أمين البحوث الإسلامية بالأزهر د. محيي الدين عفيفي لـ الجريدة.: الداعية الحق يخاطب الشباب بلغتهم ولا يعامل الجمهور بفوقية

أكد عدم رضاه عن مستوى الدعاة والخطاب الديني حالياً

نشر في 28-06-2016
آخر تحديث 28-06-2016 | 00:00
د. محيي الدين عفيفي
د. محيي الدين عفيفي
قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ومقرر لجنة الخطاب الديني في بيت العائلة المصرية – تجمع يضم شخصيات دينية من الأزهر والكنيسة المصرية - الدكتور محيي الدين عفيفي، أن على الدعاة أن يدركوا أن اللغة الكلاسيكية والتقليدية والتمسك بالتكلم باللغة العربية الفصحى لم يعد يتماشى مع الشباب ولا يجدي معهم.
وأضاف عفيفي، في مقابلة مع "الجريدة"، أنه يجب العمل على مخاطبة الشباب بلغتهم، فالداعية أو العالم الحقيقي لا يتعامل بفوقية مع الجمهور، وإلى نص المقابلة:
● هل أنت راضٍ عن مستوى الخطاب الديني في الوقت الحالي؟

- غير راض عن مستوى الدعاة ولا الخطاب الديني الذي يقدم حالياً، ويجب تضافر الجهود للارتقاء بمستوى الدعوة والدعاة، وما يبذل حالياً لا يلبي احتياجات المرحلة، فنحن نعمل بإمكانيات وطاقات كانت تناسب المراحل السابقة، أما الآن فنعيش تحديات جديدة تتطلب نوعاً من التأهيل والإعداد والإمكانيات، ومسألة تجديد الخطاب الديني تتلخص في الوسائل والأساليب وطريقة التعاطي مع النص الشرعي، وليس النظر في الأصول سواء في القرآن أو السنة، إنما تجديد آليات التعاطي والفهم للنصوص الشرعية في ضوء المتغيرات، أو في ضوء فقه النوازل أو قضايا العصر، فنحن في حاجة لإعادة النظر في فقه المراجعات.

● تقصد فقه المراجعات الخاص بالجماعات التي كانت في السجون؟

- ليس هذا ما أقصده، وإنما أعني بفقه المراجعات أن نراجع أنفسنا في آليات التعامل مع النصوص في ضوء المتغيرات، وأن نضع تغير الزمان والمكان في اعتبارنا، ليكون ركيزة عند النظر في النصوص الشرعية، ومن عظمة القرآن الكريم، أنه لم يتعرض لتفصيلات وبذلك ترك المساحة للعقل البشري أن يتأمل ويتفكر، والقرآن تحدث عن قضايا كلية ولم يتعرض لتفصيلات، كما أن الإسلام احترم العقل البشري ومنحه مساحة للتفكر والتدبر والتأمل، بالتالي لا يمكن أن نقف بفهمنا للإسلام عند مرحلة زمنية معينة، ولا يعني ذلك القطيعة مع التراث، أو مع موروثاتنا العلمية، ولا يصح اختزال الخطاب في أمور فرعية، ومن ثم يكفر ويفسق الناس ويبدعون في الأمور المختلف فيها، فلا إنكار في المختلف فيه.

● ماذا عن الوسائل التي يتطلبها التجديد؟

- هناك العملية التعليمية، فلابد من التجديد في مناهج التعليم ومقررات التربية الدينية، بحيث لا تكون الموضوعات تقليدية أو كلاسيكية بعيدة عن الواقع المعيشي، ولابد من التركيز على قضايا الانتماء والمواطنة وثقافة التسامح، وهناك نصوص يمكن إسقاطها على الواقع تركز على قيم الرحمة والتعاون والتكافل الاجتماعي وإعلاء قيم الحوار واحترام الآخر والخلاف في الرأي والمعتقد ووجهات النظر.

● بماذا تفسر الهجوم على المؤسسات الدينية لاسيما الأزهر؟

- الأزهر مستهدف من كل التيارات، ويتعرض لحملات تشويه، ونحن نقول إن الأزهر ليس فوق النقد البناء.

● البعض يوجه اتهامات للأزهر بأنه جزء من المشكلات، فما مدى صحة ذلك؟

- اتهام الأزهر بأنه جزء من المشكلات غير صحيح، وعلينا إدراك أهمية التركيز على مسألة المحتوى العلمي، فهي مهمة جداً لتشكيل العقليات من خلال التعليم والموروث الثقافي، ونسبة الأمية الدينية كبيرة جداً وتفشت بشكل خطير، والبعض ثقافته مبنية على السماع فقط، ومسألة القراءة والاطلاع تعاني الكساد، وصار الناس يستقون معلوماتهم من خلال الإنترنت وموقع "غوغل" ولا يتم توثيق المعلومة أو التقصي بشأنها، والقرآن يقول: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً" (الإسراء: 36).

● ماذا عن دور المؤسسات الدينية في ظل هذا الواقع؟

- في ظل الواقع المجتمعي، والأمية الدينية، وجب على المؤسسات الدينية ومؤسسات التعليم أن تضطلع بدورها، فالشباب يعاني فراغاً فكرياً وروحياً، ويجب إعطاؤهم بعض المعلومات وجرعة دينية تكون بمنزلة المناعة لهم، وتحول دون استقطابهم وتجنيدهم واصطيادهم من قبَل تيارات الإرهاب بدعوى الفوز بالجنة وملذاتها والحور العين، إذن التيارات الإرهابية تلعب على مشاعر الشباب وتدغدغ عواطفهم، خصوصاً الفئة التي تعاني السطحية والهشاشة الفكرية.

● ما طبيعة اللغة التي تتعاملون بها مع الشباب؟

- اللغة الكلاسيكية والتقليدية والتمسك بالحديث باللغة العربية الفصحى صار لا يتماشى مع الشباب ولا يجدي معهم، ونسعى إلى مخاطبة الشباب بلغتهم، قال تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ"(إبراهيم: 4)، وأيضاً قال رسول الله، (صلى الله عليه وسلم): "لم يبعث الله، عز وجل، نبياً إلا بلغة قومه"، والداعية أو العالم الحقيقي لا يتعامل بفوقية مع الجمهور، فأنا خادم للجميع، ولابد أن أقدم خدمة تراعي ظروف وإمكانيات المتلقي، فالشباب شريحة مهمة، والرهان كله على الشباب، والشباب له عالمه الخاص من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ولم يعد يوجد في المساجد.

● البعض يرجع بروز ظاهرة الإلحاد إلى التيارات الدينية؟

- نعم، من أسباب انتشار الإلحاد في تلك المرحلة الممارسات السيئة لتلك التيارات الإرهابية من قتل وتفجير وترويع للآمنين، وتصوير الإسلام على أنه سجن، وهذا فشل ذريع من قبَل تلك التيارات، التي أضرت بالدين، وساهموا في تزييف الوعي الديني ولي النصوص بشكل مسيء.

● هل ممارسات تلك التيارات أثقلت كاهل المؤسسات الدينية؟

- كل هذه المفاهيم المغلوطة وممارسات تلك التيارات الإرهابية والتكفيرية، ألقت بتبعات خطيرة على المؤسسة الدينية، وأصبحنا نستهلك الجهد والوقت لتصحيح المفاهيم بدلاً من طرح قيم جديدة تعالج الأفكار وتصححها، وهذا أثر كثيراً على جهود المؤسسة الدينية المبذولة لتوعية الناس وإبراز المعالم الحقيقية للإسلام.

يجب إعادة النظر في فقه المراجعات لمواكبة المتغيرات
back to top