استعمال الإتيكيت في الأكل لا يتعارض مع الشريعة

نشر في 23-06-2016
آخر تحديث 23-06-2016 | 00:00
No Image Caption
السؤال: ما حكم تناول الأكل بالشوكة والسكين في ضوء "كل بيمينك"؟

المفتي: مفتي مصر السابق د. علي جمعة.

الفتوى: كان سيدنا عمر (رضي الله عنه) أيسر أعسر، فكان يكتب بشماله وبيمينه، وكان يتناول بيمينه وبشماله، على حد سواء، يحمل الشيء بيمينه كما يحمله بشماله، فالأعسر الأيسر موجود في الصحابة، وإن شاء الله نلحق بهم.

وبالنسبة للأكل بالشوكة والسكين، فإنني حتى أستطيع أن أتمكن، فإنني أمسك السكين باليمين، والشوكة باليسار، فأنا أستعمل يدي الاثنتين، وإذا استعملت يدي الاثنتين، فيجوز أن آكل بالشوكة في شمالي، والسكين في يميني، لحديث أخرجه الإمام أحمد، أن النبي (ص) كان يأكل بيمينه ويساره، في يده اليمنى قثاء وفي يده اليسرى بطيخ، يكسر حر هذا ببرد هذا، هذا مقام سيدنا رسول الله (ص)، يأخذ البطيخ ثم يأخذ القثاء (القثاء صلبة وبها حر بعض الشيء)، فيأخذ عليها بعض البطيخ. فواحدة من هنا وأخرى من هناك، فها هو يأكل بالشمال؟ لماذا يأكل بالشمال؟ لأنه يستعمل يديه الاثنتين، لكن عندما نأتي ونستعمل يداً واحدة نأكل باليمين، نمسك الشوكة باليمين.

وحتى في" الإتيكيت" العالمي الآن، بعد دخول" الإتيكيت" الأميركي، الذي غطى على "إتيكيت" المائدة الإنكليزي والفرنساوي، أصبح الأكل باليمين، ثم إن الله، عز وجل، يقول: "لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا" (البقرة: 286)، فمن لا يستطيع أن يستخدم يده اليمنى، فلا حرج أن يستخدم اليسرى، فالتيامن سُنة وليس فرضا. أما الذي يتكبر، ويأكل بالشمال، وهو يستطيع أن يأكل باليمنى، فهذا هو الذي يأكل معه الشيطان.

فالمنهي عنه هو الكبر في الأكل، فالأكل بالشمال نوع من أنواع التكبر في الأكل، والنبي (ص) نهى شخصاً يتكبر، وأمره بأن يأكل بيمينه، فقال: "لا أستطيع أن أفعل إلا هكذا"، فالرد كان سخيفاً منه، فهذا يأكل معه الشيطان من أجل الكبر وليس من أجل "الإتيكيت" الخارجي، فالإتيكيت الخارجي هذا مازال في نطاق الأدب والسنة، لهذا فليست هناك معصية، إذا لم تكن هناك قدرة، وليست هناك معصية إذا استعملت يدي الاثنتين.

وإذا أردت الثواب و"الإتيكيت" المعتبر في هذا، فعليّ باستعمال اليمين استقلالا، وعلى الإنسان أن يحاول، فإذا فشل في المحاولة، فلا شيء عليه، ولا شيء عليه إذا نسي، لأن الرسول (ص) قال للغلام وهو يعلمه: "يا غلام، سمّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك"، وكلها آداب، فلو نسي أحدنا البسملة، فهو قد ترك آدابا، وليس معناه أنه وقع في معصية، ولو لم يأكل بيمينه، ولو لم يأكل مما يليه... فكل هذه آداب أراد رسول الله (ص) أن يبين لنا أنه ينبغي لنا أن نهتم بـ"الإتيكيت" والآداب التي نسميها نحن الآن "آداب اللياقة".

back to top