خسارة الحرب مع إيران

نشر في 20-07-2015
آخر تحديث 20-07-2015 | 00:01
سيكون للاستسلام الأميركي لإيران في المحادثات النووية تداعيات فورية مدمرة، منها تحرير نحو 150 مليار دولار من الأموال المحتجزة بسبب العقوبات، وسيذهب جزء كبير من هذه الأموال لتمويل الإرهاب والأعمال العسكرية حول العالم، وبالتركيز على البرنامج النووي وتجاهل البرنامج الإرهابي والاعتداءات تساهم إدارة أوباما في زيادة موارد إيران التي تستخدمها ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
 واشنطن تايمز يُظهر أي تقييم منطقي أن الولايات المتحدة تخسر حربها التي دامت 36 سنة ضد الجمهورية الإسلامية في إيران،

وسيشكل الاستسلام لإيران في مسائل العقوبات والأسلحة النووية مرحلة إضافية في الهزيمة الأميركية على يد حكم ثيوقراطي مستبد، ومخادع، وعاقد العزم، وفاعل على نحو مفاجئ في طهران.

سينظر المؤرخون إلى الوراء إلى الحملة الإيرانية ضد الولايات المتحدة، وسيستخلصون أن ثمة أدلة عدة على التلاعب، والخداع، والغش الذي نجحت قوة أضعف في ممارستها بفاعلية ضد خصمها الأكثر قوة بكثير، مضعفة إياه.

لا شك أن "سون وو" كان سيفخر بمهارات الإيرانيين الاستراتيجية وقدرتهم على الكذب وادعاء المنطق، في حين يواصلون بهدوء وثبات تطبيق استراتيجية اعتداء مستمر.

ومن خلال هذه الاستراتيجيات، سيحقق الإيرانيون اليوم انتصاراً ثلاثياً على الولايات المتحدة: اتفاق يؤكد شرعية إيران كقوة إقليمية مهيمنة، وزيادة كبيرة في المال الذي تستخدمه في دعم الإرهاب والجهود العسكرية الأخرى، وتمهيد الدرب أمام تحولها إلى قوة نووية.

لا شك أن هذا سيشكل أكبر انتصار حققه النظام الإيراني المستبد حتى اليوم في حربه ضد الولايات المتحدة،

إذ بدأت الحرب قبل 36 سنة، عام 1979، حين عاد آية الله روح الله الخميني من باريس ليؤسس حكماً دينياً مستبداً، ويعكس مارك بودن واقع هذه الحرب في كتابه Guests of the Ayatollah: The First Battle in America’s War with Militant Islam (ضيوف آية الله: المعركة الأولى في حرب الولايات المتحدة ضد الإسلام المقاتل).

في مطلع نوفمبر عام 1979 احتل الإيرانيون السفارة الأميركية واحتجزوا 52 أميركياً رهينة طوال 444 يوماً، ويستطيع النظام استخلاص درسين واضحين من هذا الاعتداء غير المشروع.

أولاً، سمحت عملية الاحتجاز هذه للإيرانيين بتأكيد تفوقهم الأخلاقي، واصفين هذه الجريمة بـ"غزو عرين التجسس الأميركي"، وشكل هذا انتصاراً سياسياً وعاطفياً كبيراً بالنسبة إلى النظام المتشدد وقوّى سيطرته على إيران.

ثانياً، كان بإمكان هذا النظام المستبد التعامل بازدراء تام مع الرئيس كارتر، كذلك لم تتأثر إيران بعروض المساعدة المالية والتهديدات العسكرية، وقد عمّق فشل عملية الإنقاذ العسكرية الأميركية عام 1980 العدائية الإيرانية.

بعد يوم من السيطرة على السفارة، سمى الخميني الولايات المتحدة "الشيطان الأكبر"، ولم تكن هذه مجرد ملاحظة عابرة، بل عبرت عن عمق الاشمئزاز الحقيقي الذي شعرت به القيادة الإيرانية (ولا تزال) تجاه الولايات المتحدة.

على سبيل المثال، أقدم المتظاهرون قبل أيام قليلة فقط على حرق الأعلام الأميركية في طهران (علماً أن هذا الأمر ما كان ليحدث لولا موافقة النظام الحاكم المستبد).

مهما كانت العلاقات الشخصية الجيدة التي يظن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه يبنيها مع وزير الخارجية الإيراني في جنيف، تبقى مشاعر العدائية الكامنة المناهضة للولايات المتحدة التي يعرب عنها آية الله علي خامنئي، ففي الرابع من يونيو غرّد: "صاغ وصف الولايات المتحدة "الشيطان الأكبر" آية الله روح الله الخميني، وعندما تعتبر... الكيان شيطاناً، تكون الطريقة التي عليك التعاطي بها معه واضحة".

إليكم القائد الأعلى لنظام حكم مستبد إيراني يذكّر أتباعه بأن أي صفقة مع جنيف هي صفقة مع "الشيطان الأكبر"،

وبما أن هذا التصريح باللغة الإنكليزية ويستطيع الجميع (بما في ذلك وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض) الاطلاع عليه، فهو يشكل إشارة إلى استمرار ازدراء الحكم الإيراني المستبد للولايات المتحدة.

تؤكد تجارب السنوات الست والثلاثين الماضية نجاح المقاربة الإيرانية، فطوال أكثر من ثلاثة عقود، موّل النظام، ودعم ودرّب الإرهابيين من كل أنحاء العالم، في حين وقفنا نحن مكتوفي اليدين، وشنت إيران حرباً بالوكالة ضد الأميركيين باستخدام حزب الله (بما في ذلك تفجير السفارة الأميركية في بيروت، مما أودى بحياة 63 شخصاً، وتفجير ثكنات جنود البحرية الأميركية في تلك العاصمة بعد ذلك أيضاً، مما أدى إلى مقتل 220 جندياً، و21 موظفاً أميركياً آخرين، و58 جندياً فرنسياً)، ورغم ذلك لم نحرك ساكناً، كذلك اعتقلوا مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية المحلي وعذبوه طوال أشهر ونشروا شريط فيديو عنه بعد تعذيبه، ومن ثم قتلوه، ومع ذلك لم نتحرك.

ودعمت إيران باستمرار "حزب الله" و"حماس" في قتالهما ضد إسرائيل، آوت أعضاء من تنظيم القاعدة وحمتهم من الأميركيين الذين كانوا يطاردونهم، وقدمت قنابل وأسلحة أخرى استُخدمت في قتل الأميركيين في العراق وأفغانستان على حد سواء، ودعمت بشار الأسد في سورية، وتدعم اليوم الحوثيين في اليمن، ورغم كل ذلك لم يواجه النظام أي عقاب أو يتكبد أي كلفة، ولا شك، إذاً، أن نفوذ الولايات المتحدة قد تراجع وقوة إيران نمت.

خلال فترة طويلة من فرض الغرب العقوبات الاقتصادية على إيران، اتضحت مسائل ثلاث:

• يعلّق هذا النظام المستبد أهمية أكبر على الإرهاب والعمل العسكري، مقارنة بالنمو الاقتصادي، وما كان للعقوبات تأثير يذكر في امتداد نفوذ القوة الإيرانية.

• يحمي النظام المستبد جيشه، وشرطته، ونخبته السياسية من العقوبات، لذلك لا يشعرون بمعاناة كبيرة.

• واصل الحكم المستبد بناء أجهزة الطرد المركزي، وبات اليوم أكثر قدرة من الناحية النووية، مقارنة بما كان عليه عند بدء فرض العقوبات (المفارقة الكبرى في استراتيجية المحادثات أن النظام انتقل من امتلاك عدد محدود من أجهزة الطرد المركزي إلى حصوله على الآلاف منها، في حين يدّعي خصومه أن تقدّمه مجمّد).

سيكون للاستسلام الأميركي لإيران في المحادثات النووية تداعيات فورية مدمرة، منها:

• سيُحرَّر نحو 150 مليار دولار من الأموال المحتجزة بسبب العقوبات، وندرك من تاريخ هذا النظام أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال سيذهب لتمويل الإرهاب والأعمال العسكرية حول العالم، وبالتركيز على البرنامج النووي وتجاهل البرنامج الإرهابي والاعتداءات، تساهم إدارة أوباما في زيادة موارد إيران التي تستخدمها ضد الولايات المتحدة وحلفائها.

• عند رفع العقوبات سيوقع الإيرانيون عقوداً مربحة مع الشركات الألمانية والروسية والصينية، ولا شك أن الضغوط المناهضة لإعادة فرض العقوبات ستكون كبيرة (تتمتع اثنتان من هذه الدول بحق النقض في مجلس الأمن في الأمم المتحدة).

نيوت غينغريتش

back to top