د. محمد الصالح أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود لـ الجريدة.: الإسلام أباح زيارة المعابد الأثرية... وجُهلاء الدين حرّموها

لا مانع شرعياً أمام المرأة من قيادة السيارة وممارسة الرياضة

نشر في 23-06-2016
آخر تحديث 23-06-2016 | 00:00
د. محمد الصالح
د. محمد الصالح
حرص أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود، وعضو هيئة كبار العلماء المسلمين د. محمد بن أحمد الصالح (سعودي الجنسية)، أن يكون لقاؤه معنا أمام ساحة معبد حتشبسوت بمدينة الأقصر - جنوب مصر، ليوجه رسالة من عالم مستنير بجواز زيارة المعابد والمتاحف، من أجل أخذ العبرة والعظة والاستفادة من العلم، الذي وصل إليه القدماء، رافضا الفتاوى الدينية بعدم زيارة الآثار.
وخلال زيارته القاهرة أفتى في حواره مع «الجريدة» بأحقية المرأة السعودية بقيادة السيارة بمفردها وممارسة الرياضة، وأجاز تولي المرأة مقام الإفتاء في الأمور الشرعية، بشرط توافر العلم والمعرفة، وإلى نص المقابلة:
● من منظور شرعي، كيف ترى زيارة الآثار الحضارية؟

- زيارة الآثار ليست من المحرمات، خصوصا للمسلمين، لكن زيارتها تأتي للموعظة والاعتبار، والله سبحانه وتعالى قال: "قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". (العنكبوت: 20)، وهذه الآية كانت تقول لمحمد قل لأصحابك إن السير بين آثار السابقين من الأقوام كيف كانت عاقبتهم خيراً أو شراً من أجل الاتعاظ، ولو كانت زيارتها محرمة، ما كان نزل فيها قرآن، أو كان النبي (ص) نهانا تماما عن زيارتها أو كان قد هدمها تماماً.

فتاوى تحريم زيارة الآثار

● رغم كلامك هذا صدرت فتاوى تحرِّم زيارة الآثار القديمة، ما تعليقك؟

- هي دعاوى تنطلق من فكر ضيق، وتشدد وغلو في الدين الإسلامي، فلا يعقل أن تمنع الزيارة للآثار، بحجة أن هذه الأماكن كانت تعبد من غير الله، أو أن هذه الأماكن موضع تعذيب لهم من الله، وأنها ديار الكفار والهالكين.

ولو أنهم تدبروا قول الله تعالى، ما كانوا أصدروا فتواهم المحرمة، وأنا هنا لأول مرة أزور فيها الآثار الفرعونية. وللعلم، ووفق التاريخ المصري القديم، فإن الفراعنة توصلوا إلى أن لهذا الكون خالقا، وأن هذا الكون من صنع الله، وأنهم تقدموا في العلم والمعرفة والفلك والطب، وأن هؤلاء خدموا الحضارات التي جاءت بعدهم ومازال علمهم يسبب لغزاً محيراً يصعب فكه حتى يومنا هذا.

● الجماعات الدينية الملتحفة باسم الإسلام شرعت فعليا في هدم هذا التراث مثل طالبان وأخيرا "داعش"؟

- هؤلاء خوارج عن ديننا، ومدسوسون في الإسلام، ولا ينتمون إليه، من قريب أو بعيد، ولا يمكن القول إن طالبان وداعش هما من أعلنا عن هدم الآثار، فهناك تيارات دينية تعيش وسطنا وتطلق بين الحين والآخر فتاوى بالهدم، لأنها أصنام كانت تعبد من دون الله، أو أن تصدر فتوى بتغطية التماثيل في الميادين العامة، وهذه الفتاوى والأفعال المشينة بتدمير الآثار رسالة سيئة عن الإسلام، بأنه دين رجعي ومتخلف، وتصد الآخر عن التعرف بجوهر الإسلام.

«داعش»

● إذاً كيف تنظر إلى "داعش" كصورة سيئة عن الإسلام؟

- "داعش" جماعة إرهابية متطرفة، والإسلام منها براء، وإذا بحثنا عن شخصيتهم، فسنجد أنهم منحرفون فكرياً ومجانين عقلياً، فكيف لشخص ينتمي لهذا التنظيم اللاإسلامي أن يفجر نفسه بالمسجد ويقتل العشرات؟!

فبأي ذنب يقتل هؤلاء؟ وأي دين يحض على هذا الإجرام؟ وسنتنا الغراء تقول: "إن قاتل نفسه في النار"، فكيف إن كان قد قتل نفسه والآخرين من بني جنسه ودينه؟! كما أن هؤلاء محرم عليهم العيش بيننا، وإذا مات منهم فرد، فيجب ألا نصلي عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين..

وفي حديث النبي (ص) قال: "من قتل نفسه بالسم وهو يتحسس هذا السم أي يلعقه ومن قتل نفسه بحجر أو سكين أو سيف، فسيأتي يوم القيامة وهو على هيئته التي مات بها"، فأتباع "داعش" سيبعثون وهم قتلى، ويقول الله تعالى: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ". (الجاثية: 23).

● لك فتوى وصفها العلماء بالشجاعة، وسط رفض عدد كبير من علماء السعودية بحق المرأة في قيادة السيارة؟

- نعم، من حق المرأة قيادة السيارة بمفردها، ومن حقها أيضاً ممارسة الرياضة، لكن بشرط أن ترتدي ملابس محتشمة، وأن تكون بعيدة عن أعين الأجانب، فليس من المعقول أن نمنع المرأة قيادة السيارة ونوافق على ركوبها مع سائق أجنبي عنها بمفردها، ولابد أن نعي تماماً أن المرأة لها دور كبير في المجتمع، وهذا أكده الإسلام، لهذا فقد أكرمها وحفظ حقوقها وأعطاها الحق في تملك المال، بصفتها نصف المجتمع المسلم.

والإسلام منحها ممارسة الرياضة بأنواعها، لأن المسلمة لابد أن تكون قوية قادرة على الدفاع عن نفسها، وتاريخ المسلمات شاهد على ذلك، فقد رأينا المرأة تركب الدواب بمفردها، كالجمال والخيل والبعير، أيام عصر النبي (ص)، فكيف نمنعها في عصرنا من قيادة السيارة أو ممارسة الرياضة؟!

المرأة والإفتاء

● هل من حق المرأة أن تتبوأ مقعد الفتوى؟

- للمرأة الحق في أن تصدر فتوى، لكن بعض العلماء قصرها في الأمور الشرعية، بأن تفتي لغيرها من النساء، إذا تمكنت من وسائل الفتوى.

أما مسألة تعيينها مفتياً عاماً، فهذا أمر يرجع إلى الحاكم، وهناك دول عربية عديدة ولَّت المرأة قاضياً، وهذا أمر محمود، والتاريخ الإسلامي زاخر بأعداد النساء المفتيات، ابتداءً من السيدة عائشة (رضي الله عنها)، وعدد من أمهات المؤمنين، وفي أحد الأزمنة تبوأت المرأة مقام الإفتاء، مادامت تنتهج منهج العلم والقرآن.

ويجب أن نعلم تماماً أن العلم يستوي بين الرجل والمرأة، وإذا توافرت المعرفة والعلم، فلا فرق بين الرجل والمرأة، من أجل بيان حكم الله. ومن الضروريات التي تتوجب على المرأة اليوم أن تتولى أمر الفتوى، أن هناك أمورا شرعية كثيرة قد تجد المرأة فيها حرجاً، أن تسأل فيها مفتياً رجلاً، فمن باب التيسير على المسلمين أن تفتي المرأة في الأمور الشرعية. أما إن كانت الفتوى عن القضايا التي يصعب الإجابة عنها، فيجب تركها للمجامع الفقهية بشكل جماعي، مثل المسائل المستحدثة، كما أن عصور الضعف التي مرت بها الأمة كانت السبب في الخلاف الحادث الآن بجواز أو عدم جواز تولي المرأة للإفتاء.

«الدواعش» مجانين ومنحرفون فكرياً وتنظيمهم يشوه الإسلام

الإسلام أعطى المرأة الحق في تولي الفتوى والقضاء
back to top