الموروث الشعبي

نشر في 26-12-2015
آخر تحديث 26-12-2015 | 00:01
 ترفة العنزي "التراث" أو "الإرث" أو "الموروث الشعبي"، مسميات تحمل بمفهومها العام مختلف أنواع الثقافة ببعديها المادي والمعنوي، من معتقدات وحكايات وفنون شعبية وعادات وتقاليد، وما شابه، وكل ما قدمه الإنسان لمجتمعه، بحيث أضحى التراث مفهوماً عاماً يشمل ما يتصل بالصناعات والحرف التقليدية والفنون التشكيلية، وهذا التراث لأي شعب هو انعكاس لحياة أي شعب، وعقائده، وما يحمله من أفكار وهموم وآلام وآمال. والتراث الكويتي في المجمل متشابه مع دول الخليج، وغالبية الدول العربية، لأنه تراث أمة تحققت لها كل عوامل الوحدة والتجمع والتشابه والتناسق والتكامل، وإن تميز في بعض الجزئيات لكنه في النهاية يجمعه مع الأشقاء الآخرين الكثير من العوامل المشتركة، كالمعتقدات الدينية والثقافة واللغة. ومن أجل الحفاظ على هذا التراث ونقله للأجيال والتعريف به للآخرين، ولمن يفدون إلى البلاد أو المقيمين، جاءت فكرة إقامة الموروث الشعبي، وإن كانت البداية بهدف إقامة مهرجان "المزاين للإبل" لكن القائمين عليه كانت نظرتهم مستقبلية وثاقبة وحكيمة، عندما تم تحديد موقع ثابت ودائم للموروث الشعبي والتوسع في أنشطته وأقسامه من تراث الصحراء والبحر. وكما يقال، كان ذلك "ضربة معلم"، وشخصياً زرت قبل أيام موقع الموروث الشعبي قرب منطقة السالمي، وأعجبني التنظيم الرائع، وذلك الجهد الجبار الذي قام به الفريق المكلف الإشراف على قرية الشيخ صباح الأحمد للموروث الشعبي، وأخص منهم الشيخ صباح الفهد الناصر الصباح، الذي لمست عن كثب تعامله الراقي مع العاملين في القرية، وسهره على تذليل العوائق والصعوبات وحرصه على راحة الزائرين وتفقده للعاملين، الذين يكرر القول عنهم: "هؤلاء أمانة في رقبتي"، وبهذه الروح الإيجابية، تم تحويل الموقع إلى واحة من الجمال وسط الصحراء، مما جعله قبلة وأحد روافد السياحة الداخلية، ومتنفساً جميلاً للعوائل الكويتية، حيث أثبتوا أن ما يقال عن ضعف مقومات السياحة الداخلية قد لا يكون صحيحاً بالمطلق، وأن بالإمكان وبجهود بسيطة وتسويق جيد عبر الشركات السياحية أن يصبح هذا المرفق أو غيره قبلة للسائحين وبوجود الإمكانات السياحية فيه، يمكن تحويله إلى مقر دائم واستغلاله حتى في الصيف، لاسيما أن الصحراء تنخفض فيها درجة الحرارة ليلاً إلى الثلاثين، وأحياناً تنخفض إلى العشرين، وهي تقريباً نفس درجات الحرارة في وادي رم ذي الشهرة العالمية بالأردن أو في المناطق الصحراوية في الإمارات.

وتتميز الكويت تقريباً ببعض المقومات الأساسية التي تحتاجها صناعة السياحة، وعلاوة على المقومات المادية الكبيرة التي تمتلكها الكويت، فإن شعبها منفتح على الجميع ويمتلك الثقافة والثقة بالنفس، ومن خلال ذلك يمكن صناعة السياحة لتساهم في تنويع مصادر الاقتصاد الكويتي، خصوصاً أن هذه الصناعة تتميز باستدامتها، فلا تنفد ولايصيبها الخلل أو الضعف، وهي تحتاج فقط شباباً كويتيين طموحين، مثل القائمين على مهرجان الموروث الشعبي، وجهوداً أكبر في مجال التسويق والترويج، وتخفيف بعض القيود الأمنية المتعلقة بالتأشيرات السياحية، وبالإمكان افتتاح أكثر من قرية على المستوى ذاته، بل وقرى دائمة على الطرق السريعة والدولية، كالعبدلي والنويصيب وغيرهما، وإعادة برامج الترويح السياحي أيام صالح شهاب رحمه الله في الثمانينيات، وسترون أن مؤشر بوصلة السياحة في الخليج ستتحول نحو الكويت، وستعود جوهرة ودرة للخليج، فقط نحتاج إلى نوايا صادقة وقرار جريء، والحافظ الله ياكويت.

back to top