همسات على ورق: توطين العقول... مواطنة الضمائر

نشر في 22-08-2015
آخر تحديث 22-08-2015 | 00:01
 حمدة فزاع العنزي حديث جذبني لشخصين يسيران خلفي في أحد المجمعات التجارية ونبرة التصبر تعلو آهاتهما، يقول أحدهما لصاحبه: نحن لا نختلف معهم في شيء، ترى حتى الصلاة نفس صلاتنا، فيجيبه صاحبه: صحيح لازم نكون نفس الشيء ما نحتاج نختلف لأن احنا كويتيين...

طغى علي الفضول كي أرى من يتحدث ويوعي الآخر، أهما شخصان عاديان، أم داعية يحاول توطين الوحدة في نفس أخيه؟ فكان أن رأيت الأول يرتدي لباساً شبابياً «جينز» مع قميص أبيض، والآخر يرتدي الزي الشعبي وهو الدشداشة، لكن الأجمل أنهما في مقتبل العمر ومع ذلك كان الوعي في كلامهما هو الجاذب لأن أتطفل على حديثهما... فهل بدأ الوعي بين الشباب بعد تطور الأحداث، هل بدأ الإحساس بالوطن ونبذ الفرقة والطائفية؟!

ما يجرني الحديث إليه ليس ما كان يدور بين الشابين، بل ما يدور بين كبار القوم وتقاذفهم التهم والشتائم والتعميمات التي تنال المذهبين، فكلما خرجت فئة مخربة من أحدهما قام الفريق المخالف بالتذرع والشتم و»التسقيط» والدعوة إلى إثبات الوطنية واستنكار ما قام به بعض من ينتمي إلى هذه الطائفة... عفواً ليس كل السُّنة «دواعش»، ولا كل الشيعة «إرهابيين»... لا يحق لأي منا أن يقذف ويسقط وطنية الآخر والطعن في المذاهب والازدراء من معتقدات الآخرين لأجل مجموعة فقدت جزءاً من مصداقيتها، وتعدت على القانون... فلنترك القانون لأهل القانون، ومن خالف القانون يعاقب به.

صغار السن يوحدون الفكر، وصغار العقول يستوطنون الفتن ويحاولون بثها في المجتمع من خلال وسائل التخريب والتدمير الاجتماعي... في الدول الغربية تستخدم برامج التواصل للتعرف على الأخبار والتواجد المستمر في المجتمع الذي يخص تفكير وميول كل منهم، ولكن برامجنا تستخدم للتحليل السياسي والتحكيم والنفاذ إلى الأحكام من غير الرجوع إلى القضاء والقانون... يا قوم دعوا القانون والسياسة لرجالات السياسة.

التقاذف بين أفراد الوطن الواحد بعدم الوطنية وعدم الانتماء إلى الوطن أمسى من الأمراض المزعجة في مجتمعنا، وللأسف يغذيها آخرون من الدول المجاورة بأحقادهم، فكم يسعدهم التناحر بين أطياف المجتمع الكويتي الذي يحسده كل العالم على الالتفاف حول أميره ولي أمره.... عفواً هذه بلادنا وهذا أميرنا وتلك حكومتنا، فلماذا التدخل بشأننا؟.

back to top