إسرائيل… عندما يتحول الإرهابيون إلى أبطال! (3 - 15)

نشر في 23-06-2016
آخر تحديث 23-06-2016 | 00:05
شكّل إعلان إسرائيل في عام 1948 علامة فارقة في مسيرة الإرهاب اليهودي الصهيوني، فلم تعد جماعات القتل والتطرف مجرد عصابات متفرقة لها أهدافها الخاصة، إنما صارت جزءاً من الدولة الجديدة. بل الأغرب أن غالبيتها صارت العماد الأساسي للجيش الإسرائيلي، وبات التاريخ الإرهابي لقيادات تلك العصابات مؤهلاً للترقي في المناصب بالدولة!
ولم يتوقف الأمر على اندماج المنظمات الإرهابية في الدولة، بل أفرز المجتمع الإسرائيلي تنظيمات إرهابية جديدة عدة تفوقت في تطرفها وإرهابها على سابقاتها، وتمتعت بحماية الدولة! وقدر عددها بنحو 23 منظمة، ثلاث منها قبل نشأة الدولة، وكانت تتبع للحكومة الإسرائيلية مباشرة 12 منظمة. كذلك أطلقت يد {المستوطنين} الذين كونوا عشرات التنظيمات الإرهابية التي يصعب حصرها.
لعل إحدى أبرز السمات التي تميزت بها المنظمات الإرهابية الإسرائيلية في مرحلة ما بعد الدولة أنها تحولت إلى منظمات رسمية، تمارس القتل والإرهاب باسم الدولة. ظهرت في السنوات الأولى لتكوين إسرائيل وحدات اغتيال تابعة لأجهزة الاستخبارات نفذت كثيراً من عمليات القتل بدم بارد داخل إسرائيل وخارجها وبأسلوب العصابات الإرهابية الصهيونية نفسه قبل تأسيس الدولة، ومن تلك المنظمات {المنتقمون}، وهي منظمة إرهابية تتبع الموساد وتكلف بمهام الاغتيال. كذلك تحضر هنا {المجموعة 101} وهي فرقة قتل وإعدام تابعة للموساد وتُكلف بالمهام الانتقامية، و}وحدة يوليه} وهي فرقة اغتيال غير رسمية تتبع الموساد وتنفذ عمليات انتقامية... كذلك {ماسادا} وهي فرقة اغتيال غير رسمية تتبع الموساد، والاسم مستوحى من أسطورة الماسادا اليهودية التي سبق أن تعرضنا لها تفصيلاً.

انتشرت خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى أيضاً وحدات المستعربين التي ارتكبت جرائم قتل عدة واغتيالات بحق قادة الانتفاضة، وتتمتع هذه الوحدات بتدريبات عسكرية واستخباراتية عالية المستوى حولت أفرادها إلى قتلة محترفين. كذلك تكوّنت {فرق الموت} في الجيش الإسرائيلي في أوائل التسعينيات كمجموعات انتقامية سرية رسمية لتنفيذ اغتيالات واسعة داخل صفوف القيادات الفلسطينية، وكانت ترتدي الزي العربي كي تلصق تهمة التصفية للخصوم داخل الصف الفلسطيني، محدثة الفرقة والشقاق بين فصائله المختلفة.

السيف والتوراة

لكن {تأميم} الإرهاب الإسرائيلي وتبني الدولة له، لم يحل دون استمرار المنظمات الإرهابية القديمة، بالأفكار نفسها وبمسميات جديدة، إضافة إلى إنشاء كثير من المنظمات الجديدة الأكثر تطرفاً، ومن بينها {رابطة الدفاع اليهودية} واشتهرت بحركة {كاخ}. أسسها في نيويورك الحاخام المتطرف مائير كاهانا الذي أغتيل عام 1990 على يد مواطن أميركي من أصل مصري يدعى سعيد نصير، وتعني كلمة {كاخ} في العبرية {هكذا}، وقد اتخذت هذه الحركة شعار {يد تمسك بالسيف وأخرى بالتوارة} وينتمي معظم أنصارها إلى الشرائح الاجتماعية الفقيرة المتذمرة الناقمة على المؤسسة الحاكمة وتحمل كراهية وعداء شديدين للعرب.

وكانت هذه الحركة مرحلة مفصلية في تاريخ العنف الإسرائيلي القائم على أسس دينية، فقد قامت بجرائم ومذابح عدة ضد العرب والمسلمين من بينها، محاولة الاستيلاء على المسجد الأقصى ثم إطلاق النار على المصلين في باحته، وخطة تفجير قبة الصخرة، وتفجير حافلات الركاب المواطنين الفلسطينيين، ونشر متفجرات مفخخة في منطقة القدس، بالإضافة إلى إحراق سيارات الفلسطينيين في حي أبي طور، واغتيال عدد من نشطاء حركة {السلام الآن} الإسرائيلية.

انشقت الحركة بعد مقتل كاهانا إلى شقين، احتفظ الأول باسم {كاخ} وهو التنظيم الأكبر والأخطر، إذ يبلغ عدد أعضائه المسجلين عدة مئات، أما القسم الثاني فهو تنظيم {كاهانا حي} الذي رأسه ابن مائير كاهانا، ويقوم بالنشاطات الإرهابية العلنية والسرية نفسها.

وارتبطت بحركة {كاخ} أيضاً {اليهود تحت الأرض}، وهي جماعة سرية ضد العرب تأسست من 1979 إلى 1984 وعارضت اتفاق السلام مع مصر، واستهدفت القيام بعمليات إرهابية قوية ضد الفلسطينيين وتوصف بأنها إحدى أكثر المنظمات عنفاً منذ تأسيس إسرائيل. ومن أشهر عملياتها محاولة اغتيال سياسيين فلسطينيين في يونيو 1980، إذ استهدفت رئيس بلدية نابلس بسام الشكعة، ورئيس بلدية رام الله كريم خلف الذي فقد إحدى قدميه في التفجير، بينما تم إحباط مخطط استهداف رئيس بلدية البيرة إبراهيم الطويلة بعد اكتشاف القنبلة المزروعة في بسيارته. كذلك قامت الجماعة بهجوم مسلح على الكلية الإسلامية في الخليل، وألقى ثلاثة من عناصرها قنبلة يدوية على اجتماع للطلاب. وينسب إليها انفجار أطاح بمدخل سينما الزهراء في القدس في فبراير 1982، ووضع عبوات متفجرة في مساجد الخليل في ديسمبر 1983، وفي أنحاء متعددة في الأراضي المحتلة وغيرها.

لكن أخطر عمليات تلك الجماعة كان تنظيم مؤامرة لتفجير المسجد الأقصى وقبة الصخرة. والغريب في الأمر أن المؤامرة التي تم ترتيبها في ثمانينيات القرن الماضي كانت تتضمن استخدام طائرة محملة بالمتفجرات لضرب المقدسات الإسلامية، وتعهد أحد عناصر الجماعة وكان ضابطاً في الجيش الإسرائيلي بتوفير المتفجرات وسرقة الطائرة، ولعل هذا التخطيط كان البذرة الأولى التي ألهمت منفذي أحداث 11 سبتمبر 2001، ما يطرح تساؤلات عدة حول طبيعة تلك التفجيرات التي غيرت وجه العالم، وما زالت تفاصيلها غامضة حتى اليوم. وتضمن مخطط جماعة {اليهود تحت الأرض} كذلك تفجير خمس حافلات تقل مصلين مسلمين عقب أداء صلاة الجمعة بالحرم القدسي خلال احتفالات الإسراء والمعراج، وتم اكتشاف أحد عناصر الجماعة وهو يضع عبوة ناسفة أسفل إحدى الحافلات، ومن خلاله تم اكتشاف مؤامرة تفجير الحرم القدسي وقبة الصخرة وتم الكشف عن مخزن متفجرات كانت ستوضع على الطائرة لتنفيذ العملية.

العصر الذهبي للإرهاب

رغم أن التاريخ الأسود للإرهاب الصهيوني يمتد إلى قرون بعيدة، واستفحل في العقود التي سبقت تأسيس الدولة، فإنه يمكن اعتبار سنوات الثمانينيات من القرن الماضي {العصر الذهبي} للإرهاب الصهيوني. آنذاك، عادت المنظمات الإرهابية التي تتخذ طابعاً تنظيمياً مستقلاً عن جهاز الدولة إلى الظهور بكثافة، خصوصاً في المناطق المحتلة بالضفة وغزة والجليل، وكانت حوادث الإرهاب التي تُنسب إليها لا تحصى، لا سيما فيما يتعلق باستهداف ممتلكات العرب، ومحاولات الاعتداء على المقدَّسات الدينية الإسلامية والمسيحية، والاغتيالات وإطلاق النار على المدنيين الفلسطينيين عشوائياً، مثل الهجوم على الحافلات أو بتسميم الطالبات الفلسطينيات وتدبير مخططات لإفقادهن القدرة على الإنجاب مستقبلاً، كذلك ارتكاب عمليات اختطاف عدة.

وحملت أكثر من عملية إرهابية تسميات ذات دلالة تاريخية بالنسبة إلى تراث الإرهاب الصهيوني قبل عام 1948، مثل تسمية إحدى عمليات منظمة {إرهاب ضد إرهاب}، بلقب شلومو بن يوسف (الإرهابي الصهيوني عضو منظمة {إتسل} الذي أعدمه البريطانيون لارتكاب حادث مماثل في الثلاثينيات)، وأكّد كثير من إرهابيي الجماعات الجديدة، ممن جرى التحقيق معهم، أن ما يقومون به متصل تمام الاتصال مع تراث الإرهاب الصهيوني السابق، وأنهم يواصلون ما بدأه {رواد الدولة} مثل بن جوريون وبيجين وشامير... وفي مقابلة صحافية قال الإرهابي أندي جرين، عضـو منظمة {إرهاب ضد إرهاب} إنه لا يستطيع أحصاء عدد الشوارع التي تحمل اسم {ديفيد رازل} الذي زرع قنبلة في سوق عربي عام 1939 20 شخصاً، وتساءل بوقاحة وواقعية: إذا كان ما فعله هو الصواب، فكيف يصبح ما أفعله أنا من قبيل الخطأ؟!

وإحدى أشهر المنظمات التي ظهرت في تلك المرحلة تنظيم {قمع الخونة}، وكان يضم نشطاء حركة {كاخ}، ويتولى تجهيز عمليات الاغتيال والتخطيط لتصفية الخصوم والأعداء، وهو لا يخفي أهدافه، بل يعلنها عبر منشورات يوزعها.

أما ميليشيات {المدارس الدينية}، فكانت مجموعات إرهابية تضم طلاب {اليشيفوت}، أي المعاهد الدينية اللاهوتية في إسرائيل، حيث عشرات الآلاف من الطلاب كان يتم تجنيدهم وتدريبهم على استعمال السلاح لقتل الفلسطينيين... وتشبهها إلى حد كبير جماعة {أبناء يهودا}، وكانت تضم عدداً من اليهود المتطرفين غريبي الأطوار الذين يعتبرون أنفسهم رسل السيد المسيح، وحاولوا في أواخر شهر يناير 1984 تهريب صناديق من المتفجرات إلى ساحة المسجد الأقصى وقبة الصخرة لتدميرهما، وقد اكتشف الحراس الفلسطينيون الأمر، وأحبطوا عملية التفجير. كذلك كشفت التحقيقات سعي الجماعة إلى تكرار المخطط الذي تم إفشاله سابقاً بقصف الحرم القدسي باستخدام طائرة من الجو!

وفي مارس 1983، تم الكشف عن إحدى الحركات الصهيونية المتطرفة التي أطلق عليها حركة {جبل البيت السرية} وكانت تركز نشاطها على هدم المسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل الثالث في مكانه، وقد تم اعتقال 45 شاباً من أعضاء تلك المنظمة في منزل الحاخام يسرائيل أرئيل، كانوا يعدون العدة لاقتحام ما يسمونه {جبل البيت}، وضبطت أسلحة متطورة حصلوا عليها عن طريق بعض القيادات البارزة في الجيش الإسرائيلي.

ولم يقتصر الأمر على المنظمات التي تتورط مباشرة في الأعمال الإرهابية، بل ظهرت منظمات للتمويل مثل {هيكل القدس}، وهي منظمة صهيونية أميركية تستهدف مساندة ودعم الإرهابيين اليهود الساعين إلى هدم الأماكن الإسلامية المقدسة في فلسطين المحتلة، وفي مقدمها المسجد الأقصى الشريف وقبة الصخرة. أسسها وترأس مجلس إدارتها تيري ريزنهوفر، وهو أميركي الجنسية، بروتستانتي المذهب، وقد قدمت دعماً للمتطرفين اليهود يتجاوز مئة مليون دولار سنوياً طوال سنوات الثمانينيات، وجمعت أموالاً طائلة للمحامين الذين دافعوا عن 29 مسلحاً من بينهم ضباط في الجيش، وشخصيات يمينية بارزة خططوا لقصف المسجد الأقصى عام 1984 وتمكن المحامون من تبرئتهم وإطلاق سراحهم.

وتضيق هذه السطور باستعراض جميع المنظمات الإرهابية الإسرائيلية في تلك الفترة، فثمة العشرات منها مثل حركة {إسرائيل الفتاة} التي شن عناصرها سلسلة اعتداءات عنيفة ضد الفلسطينيين، وجماعة {أمناء جبل الهيكل} التي شاركت بقوة في أعمال عنف شهدتها مناطق الخليل وباقي مدن الضفة الغربية والقدس وأسفرت عن قتل 23 فلسطينياً وإصابة نحو 191 آخرين، كذلك اُختطف خلالها 38 فلسطينياً ونُفذت المئات من الهجمات والاعتداءات على الممتلكات والسيارات والمنازل والمتاجر وعلى المؤسسات والهيئات الإسلامية والمسيحية. تحضر هنا أيضاً منظمة {سيف داود} التي أعلنت أن هدفها المركزي تصفية العرب الفلسطينيين وتطهير أرض إسرائيل الكاملة من وجودهم. كذلك شكل عدد من طلاب جامعة بار آيلان (أشهر مراكز التطرف في إسرائيل في مطلع التسعينيات من القرن الماضي) جماعة أطلق عليها {التنظيم اليهودي المقاتل}، وعرفت اختصارا {آيال}، وكان إيجال عامير الذي اغتال رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين أحد عناصرها، وكشفت تحقيقات تمت عقب الاغتيال أنها لم تكن العملية الوحيدة التي خططت لها الجماعة، وأنها أعدت قائمة للاغتيالات على رأسها شمعون بيريز، وكثير من الشخصيات الإسرائيلية والفلسطينية.

المذابح… أسلوب حياة
مع استمرار النهج الإرهابي لجماعات القتل الصهيونية، سواء قبل أو بعد تأسيس الدولة، استمر الأسلوب نفسه في ارتكاب المزيد من المذابح الدموية، وثمة العشرات من المذابح التي لا يمكن حصرها هنا، ولا فارق في ارتكابها بين استخدام الأسلحة اليدوية والقنابل والسيارات المفخخة، أو بين استخدام أحدث الطائرات والأسلحة في العالم. ويمكن في هذا السياق، الإشارة إلى نماذج من تلك المذابح، ومنها مثلاً مذبحة كفر قاسم في 29 أكتوبر 1956 عشية العدوان الثلاثي على مصر، عندما قتلت قوة حرس حدود تابعة للجيش الإسرائيلي خلال أقل من ساعة ونصف الساعة 49 شخصاً معظمهم من النساء والمزارعين، وسقط 13 مصاباً، بدعوى عدم الالتزام بتوقيت حظر التجوال الذي تم فرضه من دون إخطار المزارعين به وكانوا في طريق عودتهم من بساتين الزيتون.

وخلال حروبها مع مصر، ارتكبت إسرائيل الكثير من المذابح، لعل أشهرها، مجزرة بحر البقر} في صباح الثامن من أبريل عام 1970، حيث قصفت طائرات من طراز فانتوم مدرسة ابتدائية مشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية، أدت إلى مقتل30 طفلًا وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تماماً، وقبلها قصفت في 12 فبراير من العام نفسه مصنع أبي زعبل، فقتلت 70 عاملاً وأصابت مثلهم، ولعل من أخطر الجرائم الإرهابية الإسرائيلية في هذا الصدد القوات {الاسرائيلية} أجهزت على ما يقرب من 900 جندي مصري بعد استسلامهم خلال حرب 1967، وقد كشفت الشهادات الموثقة لقادة الجيش الإسرائيلي جانباً من تلك الجريمة البشعة التي ارتكبت في صحراء سيناء.

وإحدى الجرائم التي لا تنسى مذبحة صبرا وشاتيلا التي وقعت في لبنان في 16- 18 سبتمبر 1982 بمخيمي صابرا وشاتيلا الفلسطينيين، بعد دخول القوات الإسرائيلية إلى العاصمة اللبنانية بيروت، ورغم عدم ضلوع إسرائيل في القتل المباشر، فإنها أدخلت مقاتلي الكتائب لتنفيذ المذبحة على مدى أكثر من يوم كامل تحت سمع وبصر القادة والجنود الإسرائيليين، الذين وفروا إمدادات الذخيرة والغذاء لمقاتلي الكتائب الذين نفَّذوا المذبحة.

ومن المذابح الخالدة في سجل الإرهاب الإسرائيلي مذبحة الحرم الإبراهيمي في 25 فبراير 1994 في الجمعة الأخيرة في رمضان عندما سمحت القوات الإسرائيلية التي تقوم على حراسة الحرم الإبراهيمي بدخول المستوطن اليهودي المتطرف {باروخ جولدشتاين} إلى الحرم الشريف وهو يحمل بندقيته الآلية وعدداً من خزائن الذخيرة المجهزة، وعلى الفور شرع جولدشتاين في حصد المصلين داخل المسجد.. وأسفرت المذبحة عن استشهاد 60 فلسطينياً، فضلاً عن إصابة عشرات آخرين بجروح، ذلك قبل أن يتمكن من تبقَّى على قيد الحياة من السيطرة عليه وقتله، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ففي غضون أقل من 24 ساعة على المذبحة سقط 53 شهيداً فلسطينياً أيضاً في مناطق متفرقة ومنها الخليل نفسها بعدما خرجوا في تظاهرات احتجاجا على المذبحة.

وكانت مذبحة قانا في 18 أبريل 1996، شاهداً إضافياً على الإرهاب الإسرائيلي، فقد كانت جزءا من عملية كبيرة سُميَّت {عناقيد الغضب}على جنوب لبنان والبقاع الغربي، وقد تدفَّق المهاجرون اللبنانيون على مقار قوات الأمم المتحدة بالجنوب هربا من جحيم النيران الإسرائيلية، ومن بينها مقر الكتيبة الفيجية في بلدة قانا، فقامت القوات الإسرائيلية عمدا بقذف الموقع الذي كان يضم 800 لبنانياً، إلى جانب قيامها بمجازر أخرى في الوقت نفسه في بلدة النبطية ومجدل زون وسحمر وجبل لبنان، وأسفرت هذه العملية عن مقتل 250 لبنانياً، منهم 110 في قانا وحدها.

وإذا كان العالم كله قد استفزته جريمة {داعش} بحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حيا أمام الكاميرات، فإن المستوطنين الإسرائيليين أقدموا على ما هو أبشع بحرقهم عائلة كاملة أحياء، لكن الفرق أن ذلك تم ليلا ومن دون تصوير، فقد أشعل المستوطنون النار في الثالثة من فجر يوم 31 يوليو 2015، باستخدام عبوات مولوتوف شديدة الاشتعال التي ألقوها داخل منزل عائلة {دوابشة} الفلسطينية بقرية دوما في الضفة الغربية، وقد تٌوفي الرضيع {علي} وعمره 18 شهراً وأصيب والداه وأخوه أحمد (4 سنوات) بجروح خطيرة، وتُوفي لاحقاً رب العائلة سعد دوابشة، ثم توفيت الأم ريهام حسين دوابشة في المستشفى. وفي محاولة لطمس الجريمة، حاول المستوطنون قتل الشاهد الوحيد على {المحرقة} وهو إبراهيم دوابشة بإشعال النار في منزله منتصف مارس الماضي، متصورين أن ذلك سيدفن جريمتهم بين طيات النسيان، لكنهم تناسوا أن تاريخ الإرهاب اليهودي والصهيوني أصعب من أن ينسى ولو بعد قرون.

قتلة الماضي تحولوا إلى قادة الدولة الصهيونية وتنافسوا على سفك دماء العرب

جماعة {اليهود تحت الأرض} وضعت مخطط 11 سبتمبر منذ 30 عاماً
back to top