الشاعرة المغربية علية الإدريسي: أبحث عن عنوان يشبهني

نشر في 08-07-2016
آخر تحديث 08-07-2016 | 00:00
No Image Caption
تؤكد الشاعرة المغربية علية الإدريسي أن المرأة المغربية المبدعة جزء  لا يتجزأ من التجربة الأدبية المغربية والعربية، ولا يختلف اثنان في مدى نجاحها في خوض غمار الأدب والإبداع،  وترى أن المشهد الثقافي المغربي مفتوح على كل التجارب، ويتميز بالتنوع  اللغوي، فالمغرب من الدول التي تعرف حركة ثقافية واسعة في غياب المؤسسات الرسمية.

صدر لكِ ديوان شعر « حانة لو يأتيها النبيذ» حدثينا عنه، ولماذا هذا الاسم للديوان؟

هو أول حب أصدرته سنة 2009 منشورات دار التوحيدي، والذي كان نظرتي الأولى إلى العالم والطريقة الوحيدة ربما لإنهاء تلك الأحلام التي لا تنتهي. كنت أريد عنواناً مميزا ويشبهني لذا، عندما خطر ببالي «حانة لو يأتيها النبيذ» كعنوان أولي أويته بكل حب ولم أشرك به أحداً.

ماذا عن أعمالك الأخرى من بينها ديواني: «هواء طويل الأجنحة» و«ظلال تسقط إلى أعلى» ؟

“هواء طويل الأجنحة” هو حبي الثاني الذي صدر عام  2014 . في هذا العمل حاولت أن  أضيف إلى وجودي تساؤلات بحجم رأسي الصغير، لأطل على القارئ المفترض في خريف لا يشبه أحداً، «ظلال تسقط إلى أعلى” حب ثالث صدر عن منشورات بيت الشعر بالمغرب، تجربة حاولت من خلالها أن أسقط ظلالي أمام الموت بتحطيم حاجز الخوف من الخريف الذي يركض من فرح إلى حزن.

ما الذي يمكن أن يهرب منه المبدع العربي فى سؤال الهوية من وجهة نظرك؟

كلنا أبناء هذا الوطن الذي يسكننا جميعاً، لتبقى الهوية سقفاً ضيقاً لا رؤية له، غير أن المبدع مطالب بإيجاد ملامحه وترسيخها كــضوء لكن بحرية كاملة، يقول جلال الدين الرومي: “ بلدك الحقيقي هو المكان الذي تتوجه إليه وليس الذي أنت فيه الآن”.

يرى البعض أن حضور الذات (الأنثى ) طاغغ في أعمالك، ما ردّك؟

الكتابة أمر شخصي، بالتالي هي فعل كتابة وملامسة تفاصيلك المثقلة بالـ “أنا” للتحليق في هذا العالم، شخصياً عندما أكتب لا أبتعد عني، أؤمن بالآخر لكني وفية للجبل الذي يعلو صدري حتى  لا أختنق.

هل يمكن الحديث في الإبداع عن فرق نوعي بين المرأة والرجل؟ ألا يرتبط الإبداع بالإنسان بغض النظر عن جنسه؟

المرأة الرجل، الرجل المرأة مباراة ركض في الإبداع، والإبداع لا يحتاج لكل هذه التصنيفات المختلفة، لأننا تخطينا كل هذه الحواجز، إبداع المرأة الآن ينافس في المجالات المختلفة، كذلك أدب المرأة شريك رئيس في الجوائز المحلية والعربية والدولية، ويحظى بالكثير منها.

ألا تزال الكاتبة المغربية تشعر بقيود وتواجه خطوطا حمراء تمنعها من ممارسة حريتها في الكتابة والبوح بجرأة؟

كيف يمكنك الاستمتاع بالكتابة  وأنت تضع حدوداً حمراء؟ الكتابة تحتاج إلى كل حواسنا لنتلذذ ببقايا اللذة التي نسرقها في واضحة النهار، وأحياناً أخرى نحتاج أن  نتعرى أمامها في خجل، مخافة أن تصرخ انفلاتاتنا تلك التي تتغير كلما رشفتنا الحياة، ثمة غيمة موارية خلف الباب نحاول اصطيادها بيد فارغة لنذهب معها إلى أعماق  الكون.

إلام يسعى الشاعر العربي في تجاوزه حدود الواقع في حداثته؟ وكيف ترين  مرحلة “ما بعد الحداثة”؟

الشاعر مطالب بإيجاد صورته التي تدل عليه، لذا يحاول أن ينهب  من هذا العالم صفقات تحل مكانه، أحياناً كثيرة يطرد مخاوفه ليصنع من نصه أماكن جديدة ليصحو من غيبوبته، فالشاعر كلما أطلق سراحه حلق بعيدا وعلى نحو أفضل.

ديوان العرب

هل ترين أن الشعر ما زال ديوان العرب خصوصاً بعد الإقبال الكبير على الرواية؟

الشعر هو تلك الجديلة التي كلما أتقنت ظفرها ظلت في مخيلتك ولم تغادره، فإن كان هذا الهروب الجماعي باتجاه الرواية بات يلفت الأنظار  إلا أنني أرى الأمر مجرد عودة  جدية إلى كتابة الشعر لأن اللغة الشعرية باتت تهيمن على كل الأعمال.

تحوّل شعراء كثر إلى كتابة الرواية لما لها من حضور عربي، هل راودتك تلك الفكرة؟

لست مصابة بأي مرض كما أني لست في عطلة، سأستمر  في الكتابة وستظل نوافذي مشرعة على الحظ، ثمة عائق وحيد هو الموت.

قارئ الشعر هل مازال موجوداً...؟

 الشعر كان وكائن وسيبقى، وهو ليس في صراع أو منافسة مع الأشكال الكتابية الأخرى، هو ديوان العرب كما أن الرواية هي إبداع أوروبي بامتياز، فكم من شاعر روائي، وكم من روائي شاعر، لا يجب تصنيف والقارئ بشكل متجزئ، فقد يهتم بأكثر من شكل إبداعي في الوقت نفسه.

كيف تقيمين المشهد الشعري العربي بعد عقود من الآن؟ كيف تتمنينه؟

أظن أن المشهد الشعري العربي يمر الآن بمرحلة مخاض حادّ وبحث عن الذات، خصوصاً مع انفجار الوضع الكتابي مع مواقع التواصل الاجتماعي، وحين تهدأ أمواج الرداءة ستبرز جزر الإبداع الجيد، وقد نحتاج إلى عقود من الزمن لتحقيق ذلك.

كيف ترين المشهد الثقافي المغربي حاليا؟

هو مشهد مفتوح على كل التجارب ويتميز بالتنوع، فالمغرب من الدول التي تعرف حركة ثقافية واسعة في غياب المؤسسات الرسمية.

هل يرسم النقد في المغرب الوجهة الصحيحة للعمل الإبداعي، وهل من تجارب نقدية رافقت رحلتك الأدبية؟

على النقد أن يقوم بما هو ملزم به وإيصال تلك الدهشة  لا اغتصاب أيقونات الجمال، سيصبح هذا العالم فسيحاً لو حافظ النقد على تلك المسافة الصادقة فينا، وأصاب الفشل بضرباته بدل أن يغمض عينيه طوال الوقت.

ألا تعتقدين بأنه ما زالت ثمة قطيعة ثقافية بين المشرق العربي والمغرب العربي؟

الثقافة جمال إنساني لا يعترف بالحدود أو بالجهات الأربع، فهي الوحيدة التي بوسعها رفع الغبار  لمشاركة الأبواب رقصاتها، ربما على المستوى المؤسساتي شبه قطيعة لكن على المستوى الإنساني تدس أسماء حبها في أعماق كل الجهات، وتفيض بعيداً عن تلك العقلية الضيقة التي تعاتب الغيوم.

هل تراهنين على الجوائز لتحقيق انتشار عربي والمساهمة في إيصال صوت الإبداع النسوي المغربي خارج حدود الوطن؟

أراهن على حدائق من الكتابة الجيدة، بعيداً عن المزايدات والمراهنات، إذ لا يمكن للعصفور داخل القفص أن يرسم قلبه كما يشاء الفرح، كما لا يمكن للجوائز أن تصنع كتابة جيدة.

الإدريسي وخلخلة الصورة الشعرية
علية الإدريسي من مواليد مدينة تاونات شمال المغرب، وهي مدينة خضراء أراضيها ومنها استلهمت جُلّ كتابتها. صدر لها ديوان “حانة لو يأتيها النبيذ” عام 2009، وهو عبارة عن كتيب صغير بحجم الكف أرفقته بقرص مدمج يتضمن قراءات لقصائد الديوان بصوتها. عنه تقول: “ما حدث أن هذا الديوان تلقفته أيدي الأصدقاء والمبدعين بنوع من الفرح، لأصاب بذعر شديد وأنا أفكر في إصدار آخر”.

انتظرت لغاية 2014 لتصدر ديوانها الثاني بالحجم نفسه، واختارت له عنواناً “هواء طويل الأجنحة”، عملت فيه بنوع من اللعب المقصود على خلخلة الصورة الشعرية. قالت عنه: “هو ديوان على شكل قصيدة واحدة غير مرقم، بالإضافة إلى كونه مقسماً إلى جزءين يمكن التقديم والتأخير، من دون أن يحدث أي تغيير في الديوان”. اعتمدت على ذكاء القارئ في التقرب من هذه التجربة ببعض إشارات على ظهر الغلاف.

وتشير إلى التجربة الثالثة “ظلال تسقط إلى أعلى”: “كانت مع بيت الشعر، والإصدار مع هذه الجهة له نكهة خاصة، إذ هي جهة الشعر في المغرب”، وترى أن هذا الديوان ينتصر لطفولتها التي تعيشها باستمرار.

حول جديد “علية الإدريسي” تشير إلى أنها تنتظر كتابة نص جميل، فضلاً عن ترجمة ديوانها “حانة لو يأتيها النبيذ” إلى الإسبانية والصينية.

الأدب المغربي مشهد مفتوح على كل التجارب ويتميز بالتنوع

ديوان «ظلال تسقط إلى أعلى» محاولة لتحطيم حاجز الخوف من الخريف

الشاعر العربي كلما أطلق سراحه حلق بعيداً على نحو أفضل

المشهد الشعري العربي يمر الآن بمرحلة مخاض حاد وبحث عن الذات
back to top