قراءة مبدئية في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب

نشر في 19-12-2015
آخر تحديث 19-12-2015 | 00:00
 أ.د. عماد عواد مع إعلان السعودية تشكيل تحالف إسلامي عسكري من 34 دولة لمحاربة الإرهاب، تعددت التوجهات والتكهنات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحالف، ومدى قدرته على تحقيق أهدافه المعلنة. وفي هذا السياق قد يكون مفيداً طرح بعض الملاحظات المبدئية التي قد تساعد على تقديم عناصر إجابة عن بعض التساؤلات المطروحة.

أولاً: الإعلان عن تشكيل التحالف يأتي في إطار الشرعية الدولية واستناداً إلى ما تضمنه قرار مجلس الأمن 2249 الصادر 20 نوفمبر 2015 الذي أكد أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يمثل أحد أشد الأخطار التي تهدد السلم والأمن الدوليين، ودعا في بنده الخامس الدول الأعضاء التي لديها القدرة على القيام بذلك إلى "اتخاذ التدابير اللازمة، على الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة المعروف باسم داعش، في سورية والعراق، وتكثيف وتنسيق جهودها الرامية إلى منع وقمع الأعمال الإرهابية التي يرتكبها تحديدا تنظيم داعش وجبهة النصرة وسائر الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المرتبطة بالقاعدة، وغيرها من الجماعات الإرهابية...".

ثانياً: يعكس هذا التحرك في طياته موقفاً عربياً تم إعلانه في ختام الدورة العادية الـ142 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في سبتمبر 2014، والذي أكد على الموقف العربي الحازم باتخاذ تدابير عاجلة على المستوى الوطني، ومن خلال العمل العربي الجماعي وعلى جميع المستويات السياسية والأمنية والدفاعية والقضائية والإعلامية والفكرية والعمل على تجفيف منابع الإرهاب الفكرية ومصادر تمويله ومعالجة الأسباب التي أدت إلى تفشي هذه الظاهرة، وفضلاً عن ذلك حظي إعلان تكوين التحالف، بدعم منظمة التعاون الإسلامي الكامل.

ثالثاً: يمثل هذا التحالف وتوقيته رداً قوياً على الحملة التي سعت مؤخرا للربط بين الإسلام والإرهاب، لاسيما مع بعض التسريبات والمواقف الأخيرة التي اعتبرت أن جهود المملكة في بناء المساجد في أنحاء العالم تساعد على التطرف (الاستخبارات الألمانية)، فضلاً عن الإشارات الضمنية إلى أن بعض الدول الإسلامية تقدم الدعم المادي والعسكري لتنظيم "داعش" وغيره من التنظيمات الإرهابية النشيطة في المنطقة (تلميحات الرئيس الروسي في قمة دول العشرين) أو التصريحات التي طالبت بوقف دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة مؤقتاً (المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترامب).

رابعاً: رغم أهمية التحالف، فإنه لا يزال بحاجة إلى بلورته بشكل واضح، خاصة في ضوء ما تشهده المنطقة من تزاحم التحالفات ضد الإرهاب من جانب، وعدم تمكن التحالف المؤسس منذ ما يزيد على عام وضم آنذاك 65 دولة بقيادة الولايات المتحدة من القضاء على تنظيم "داعش" أو على الأقل تحجيمه من جانب آخر، فضلاً عن العضوية المشتركة لكثير من الدول في التحالفين.

خامساً: رغم تباين التعليقات حول التحالف الجديد بين تلك التي قللت من أهميته وشككت في فعاليته، والأخرى المرحبة بإعلان تكوينه والتي حثت على ضرورة تحوله إلى قوة أشبه بحلف شمال الأطلسي "الناتو" تقوم كل دولة عضو فيه على حماية الأخرى، فإن الأمر لا يخلو من الإشكاليات المتمثلة في عدم انضمام بعض الدول العربية (سلطنة عُمان- الجزائر) فضلا عن الدول الرئيسية المعنية (العراق وسورية)، بالإضافة إلى إيران التي تحرص على تأكيد دورها الرئيسي في محاربة الإرهاب.

سادساً: إن التأكيد السعودي على أن الجماعات الإرهابية لن تجد أي ملاذ آمن بعد تشكيل التحالف حيث سيكون هناك تنسيق وتبادل معلومات استخباراتية يعتبر عنصراً مهماً في تضييق الخناق على التنظيمات الإرهابية، ولكن يبقي السؤال المهم المتمثل في الاتفاق على قائمة التنظيمات الإرهابية من جانب، وضرورة عدم إقحام الانقسامات الطائفية على جهود التحالف الجديد من جانب آخر، بما يعنيه ذلك من ضرورة فتح جسور الحوار مع إيران لإرساء أسس علاقات تقوم على حسن الجوار ووحدة الهدف الذي يردده الجميع وهو مكافحة الإرهاب.

back to top