أئمة الحديث: ابن المسيب

نشر في 01-07-2016
آخر تحديث 01-07-2016 | 00:00
No Image Caption
هذا الإمام، كان رأس فقهاء المدينة في زمانه، حتى اشتهر بفقيه الفقهاء، وكان عبدالله بن عمر (رضي الله عنهما) إذا سئل عن مسألة صعبة في الفقه، كان يقول: سلوا سعيدا فقد جالس الصالحين، ونظراً لغزارة علمه بالأحاديث النبوية الشريفة وتمسكه بالعمل بها، تزعم مدرسة الحديث التي قامت في الحجاز تحديداً في المدينة المنورة، وقد تتلمذ على يده كثير من العلماء، وتعلموا منه طريقته في استنباط الأحكام، وكان عمر بن عبدالعزيز أحد تلامذته، ولما تولى عمر إمارة المدينة لم يقض أمرا إلا بعد استشارته.

إنه الإمام سعيد بن المسيب المخزومي القرشي ولد في المدينة عام 14هـ بعد تولي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الخلافة بأربع سنوات.

وكان أبوه المسيب بن حزن صحابيا من المهاجرين، ومن أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا الرسول (ص) تحت الشجرة ونزل في حقهم قرآنا.

يعتبر سعيد بن المسيب سيد فقهاء المدينة والتابعين، روى عن عدد من الصحابة وبعض أمهات المؤمنين، ويقال له فقيه الفقهاء، ويقول سعيد عن نفسه: "أخذت علمي عن زيد بن ثابت".

وقيل إنه أخذ شطر علمه من زيد بن ثابت وأبي هريرة صهره، لأن سعيد بن المسيب زوج ابنته أم حبيب الدوسية بنت أبي هريرة.

ويحكى أنه كان رجلا وقورا، عفيفا، معتزا بنفسه، لا يقوم لأحد من أصحاب السلطان، ولا يقبل عطاياهم، ولا هداياهم، ولا التملق لهم، أو الاقتناع بهم، وكان يعيش من التجارة في الزيت.

وحينما رفض مبايعة أبناء عبد الملك بن مروان، لأنها كانت بيعتين لابني عبد الملك، هدده أمير المدينة بضرب عنقه، فلم يتراجع عن رأيه، رغم علمه بما ينتظره من العذاب، وما أن أعلن سعيد مخالفته حتى جردوه من ثيابه، وضربوه خمسين سوطا، وطافوا به في أسواق المدينة، وهم يقولون: هذا موقف الخزي، فيرد عليهم سعيد في ثقة وإيمان: بل من الخزي فررنا إلى ما نريد.

ويحكى أن الخليفة عبد الملك بن مروان أراد أن يخطب ابنة سعيد لولي عهده الوليد، لكنه رفض بشدة، وزوج ابنته من طالب علم فقير، يقال له (عبدالله بن وداعة) على صداق قدره درهمان.

يذكر عنه حرصه على صلاة الجماعة، وكثرة الصيام، وقد حج أربعين حجة، وكان يكثر من دعاء اللهم سلِّم سلِّم.

وكان سعيد بن المسيب مشهورا بتعبير الرؤى، فقد جاءه رجل، فقال: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان، فأضجعته إلى الأرض، وبطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد، قال: ما أنت رأيْتَها، قال: بلى. قال: لا أُخِبُرك أو تُخْبِرَني قال: ابن الزبير رأها، وهو بعثني إليك، قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك، وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة، فرحل الرجل إلى عبدالملك بالشام فأخبره، فسُرَّ بها.

ولما احتضر سعيد بن المسيب ترك مالاً، فقال: اللهم إنك تعلم أني لم أتركها إلا لأصون بها ديني، وتوفي سنة 94هـ.

back to top