الربو... محاربة العدو يومياً

نشر في 05-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 05-01-2016 | 00:01
No Image Caption
رغم توافر العلاجات الفاعلة، يبقى الربو مسؤولاً عن وفاة نحو 2000 شخص كل سنة. بغية خفض هذه الحصيلة المريعة، يسعى الخبراء اليوم إلى تثقيف المرضى، حتى صغار السن. بالتحكم بالربو بواسطة تدابير بسيطة، يمكنهم تفادي عدد كبير من الأزمات وجعل حياتهم أكثر راحة. من الممكن للربو، حتى لو كان معتدلاً، أن يتخذ طابعاً ملحاً بنوباته، خصوصاً من لا يكون الربو مستقراً في حالتهم بسبب عوامل عدة تساهم في تطوره، مثل الفيروس، مسببات الحساسية، البيئة، نسيان تناول الأدوية الأساسية... ولكن لا داعي لأن يعيش المريض حياته في خوف مترقباً الأزمة التالي. صحيح أننا لا نستطيع أن نضمن حياة خالية من الأزمات للمرضى كلهم، إلا أننا ندرك اليوم كيفية حدوثها وبات بإمكاننا تفادي عدد كبير منها. من هنا، تنشأ أهمية تعليم الأهل أولادهم المصابين بالربو وسائل الوقاية والخطوات التي يجب اتخاذها، إن عانوا أزمة.

يواجه مريض الربو صعوبة في تنشق الهواء، خصوصاً إخراج الهواء المحتجز داخل الرئتين. فيشعر كما لو أنه يتنفس عبر قشة صغيرة. يرافق هذه الحالة صفير، ويعاني المريض تضيق الشعب الهوائية. يُحتجز الهواء داخل الرئتين، ويعلق الصدر. يترافق هذا الإحساس مع سعال مزعج وأحياناً شعور بالقلق. لا يمكن المقارنة بين هذه الحالة وبين ضيق النفس الناجم عن ممارسة جهد ما، مع أن التمارين الرياضية قد تسبب أزمة ربو في حالة بعض المرضى.

يحدث بعض نوبات الربو من حين إلى آخر في ظروف محددة: مكان العمل أو الدراسة، الاحتكاك بالحيوانات، أو نزهة إلى الريف في فترة يكون فيها غبار الطلع في الهواء. يعاني المريض في هذه الحالة الربو المتقطع. ولكن في حالات أخرى، يستمر الربو طوال السنة. نتيجة لذلك، يُعتبر ربواً مستمراً، وقد يكون خفيفاً أو حاداً. وتكون أسباب هذا الربو عدة. ولكن مهما كانت آلية إطلاقه، يُعتبر الربو اليوم مرضاً التهابياً، ومن هنا تنشأ أهمية مضادات الالتهاب في علاج الربو اليومي والشفاء من النوبات الحادة. وفق المعلومات التي نعرفها راهناً عن الربو، لا يمكننا التحدث عن شفاء نهائي، إلا أن حياة مرضى الربو تبدلت بالكامل بفضل التقدم الكبير الذي شهده علاجه خلال السنوات الثلاثين الأخيرة. فتتوافر راهناً أدوية فاعلة تتيح التحكم بالكامل في الأعراض. نتيجة لذلك، صار بإمكان مريض الربو أن يعيش حياة طبيعية إن كان يتلقى المتابعة الطبية الجيدة والعلاج المناسب.

العيش بلا أزمات

كان الربو يُعرف سابقاً بالإصابة بنوبات اعتبرت حتمية. أما اليوم، فصار بإمكان المريض توقع حياة خالية من الأزمات بفضل تطور العلاجات والتثقيف العلاجية. أصبح الأطباء يعتبرون اليوم أن الوقاية أفضل من تلقي العلاج... كذلك يساهم التثقيف العلاجي في الحد من دخول المستشفيات جراء هذا المرض والتوقف عن العمل، ويحسن نوعية الحياة. وهكذا صار من الممكن اليوم متابعة العلاج جيداً، تقييم مدى فاعليته، وتوقع الأزمات.

ربو مضبوط

يُعتبر الربو مضبوطاً جيداً بدءاً من اللحظة التي يستطيع فيها مريض الربو العيش حياة «طبيعية». وثمة مؤشرات عدة تسمح لنا بمعرفة ما إذا كان المريض قد نجح في بلوغ هذا الهدف: لا يشعر المريض بأي أعراض مزمنة، أو إلا بقليل منها. يعاني المريض القليل من النوبات، ولا تتطلب حالته دخول المستشفى. كذلك قلما يستعمل موسعات الشعب الهوائية السريعة المفعول والقصيرة الأمد، ولا يعتبر ممارسة الجهد سبباً للقلق، فتنفسه يظل طبيعياً أو شبه طبيعي في معظم الحالات، فضلاً عن أن جسمه يتحمل الأدوية جيداً.

تحكّم جيد بالربو

من الضروري في البداية معرفة العوامل التي قد تسبب لك أو لولدك نوبة ربو. وتتوافر اليوم اختبارات أرجية (حساسية) تسمح لك في النهاية بتحديد الأسباب الأرجية لما تعانيه من ربو. ولكن ثمة عوامل أخرى تؤثر في هذا المرض، مثل العدوى الفيروسية، التمارين الرياضية، عوامل سريرية، وغيرها.

عليك أن تدرك أيضاً أن الربو المستمر يشكل التهاباً (مثل ضربة الشمس) مزمناً في الشعب الهوائية ويحتاج إلى علاج أساسي منتظم طوال الوقت. فهذا الالتهاب بحد ذاته يؤدي إلى تقلص الشعب الهوائية. نتيجة لذلك، يجمع علاج الربو المستمر بين موسعات الشعب الهوائية (أدوية تساعد الشعب الهوائية على التمدد) ومضادات الالتهاب (أدوية تحد من الالتهاب). من المهم أن تعرف أيضاً الأعراض التي تنبهك إلى تفاقم حالة الربو وتنجح في تمييزها. على سبيل المثال، يمكنك اعتبار أن حالتك الربو قد ساءت إن لاحظت خلال فترة قصيرة أحد التبدلات التالية أو عدداً منها: تنامي استهلاكك الدواء، تزايد وتيرة حالات الانزعاج التنفسية، الاستيقاظ كثيراً خلال الليل، تراجع تأثر النوبات بموسعات الشعب الهوائية، تراجع مقدار الهواء الذي تستطيع تنشقه، وتبدل كبير في عملية التنفس خلال النهار.

1 تناول الأدوية بانتظام: قد يكون علاج الربو مضنياً أحياناً بسبب طول مدته. ولكن من الضروري اتباع وصفة الطبيب وإرشاداته بدقة. حتى لو شعر المريض أن حالته تحسنت كثيراً، من الأهمية بمكان أن يتابع علاجه بدقة وانتظام بغية الحد من الالتهاب في الشعب الهوائية.

2 قياس القدرة على التنفس: تتوافر اليوم أجهزة متطورة تتيح للمريض اليوم قياس مقدار الهواء الذي يستطيع تنشقه. لذلك من الضروري أن يقيس حجم هذا الهواء بانتظام لأن ذلك يشكل مؤشراً إلى مدى فاعلية العلاج ووسيلة للتنبه إلى أي أزمة وشيكة. على نحو مماثل، احتسب المرات التي تستخدم فيها البخاخة، وأطلع طبيبك على هذه المعلومات.

3 منع التدخين وتفادي أية أبخرة أو دخان: من الضروري منع التدخين في المنزل. بالإضافة إلى ذلك، تفادَ الأجواء التي تكثر فيها الأبخرة والدخان والغبار: الابتعاد عن المواقد والشوايات...

4 ضرورة الاهتمام بغرفة النوم: يجب اتباع بعض القواعد في غرفة مريض الربو:

• غلّف الأغطية والوسادة بأغطية مضادة للقراديات إن أمكن.

• نظّف الغرفة كل يوم للتخلص من الغبار أو أي أمور أخرى قد تساهم في تفاقم حالة الربو.

• لا تستعمل مطلقاً أي وسادات أو مساند أو أعطية من الريش، بل يجب أن تكون معدة من مواد اصطناعية.

• عليك كل يوم أن تنفض الشراشف والأغطية وتعرض الفراش للهواء والشمس.

• مرر المكسنة الكهربائية على إطار السرير وتحته.

• اختر سجادة للأرضية يمكنك غسلها.

• من الضروري تهوئة الغرفة بانتظام.

• تفادَ استعمال المكيفات الهوائية.

• تخلص من أي أماكن أو زوايا قد يتراكم فيها الغبار (مثل المكتبات والرفوف)، وإلا فعليك أن تنظفيها يومياً.

• استخدم ناموسية بدل مبيدات الحشرات التي قد تسبب لك رد فعل أرجياً.

• انتبه لبعض النباتات لأنها قد تكون مسببة للأرجية.

• اغسل النوافذ، الستائر المزدوجة، السجاد، وأي أغطية تعلقها على الجدران بانتظام.

• بالإضافة إلى ذلك، تستطيع اتخاذ بعض الخطوات في القبو أو العلية لتفادي الإصابة بالأرجية أو نوبات الربو.

5 تفادَ ممارسة نشاط جسدي إن كانت الطقس في الخارج بالغ البرودة أو إن كان التلوث عالياً.

6 تفادَ الاقتراب من الحيوانات الأليفة أو تربية أحدها في منزلك: ولا تنطبق هذه النصيحة على الكلاب والقطط فحسب، بل تشمل أيضاً الفئران والعصافير والهمستر. وإذا لم تشأ الانفصال عن حيوانك الأليف المفضل، فامنعه على الأقل من دخول غرفة النوم وحممه باستمرار.

7 لا تسمح للزكام بأن يتملك منك: عالج في الحال أي عدوى تنفسية لأنها قد تتحول إلى سبب لنوبات الربو. كذلك عليك تفادي الاحتكاك بالمرضى والأمكان التي قد تلتقط فيها العدوى، خصوصاً خلال فصل الشتاء.

8 حذار من غبار الطلع: من الضروري تفادي النزهات في الريف، تناول الطعام في الطبيعة، وممارسة رياضة المشي في الطبيعة خلال فترة التلقيح لأن غبار الطلع الذي يكثر في الأجواء قد يكون سبباً في إطلاق نوبات الربو.

9 احمل معك دوماً بخاخة الدواء ووصفة الطبيب: من الضروري أن تحمل معك باستمرار البخاخة والوصفة التي كتبها لك الطبيب توخياً لأي طارئ. كذلك يخصص بعض البلدان، مثل الولايات المتحدة، سواراً لمرضى الربو كي تسهل على مَن يعالجهم إن كانوا عاجزين عن الكلام معرفة الحالة التي يعانونها.

10 من الضروري توخي الحذر عند الخلود إلى النوم: تكثر النوبات عموماً عندما يخلد المريض إلى النوم. لذلك عليك توخي الحذر خصوصاً في هذه الفترة من اليوم ولا تنسَ أن تبقي البخاخة في متناول يديك في حال عانيت نوبة ربو ليلية وأنت في السرير.

إذاً، بات من المثبت اليوم أنك تستطيع تفادي بعض النوبات باتخاذ تدابير بسيطة مثل تجنب العوامل المسببة للنوبات والالتزام بتدابير الوقاية (تناول العلاجات الأساسية، قياس التنفس، تحديد العلامات التي تشير إلى تطور هذه الحالة، التخلص من مسببات الأرجية، والثقافة العلاجية). وتتوافر اليوم مراكز عدة تثقف الأولاد والبالغين بشأن مرض الربو وسبل تفادي نوباته. لذلك لا تتردد في الاتصال بأحدها. وتذكر أنك تستطيع بخطوات بسيطة والالتزام بخطة العلاج التي وصفها لك الطبيب أن تعيش حياة «طبيعية» خالية على الأرجح من النوبات.

البخاخة الشهيرة

تُعتبر غالبية العلاجات التي تخفف من الربو فاعلة جداً عند تنشقها لأن الدواء يدخل مباشرة إلى الشعب الهوائية. وللبخاخة ميزتان مهمتان:

• يعمل المنتج بسرعة كبيرة: يبدأ تأثير الدواء ما إن يعلق على الجوانب الداخلية للشعب الهوائية. وينطبق الأمر خصوصاً على موسعات الشعب الهوائية التي تخفف نوبة الربو في بضع ثوانٍ.

• الجرعة الفاعلة قليلة مقارنة بالأدوية التي تؤخذ كحبوب. لذلك يستطيع الجسم تحملها بشكل أفضل. ولا شك في أن البخاخة التي تطلق كمية محددة من الدواء داخل الرئتين هي الأكثر استعمالاً.

back to top