تعلّموا حماية الذات... ضدّ العنف

نشر في 21-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 21-11-2015 | 00:01
No Image Caption
تنتشر مظاهر العدائية في كل مكان: في العلاقة الزوجية، ووسط العائلة، وفي العمل والشارع... الأهم من ذلك هو أنها ظاهرة مُعدِية! يمكن أن نتعرض جميعاً للنقد أو الإهانة من شخص قريب أو غريب، أو أن نقلّل احترام الآخرين أو نتصرف بعدائية تجاه شخص معين. لكن لا تكون هذه السلوكيات العدائية التي نُظهِرها أو نتعرض لها حميدة. كيف يمكن الاحتماء منها؟
العنف والخلافات

يسهل أن نتواجد مع أشخاص لديهم آراء وحاجات وأهداف مختلفة عنا. في وضع مماثل، قد تتأجج الصراعات وتحصل مواجهات صدامية أو خلافات نارية. لكن يمكن أن نفضل التحاور والتسامح وإيجاد تسوية أو نحاول الانتقال إلى نشاط آخر ونعمل على تحسين العلاقة بدل القضاء عليها.

العنف أو السلطة

قد يشعر الأولاد أحياناً بأن دور الراشدين من حولهم (مثل الأبوين أو المدرّسين) يقضي بقمعهم وفرض الحدود عليهم. لكنّ دورهم الفعلي يقوم على وضعهم في إطار محدد ومنحهم بنية تسمح لهم بتطوير مسؤولياتهم. هذا الموقف يختلف عن السلوك العنيف لأن الهدف في هذه الحالة هو مساعدتهم على النمو والنضج.

دوامة العنف

الشخص الذي يتبنى سلوكاً عنيفاً لا يدخل بالضرورة في دوامة عنف متكررة. لكن حين يدرك الفرد أن استعمال العنف هو نهج ممكن و}فاعل} لتحقيق أهدافه أو تلبية حاجاته، قد يقرر اللجوء إليه مجدداً. في هذه الحالة، يمكن أن تترسخ دوامة العنف.

مراحل العنف

• التوتر: يمكن أن تؤدي مواقف كثيرة في الحياة إلى نشوء مشاعر التوتر. قد نختلف مع صديق أو جار أو أحد الأبوين... يمكن أن تؤدي أي علاقة إلى بعض الخيبات من وقت لآخر لكن يمكن تجنب تصعيد الوضع إذا اخترنا التعبير عن نفسنا أو تسوية الخلافات. مع ذلك، يسهل أن تتراكم مشاعر التوتر لدى الناس لأسباب مختلفة!

• العدائية: حين تتراكم الضغوط، تكفي قطرة واحدة كي تفيض الكأس! قد يحصل ذلك بسبب حدث أو سلوك سخيف ظاهرياً، فتتأجج مشاعر الغضب والاستياء. قد يشعر الفرد بالعجز ويفقد السيطرة على نفسه ويفضل استعمال العنف كي يستعيد قوته. غالباً ما يكون الشخص الذي يقع ضحية هذه العدائية ضعيفاً وعاجزاً.

• التبرير: قد يقع حدث خطير ويضطر طرفا العلاقة لإيجاد تبريرات لما حصل. تترافق هذه المرحلة مع نشوء عواطف قوية واختلاق الأعذار والحجج والتفسيرات.

• الخيبة: تشمل هذه المرحلة إطلاق الوعود ونسج الآمال قبل أن يقتنع البعض بأن شيئاً منها لن يتحقق. غالباً ما تكون تلك الوعود جميلة وإيجابية ويتخذ الكثيرون قرارات جدية بشأنها ويجدون من يساعدهم ويبحثون عن وسائل ملموسة للتحكم بخيباتهم بطريقة مختلفة. لكن لا يجيد الجميع فعل ذلك للأسف! في بعض الحالات، تجتاح مشاعر الخيبة حياة الشخص، فيدخل هذا الأخير في حلقة مفرغة من العنف المتكرر. مع مرور الوقت وتكرر النوبات، تتسارع مراحل العنف وتزداد قوة. كل من يدرك أنه دخل في دوامة العنف يجب أن يستشير معالِجاً نفسياً ويتقبل المساعدة التي يحصل عليها.

سلوكيات عنيفة

لا نقع دوماً ضحية عنف الآخرين، فقد نمارس العنف أحياناً نتيجة التعب أو العصبية أو العدائية. في هذه الظروف، لا بد من القيام بخطوات فاعلة:

• إعادة النظر بالسلوك العنيف: إذا سمح لك العنف بالحصول على ما تريده، ستخسر شيئاً في المقابل. يعطي العنف دوماً عواقب سلبية بالنسبة إلى جميع الجهات المعنية.

• تقييم المكاسب والخسائر: لا شك في أن الخسائر ستفوق المكاسب عند اللجوء إلى أسلوب العنف. يجب أن نحدد السبب الذي يدفعنا إلى استعمال العنف، والظروف التي تعزز هذا السلوك والعواقب المترتبة عنه، ومشاعر الأشخاص الذين يقعون ضحية العنف الذي نمارسه.

حل المشكلة

بدل استعمال العنف، يجب إيجاد الوسائل الفاعلة للتعبير عن مشاعر الخيبة والتوتر:

• تقبّل وجود مشكلة.

• التكلم عن المصاعب مع أشخاص نثق بهم.

• التفكير بالجوانب التي يجب تغييرها.

• تصحيح أخطاء معينة.

• تخصيص الوقت اللازم لتحديد العوامل التي تشير إلى اقترابنا من تبني سلوك عنيف.

• إيجاد أفضل الوسائل لتلبية حاجاتنا.

• استعمال الموارد المتاحة أمامنا مثل طلب المساعدة من المعالج النفسي أو من جمعيات متخصصة.

مؤشرات السلوك العنيف

• الإفصاح عن المشكلة:

أفضل حليف للأشخاص العدائيين هو الصمت. يمكن أن يتمادى البعض في تصرفاتهم لضمان أن يصمت الشخص الذي يتعرض للتعنيف. لكن طالما يلتزم هذا الأخير الصمت، لن يُحاسَب الشخص العنيف على عدائيته ويمكن أن تتكرر المواقف العنيفة ويرتفع عدد الضحايا. لذا يجب الإفصاح عن ما يحصل لتجنب ظهور ضحايا جدد ومنع المعتدي من تكرار سلوكه.

• نقل المعلومات بنية حسنة:

ثمة فرق بين الكشف عن معلومة معينة بهدف الإيذاء والإفصاح عن موقف محدد لطلب المساعدة أو تقديم المساعدة إلى طرف آخر. يسمح هذا الموقف الأخير بحماية ضحية العنف ومنح جميع الأطراف فرصة تلقي المساعدة التي تناسب وضعها.

لكن قد يصعب أحياناً الكشف عمّا يحصل لتصحيح الوضع لأن الشخص الذي يقع ضحية العنف قد يعتبر نفسه مسؤولاً عن السلوك العدائي، أو يخاف في أغلب الأحيان من ألا يصدقه الناس، أو قد يفضل أن يحاول الخروج من المأزق وحده أو يقنع نفسه بأن الوقت سيغير الوضع القائم، أو قد يكون مقرباً من الشخص الذي يتعامل معه بعدائية أو يخشى التهديدات التي يمكن أن يتعرض لها ويخاف أن يفقد السيطرة على حياته نهائياً، أو يدرك أنّ الكشف عن ما يصيبه قد يقود الشخص العنيف إلى عواقب سلبية أو عقوبة السجن أحياناً، أو قد يغوص في الأحداث العصيبة ويعيش فيضاً من المشاعر السلبية مثل الخوف والغضب.

يجب أن يقتنع الجميع بأن الأوان لا يفوت مطلقاً لتغيير الوضع! قد يحتاج الفرد إلى الوقت قبل أن يقرر الإبلاغ عن سلوكيات العنف. يتخذ البعض هذا القرار بعد سنوات عدة من تحمّل العدائية للتحرر أخيراً من العبء الذي يثقل حياتهم. لكن في بعض الحالات المؤسفة، قد تكون العواقب على حياتهم ثقيلة وغير قابلة للتصحيح...

back to top