فريدمان: «الصخري» لم يخرج من السوق رغم انخفاض الأسعار

خلال ندوة «عصر السرعة – كيف نفهمه ونزدهر فيه» التي أقامها «النقد الدولي» بالتعاون مع «الصندوق العربي»

نشر في 20-11-2015
آخر تحديث 20-11-2015 | 00:04
No Image Caption
أقام مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط، بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ندوة للمفكر والكاتب في صحيفة نيويورك تايمز توماس فريدمان.
أكد المفكر والكاتب بصحيفة نيويورك تايمز والحائز جائزة بوليتزر توماس فريدمان أهمية أن تقوم الكويت باللحاق بالتطورات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة جدا، والتي قد تساعدها على الحفاظ على الطبقة الوسطى في المجتمع، ضاربا مثالا على ذلك عندما قامت السعودية بخفض أسعار النفط، بهدف إخراج منصات حفر النفط الصخري في ولاية داكوتا الشمالية من العمل، إذ كان ذلك سيؤدي إلى زعزعة هذه الطبقة، حيث كانت تكلفة استخراج النفط الصخري تزيد على 70 دولارا، لكن مع التطور التكنولوجي استطاعت هذه الشركات رفع كفاءة إنتاجها وتخفيض التكلفة إلى 60 دولارا، ثم 50، ثم 40 وبقيت قيد العمل.

جاء ذلك خلال الندوة التي أقامها مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط، بعنوان "عصر السرعة – كيف نفهمه ونزدهر فيه"، بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والتي تناول خلالها فريدمان مع مدير المركز د. أسامة كنعان، كتابه بعنوان "شكرا لأنك جئت متأخرا".

وذكر فريدمان انه التقى قبل ان يأتي إلى الكويت مدير إحدى الشركات العاملة في هذا المجال بالولايات المتحدة، "وقال لي انه ما زلنا نحقق أرباحا رغم انخفاض أسعار النفط، لامتلاكنا معلومات وتكنولوجيا تمكننا من الإنتاج حتى لو انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 40 دولارا".

وتركزت المناقشة على الطريقة التي يمكن من خلالها أن تتكيف الدول المختلفة، خاصة في العالم العربي، مع عالم يشهد تغيرا سريعا بفعل مجموعة من العوامل والقوى المؤثرة في مجال العولمة، والثورة الرقمية، وتغير المناخ.

ثلاثة تحديات

وناقش فريدمان أثر ثلاث مجموعات من التحديات التي ينبغي للبلدان أن تكون على أهبة الاستعداد لمواجهتها اليوم، والتي تجعل العالم يتطور بوتيرة متسارعة، فقد تناول بالشرح أولا، استنادا إلى تجارب التاريخ القريب، كيف أن العولمة تربط بين الاقتصادات ربطا أوثق، ما يزيد الاعتماد المتبادل بين العمال والمستثمرين والأسواق، ويزيد تأثرهم جميعا بالتوجهات العالمية السائدة.

وأشار ثانيا إلى "قانون مور" المتعلق بالثورة الرقمية، ووفقا لهذا القانون فإن سرعة وقوة الرقائق الدقيقة ستتضاعف مرة كل عامين. وشرح باستخدام أمثلة حديثة كيف أن القوة المتزايدة لحزم البرامج الإلكترونية، وأجهزة الحاسوب، والروبوتات أصبحت تتطلب من العمال الارتقاء السريع بمهاراتهم أو مواجهة مخاطر ضياع وظائفهم.

وناقش ثالثا آثار النمو السريع في انبعاثات الكربون في الغلاف الجوي، فضلا عن تآكل الغابات بسبب النمو السكاني السريع والسياسات قصيرة النظر، وكلها آثار تزعزع استقرار النظام البيئي لكوكب الأرض، ثم تناول انعكاسات هذه التحديات على العالم العربي.

وفي مجال العولمة ركز على الضرورة الملحة لإزالة العوائق أمام التجارة وتدفق الأفكار، الأمر الذي يؤدي إلى تنمية القطاع الخاص وتنويع قاعدة الإنتاج في البلدان العربية خصوصا تلك المنتجة للنفط. وفي ما يتعلق بالتحدي المرتبط بالثورة الرقمية، ركز على دور إصلاح التعليم في تزويد الأجيال الجديدة من الخريجين والعمال بالمهارات الجديدة، وتعزيز الاستعداد للتعلم المستمر المتسم بالمرونة.

جئت متأخراً

وخلال الندوة استعرض فريدمان كتابه الجديد الذي يؤلفه حاليا بعنوان "شكرا لأنك جئت متأخرا"، مؤكدا ان اهم حدث في مطلع القرن الماضي هو الصحافة اليومية المطبوعة، والتي كانت بمنزلة اكبر تطور تكنولوجي، حيث شهدت التكنولوجيا تطورات بطيئة منذ ذلك الحين حتى عام 2011 الذي بحسبه تطورا تكنولوجيا غير مسبوق سيؤثر على العالم في عدة مجالات رئيسية هي الوظائف والتعليم واماكن العمل والقيادة.

واضاف: "اننا نعيش حاليا في عصر المكننة الثاني، حيث اعتمد عصر المكننة الاول على الطاقة البخارية لتسيير الآلات، التي كانت تحتاج إلى قوة عاملة كبيرة تقودها، في حين بدأ عصر الميكنة الثاني قبل خمسين عاما على يد أحد مؤسسي شركة انتل الذي قال إن قوة وسرعة الشرائح الالكترونية " المايكرو شيب"، والتي ستتضاعف قدرتها التخزينية وسرعتها كل شهرين ونصف وتنخفض أسعارها بنسبة 50 في المئة.

وزاد ان "الآلات في عصر الميكنة الثاني لم تعد في حاجة إلى اليد العاملة لإدارتها، وهو التحدي الذي نواجهه الآن، لأنه بعكس النظام البخاري، وهذه السرعة الكبيرة في التطور التكنولوجي لها أثر كبير على حياتنا اليومية المعاصرة". واعتبر العالم اتصل ببعضه عام 2004، مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مبينا أنه من 2004 حتى 2011، ونتيجة سرعة التطور التكنولوجي أصبح هناك العديد من وسائل التواصل الاجتماعي (لينكد ان، تويتر، سكاي بي) وغيرها، "وهو تطور لم يسبق ان رأيناه، ما يمهد لنهاية عصر الإنسان العامل، الذي كان واضحا بعد ان تغلب الكمبيوتر على بطل العالم في لعبة الشطرنج، ليكون بذلك آخر إنسان بطل في هذه اللعبة".

وتحدث عن دور التكنولوجيا في العصر الحالي التي تخلو من الأخطاء البشرية في أداء الوظائف والعمل، مشيرا إلى حادث طائرة وقع في إحدى الولايات الأميركية نتيجة الخطأ البشري لقائد الطائرة، رغم الطقس الجيد في وقت الحادث، في حين انه لو كان الطقس سيئا لكان الطيار الآلي هو الذي سيقود الطائرة وما كانت لتقع.

طريقة جديدة

وتطرق فريدمان إلى طريقة جديدة من الاختراعات والابتكارات قامت بها شركة "ايه جي" عندما عرضت مسابقة عن طريق الموقع الالكتروني لاحد محركات طائرات "البوينغ" مقابل أموال، وكانت هذه المسابقة مفتوحة امام دول العالم، موضحا انه في غضون ثلاثة اسابيع حصلوا على 600 اختراع منفصل.

وزاد ان اول عشرة مخترعين لم يكن منهم أميركيا أو مهندسا في الطيران، حيث فاز بالجائزة الاولى شاب إندونيسي لا يتجاوز عمره 21 سنة، ما يجعل هذا العصر الأفضل للمبتكرين، فقد انتهى عصر التخمين والتساؤل، لان هناك كمية هائلة من المعلومات سهلة المنال.

الثورة الرقمية وتغير المناخ

تطرق د. أسامة كنعان مع فريدمان إلى انعكاسات أفكار الأخير على العالم العربي، وعلى وجه الخصوص في مجال العولمة، والثورة الرقمية، وتغير المناخ، ثم تم فتح باب النقاش مع الحضور.

وأشار د. كنعان إلى أن هذه الندوة هي الفعالية الثانية ضمن سلسلة جديدة من الفعاليات ينظمها المركز بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ترمي إلى تحفيز المناقشة بشأن القضايا الاقتصادية الراهنة التي تعتبر محل اهتمام خاص لدى الجمهور وصانعي السياسات بالكويت والعالم العربي بشكل عام.

وأضاف أن العالم العربي يمر الآن بمنعطف تاريخي تشهد فيه بلدان عديدة انحدارا بسبب اشتداد النزاعات والحروب الأهلية وتقادم المؤسسات وتراجعها المستمر، ما يزيد حدة التحديات الاقتصادية المزمنة المتمثلة في الارتفاع المستمر في معدلات البطالة والفقر وانعدام المساواة الاقتصادية.  ولفت إلى أن المناقشة التي جرت مع فريدمان تهدف إلى المساعدة على استكشاف السبل التي يمكن للعالم العربي من خلالها التكيف مع تحديات العولمة السريعة، والثورة الرقمية، وتغير المناخ، في ظل الوضع الحرج الراهن.

ارتفاع منسوب مياه الخليج أهم المؤثرات البيئية التي تواجه الكويت

عن المؤثرات البيئية قال فريدمان إن هناك تغيرات وتحديات يفرضها التغيير المناخي على اقتصادات المنطقة العربية، وعلى الجميع ان يأخذ هذه التحديات بجدية، لاسيما ان سورية شهدت من 2006 إلى 2010 انتقال اكثر من 4 ملايين مزارع من الريف إلى المدينة، ولم يقم الاسد بفعل أي شيء من أجلهم، وكانوا وقود الثورة السورية، وانضم قسم كبير منهم إلى «داعش». وحول المؤثرات البيئية على الكويت، اوضح انها تقتصر على ارتفاع منسوب مياه الخليج وتأثيرها على المدن الساحلية.

وتناول السبل التي يمكن أن تنتهجها الدول العربية، خصوصا دول مجلس التعاون الخليجي، لمحاولة تخفيف تلك الآثار التي تشير التنبؤات إلى أنها ستمثل تهديدا خطيرا لحياة الإنسان خارج المباني المغلقة، خاصة خلال عمر الجيل الجديد من سكان العالم العربي.    

back to top