ابن الفارض... سلطان العاشقين

نشر في 03-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 03-07-2015 | 00:01
No Image Caption
صاحب هذا الضريح من أهم الشخصيات في تاريخ التصوف الإسلامي، فقد عاش حياته وهو يترنم بأعذب الأشعار في حب الله لذلك لقبوه بسلطان العاشقين، إنه أبوالحفص وأبوالقاسم عمر بن أبي الحسن علي بن المرشد بن علي المشهور بابن الفارض.

كان أبوه من أهل حماة في سورية وهاجر إلى مصر وكان عالما بالفرائض ـ علم المواريث ـ فكان يثبت الفروض بين يدي الحكام، ومن ثم عرف بالفارض وعرف ابنه بابن الفارض.

ولد ابن الفارض في مصر سنة 576 هـ، وعاش في كنف الدولة الأيوبية. اشتغل بالفقه ورواية الحديث وعرض عليه منصب قاضي القضاة فامتنع واعتزل الناس زاهدا ومتعبدا، وسلك طريق التصوف وكان في جميع مراحل حياته زاهدا متجردا سائحا متعبدا.

يقول ابن الفارض إنه حضر يوما من سياحته في القاهرة ودخل المدرسة السيوفية، فوجد شيخا بقالا يتوضأ وضوءاً غير مرتب فاعترض عليه ابن الفارض بأن هذا الوضوء مناف لقواعد الشرع، وهنا نظر الشيخ إلى ابن الفارض وقال له يا عمر أنت ما يفتح عليك في مصر وإنما يفتح عليك بالحجاز في مكة شرفها الله، فاقصدها فقد آن لك وقت الفتح، فدهش ابن الفارض من هذا القول، ورد على الشيخ بأن الأمد بينه وبين مكة بعيد وأنه لا يجد ركبا ولا رفقة غير أشهر الحج، فقال له الشيخ وهو يشير: "هذه مكة أمامك"، فقال ابن الفارض: فنظرت معه فرأيت مكة شرفها الله.

وهكذا رحل ابن الفارض إلى مكة وظل بها خمسة عشر عاما عاد بعدها إلى القاهرة عام 629 هـ بناءًعلى إشارة من أستاذه وشيخه البقال بطريق الاتصال الروحي إذ استدعاه ليحضر وفاته ويجهزه ويصلي عليه ويدفنه وبقي في مصر وذاع صيته بين العلماء والحكام والأمراء وكثر المعجبون به والمتبركون به وكانت حياته حياة انقطاع، وعبادة وزهد وكانت تحصل له حالات استغراق طويل وصمت، وكان يملي شعره في انتباهه من تلك الأحوال، وساعده على الظفر بمحبة الناس ما منحه الله من جمال الخلقة والخلق وكان حسن الهيئة والملبس، فصيح العبارة، كثير الخير وأخذ في نظم الشعر، فكان الناس يتلقون قصائده ويترنمون بها، وقد جرى فيها على طريقة الحب والغرام.

والتصوف في نظره حب وحنين إلى الذات الإلهية من ذلك قوله:

قُل للعَذولِ أطلتَ لَومي طامعاً... ان الملامَ عن الهوى مستوقفي

دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى... فإذا عـشقت فبعد ذلك عنِّفِ

توفي ابن الفارض رضي الله تعالى عنه يوم الثلاثاء من جمادى الأولى سنة 632 هجرية وعمره 56 عاماً، ودفن حسب وصيته بجوار جبل المقطم تحت قدمي شيخه أبوالحسن علي البقال بعد أن ترك لنا فيضاً كبيراً من قصائده في المحبة الإلهية والمحبة المحمدية، وكانت قصائده عند الصوفية كنزاً زاخراً مليئاً بجواهر المعاني.

يعود بناء الضريح الحالي إلى عهد السلطان برقوق وقد أضاف السلطان أينال العلائي للضريح مسجداً وفي القرن الثامن عشر قام بتجديد شامل للمسجد أمير اللواء الشريف السلطان علي بك قارذ علي أمير الحج الذي بنى لنفسه مقبرة بجوار المسجد، وتحتفل الطرق الصوفية بمولده في شهر ربيع الاول من كل عام.

back to top