شيخ مشايخ الطرق الصوفية د. عبدالهادي القصبي لـ الجريدة.:

أحذّر من مخططات خارجية تستهدف تركيع الأمة الإسلامية
«ننسق مع مشايخ الطرق الصوفية في العالم ونحتاج إلى دعم مؤسسي لترسيخ القيم»

نشر في 24-06-2016
آخر تحديث 24-06-2016 | 00:00
حذر شيخ مشايخ الطرق الصوفية في مصر د. عبدالهادي القصبي من المخططات التي تستهدف الأمة العربية والإسلامية للنيل من وحدتها وإضعافها، داعيا في مقابلة مع "الجريدة" إلى ضرورة تصدي الحكماء والعقلاء للمخططات التي تستهدف النيل من الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة، مؤكداً وجود تواصل وتنسيق مستمر مع مشايخ الطرق الصوفية في البلدان العربية والعالم الإسلامي، ويتم بحث كل القضايا التي تواجه الأمة... وإلى نص المقابلة:

● كيف ترى واقع الأمة الإسلامية والعربية؟

- هناك تكالب من الأعداء والمتربصين بالأمة ممن تمكنوا إلى حد كبير من زرع الفتن والنزاعات بين أبناء الأمة، ولعبوا على وتر الدين والعرقيات، وقسموا الناس إلى سنة وشيعة وأكراد وكاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت، وغيرها من المسميات التي طفت على السطح بفضل تغذية العنف الطائفي والعرقي بين أبناء الأمة، فالغرب لجأ إلى سياسة "فرق تسد"، وهذا مخطط ممنهج ضد الإسلام في المقام الأول.

● من المستفيد من الوضع الراهن؟

- لا يخفى على أحد أن إسرائيل تعيش في أمان، والمنطقة العربية تشتعل بالصراعات وتعج بالأزمات، والوقت الراهن يستوجب تصدي حكماء وعقلاء الأمة، فنحن في أمس الحاجة إلى رأب الصدع وتوحيد الصفوف من جديد، ونحن لسنا أقل من أوروبا لإقامة سوق عربي مشترك وتشكيل تكتل قوي، فالاقتصاد هو الذي يقود العالم حاليا، ومن يملك المال والاقتصاد هو صاحب الكلمة وفرض السطوة.

● هل يوجد نوع من التعاون بين الطرق الصوفية في الدول العربية والعالم الإسلامي؟

- يوجد تواصل وتنسيق مستمر مع مشايخ الطرق الصوفية في البلدان العربية والعالم الإسلامي، ويتم بحث كل القضايا التي تواجه الأمة، والعمل على مواجهة موجات التشدد والتطرف، فالطرق الصوفية تقدم الإسلام بوسطيته واعتداله ولا تنفر الناس في الدين كما تفعل التيارات المتطرفة والمتشددة التي تتحدث باسم الإسلام ظلما وبهتانا.

● من يسلكون منهج العنف والتخريب من تيارات دينية يدعون أنهم يطبقون الشرع، فما حقيقة ذلك؟

- هذا كذب وافتراء، فالإسلام دين الرحمة والاعتدال، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والله تعالى يقول: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ" (الأنبياء: 107)، ومن ينتهج العنف والذبح وتشريد الأبرياء وترويع الآمنين باسم إقامة الخلافة وتطبيق الشرع، فهذا كذب على الله ورسوله، ويجب مقاومته بشتى الأساليب، لأنه أساء للدين بإجرامه وأضر بالأمن القومي.

● كيف يمكن مواجهة المخاطر التي تحيط بالأمة؟

- القوى الخارجية المتربصة بنا لديها مخططات تستهدف تركيع الأمة، وهذا لن يحدث بفضل الله، ولابد من تقوية الجبهات الداخلية والعمل على حل المشكلات، وعلى علماء الدين دور كبير في نشر سماحة ووسطية الدين وتصحيح المفاهيم المغلوطة وتحصين شباب الأمة من الانزلاق في أي مخاطر.

● كيف ترون أعمال الدجل والشعوذة التي يمارسها البعض باسم الدين؟

- العالم تقدم حينما ورفع شعار العلم وأخذ بالأسباب، وعلينا مناهضة كل الأمور التي تلغي العقل والعلم وتسيء للدين، فالإسلام دين عمل وإنتاج، ويحث على العلم والتقدم ويرفض أعمال الدجل والشعوذة التي يتاجر بها البعض ويأخذونها "سبوبة" ويخدعون بها الجهلاء والبسطاء، ولابد من العودة إلى ديننا، فلا يمكن أن يكون المسلمون في ذيل الأمم ومجرد أمة مستهلكة لما ينتجه الآخرون.

● عمليات توريث الطرق الصوفية إلى الأبناء بغض النظر عن مستواهم العلمي أو الديني، كيف تراها؟

- طبعا لكل قاعدة شواذ، لكن في الغالب ينشأ الأبناء في بيوت تربت على الصوفية، وأن كل شيخ يصطحب أولاده في كل حلقات الذكر والعلم وتلاوة القرآن، ويعتادون المساجد ويتلقون دروس العلم على يد كبار المشايخ، وبالتالي ليس من الصعب أن يتولى الابن شياخة الطريقة طالما كان مؤهلاً لذلك، علاوة على أن القانون يشترط فيمن يتولى شياخة الطريقة أن يكون من أهل العلم والدين، وبالفعل نحن نركز على الجانب العلمي.

● كيف؟

- لدينا معهد لدراسة العلوم الصوفية، وهو مدرسة راقية لتعلم التصوف، ومتاح للجميع من أبناء الطرق الصوفية أو غيرهم من العامة لتلقي العلوم الصوفية، ويقوم بالتدريس فيه كبار علماء الأزهر الشريف.

● ما الذي ينقص البيت الصوفي؟

- نحن في أمس الحاجة إلى دعم وتعاون كل المؤسسات معنا، لترسيخ القيم والمبادئ النبيلة والأخلاق بين أبناء الأمة، فبالأخلاق تبنى الأمم.

● ماذا عن البدع والخرافات التي تخترق البيت الصوفي؟

- الصوفيون الحقيقيون يلتزمون بكتاب الله وسنة رسوله الكريم ومسلك التابعين والصالحين، ونحن نعمل بالفعل على مقاومة السلبيات بمحاربة الجهل والأمية الدينية والأفكار المغلوطة حتى نعود بالتصوف لسابق عهده، ونرد إليه رونقه، فالتصوف بدأ منذ عهد النبي (صلى الله عليه وسلم).

ولا ننكر أن هناك مخالفات وهي موجودة دائما في الموالد والاحتفالات، ونحن نعمل على دراسة كل الظواهر الدخيلة، وأهل التصوف الحقيقيون يعترضون ويتصدون لتلك المخالفات التي لا تمت للتصوف بصلة، كالاختلاط في الموالد، أو التشويش على رواد الموالد بالظواهر السلبية.

● هل يتم تسييس الطرق الصوفية؟

- نسعى للحفاظ على الأمن القومي للبلاد ووحدة الأمة ونشر سماحة الدين ونبذ العنف والتطرف، ونرفض أية محاولات لاستغلال التصوف في أهداف سياسية ودنيوية على غرار إنشاء أحزاب، وبالتالي تسعى الائتلافات إلى هدم مؤسسات الدول على غرار الاتحاد العالمي للمسلمين الذي يترأسه يوسف القرضاوي، بوق تنظيم "الإخوان".

● ما الرسالة التي تركز عليها الطرق الصوفية؟

- نحن مؤسسة صوفية دعوية وسطية أخلاقية بالشروط التي حددها كتاب الله وسنة رسوله بعيدا عن المغالاة والتطرف، وأن أبوابها مفتوحة على مصاريعها للمساهمة في الدعوة الأخلاقية والوطنية.

● البعض يرى أن المد الشيعي يأتي عن طريق الطرق الصوفية؟

- لن نسمح بأي مد شيعي في بلاد أهل السنة، ونقف له بالمرصاد، ولابد من تكاتف كل المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي للتصدي لأية محاولات لنشر التشيع في بلادنا، وللأسف بعض من يروجون للتشيع يلعبون على وتر حب أهل السنة في كل الأقطار العربية لآل البيت، كما يستغلون بعض الأحداث السياسية لإثارة نعرات طائفية وعرقية.

أعمال الدجل والشعوذة يستخدمها البعض «سبوبة» لخداع الجهلاء

الغرب يعتمد سياسة «فرق تسد»... ويجب محاربة الفقر والأمية الدينية
back to top