مشروع المرونة} صعوبة في التواصل مع هؤلاء الأشخاص لأن حمضهم النووي جُمع من دون الإفصاح عن هويتهم. في المقابل، قد يسهّل إشراك الناس بالمشروع عبر تطبيقات {آي فون} التواصل معهم.

إثارة الحماسة

من خلال أداء دور في الدراسات الجينية، ستنضم {آبل} إلى لائحة قصيرة من المنظمات التي تحاول إثارة حماسة الناس بشأن ما يمكن أن يفعلوه بمعلوماتهم الوراثية الخاصة. تشمل تلك المنظمات موقع علم الأنساب Ancestry.com، و}مشروع البشر المفتوح}، وشركة الاختبار 23andMe التي جمعت مواصفات الحمض النووي لدى أكثر من 900 ألف شخص ممن اشتروا {حُزَم اللعاب} مقابل 99 دولاراً.

إنه أحد أكبر بنوك البيانات الخاصة بالحمض النووي، لكن احتاجت شركة 23andMe إلى تسع سنوات لبلوغ تلك الأرقام. في المقابل، باعت {آبل} 60 مليون جهاز {آي فون} خلال أول ثلاثة أشهر فقط من هذه السنة، ما جعل مجموع المبيعات يصل إلى 750 مليون تقريباً. نظرياً، قد تتوسع دراسات الحمض النووي عبر منصة ResearchKit بشكل سريع وهائل.

لكن يبقى التعامل مع بيانات الحمض النووي شائكاً. وفي بعض الحالات، تتحكم إدارة الغذاء والدواء الأميركية بما يسمعه الناس عن هذا الموضوع.

تستعمل إحدى الدراسات التي بدأت هذه السنة في جامعة ميشيغان تطبيقاً على فيسبوك لإشراك الأفراد وتنفيذ استطلاعات مفصلة عن صحتهم وعاداتهم. في تلك الدراسة، سيتلقى المشاركون {حزمة اللعاب} قبل أن يتمكنوا من الحصول على معلومات عن الحمض النووي عبر ملف يمكن تنزيله على حواسيبهم.

مشكلة

حتى الآن، تَسجّل 4200 شخص بحسب قول غونزالو أبيكاسيس، عالِم الوراثة الذي يدير البحث. يقول إن المشروع سيخبر الناس عن أسلافهم ولكنه لن يحاول إطلاق أي توقعات صحية: {ثمة جدل حول الأمور المقبولة في دراستنا وتلك المقبولة في مجال الرعاية الصحية. قد يعرف كثيرون كيفية تفسير الحمض النووي، لكن لا نعلم بعد المعلومات التي يمكن الإفصاح عنها}.

تواجه {آبل} مشكلة متعلقة بمدى اهتمام المستهلكين بحمضهم النووي. حتى الآن، لا يستعمل معظم الناس البيانات الوراثية. يحمل البعض أفكاراً معينة في هذا المجال: تخيّل أن تتمكن من مسح جيناتك في متجر أدوية تزامناً مع شراء وصفة طبية، فتتلقى إنذاراً إذا كنت مصاباً بحساسية تجاه الدواء. أو قد يحتسب تطبيق معين مدى ارتباطك بأي شخص آخر. لكن يظن ليون، عالِم الوراثة في مختبر {كولد سبرينغ هاربور}، أن المسألة الأساسية تتعلق بمساعدة الباحثين اليوم: {هم يحتاجون إلى أشخاص يتبرعون بحمضهم النووي. تشمل إحدى الحوافز المستعملة لجذب الناس احتمال تنزيل التطبيق على الهاتف حيث يستطيعون اللعب به}.

back to top