ترانيم أعرابي: لو سمحت شكراً

نشر في 29-12-2015
آخر تحديث 29-12-2015 | 00:00
 عبدالرحمن محمد الإبراهيم الشكر من الأمور التي لا يقدر عليها كل أحد خصوصا في مجتمعاتنا الخليجية والعربية، وإن من يعيش في بريطانيا والغرب يجد أن الكثير منهم يستخدم هذه الكلمات لأنها جزء من ثقافتهم وطوروها، فصار الطفل يتعلم هذه المهارة في المدرسة وفي المنزل حتى في الشارع.

تجد بعضنا، وقد أقول الكثير منا، إذا دخلوا مركزاً للتسوق يشترون حاجاتهم ثم يغادرون دون كلمة شكر للعامل الذي أوصل حاجته أو المحاسب بحجة أن هؤلاء موظفون وهذا عملهم!

كلمة الثناء يحتاجها كل أحد منا، أحيانا يستصغر أحدهم هذه الكلمة ولا يدري أنها تكون مفتاح السعادة للآخرين في كثير من المواقف، هب أنك عاملت الآخرين دون ظلم أو تعسف فهل يكفيهم منك هذا؟ لا أعتقد، فالكلمة الطيبة صدقة كما ورد في الحديث.

يخبرني أحدهم أنه لاحظ أمراً خلال زياراته المتكررة للسوق القريب من منزله، يقول كلما أخذت بضاعة من أحدهم بدأت سؤالي بكلمة "لو سمحت" وختمت زيارتي بكلمة "ألف شكر"! ولأن صاحبنا كثير التردد على السوق نفسه صار يلاحظ أن بعض الباعة يقابلونه بابتسامة حتى إن لم يشتر منهم شيئا، ومع مرور الوقت وجد نفسه أحد الزبائن المفضلين في هذا السوق، كل هذا بسبب كلمتين: لو سمحت وشكراً!

يعتقد الكثيرون منا أن المال هو سبب سعادة الفقراء والعمال، نعم قد يكون ذلك في بعض المناسبات لكن أصل سعادة هؤلاء هو أن يكتشفوا قيمتهم من خلال استشعارهم قيمة ما يقدمون لك، وهذا الأمر يتأتى بكلمات صغيرة إلا أن مفعولها على النفس كبير جدا.

أذكر عندما كنت أعمل في أحد البنوك، طلبت منا إدارة المصرف مراراً أن نشكر العملاء على ثقتهم بنا ونبتسم دائما لهم، لاحظت خلال فترة عملي أن بعض الموظفين لا يشكر إلا بعض الفئات التي يصنفها هو أنها مثقفة، وتعي مثل هذه الكلمات! الغريب أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم صاروا يشكرون جميع العملاء دون تصنيف عندما وضعت إدارة المصرف خصومات على الراتب لمن لا يبتسم ولا يشكر الجميع!

ديننا دين حياة، عالج صغائر الأمور، فلم يترك لنا سببا للحياة بطريقة صحيحة إلا دلنا عليه، بل من كرم الله علينا كمسلمين أن جعل للأعمال التي نقوم بها أجرين إن أحسنا النية، نجاحا في الدنيا وفلاحا في الآخرة.

الشكر ليس ضرورياً أن يكون بكلمة واحدة، فلغتنا العربية زاخرة بكم كبير من الكلمات التي تؤدي في معناها للشكر، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "جزاك الله خيرا، كتب الله لك الأجر، ألف شكر، يعطيك العافية، عاجز عن التعبير عن امتناني لما فعلت"، وغيرها الكثير، ومن تجربة شخصية يبهج الكثير من المسلمين أن تقول لهم كثناء على ما فعلوه "الله يجزاك الجنة".

لا تشكر فقط الغرباء، فأهل بيتك وأصدقاؤك أحق بهذا الشكر، عبر عن امتنانك لكل أحد، لطفلك إذا حصل على درجات عالية في الاختبارات، لزوجتك بعد وجبة لذيذة، لوالدتك بدون سبب، لوالدك لحسن تربيته لك، لخادمتك لمساهمتها في المنزل بل حتى نفسك تستحق أن تشكرها.

الغرب لا يتميزون عنا لأن لديهم قدرات خارقة، فهذا ليس صحيحا، وكل ما هنالك أنهم أسسوا ثقافات من مبادئ إنسانية عظيمة، وساروا عليها حتى صارت جزءاً من حياتهم اليومية، ونحن قادرون على أن نكون مثلهم لأن معيننا هو ديننا وبه نحقق للبشرية جمال الحياة، ونحقق لأنفسنا حسن الختام ودخول الجنة التي هي أقصى الأمنيات.

شوارد:

قد قيل "إذا قصرت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر".

back to top