مفاتيح الرزق: الاستغفار

نشر في 21-06-2016
آخر تحديث 21-06-2016 | 00:00
No Image Caption
تتعدد الأسباب التي بها يُستجلب الرزق، وبها تفتح بركات السماء، ومنها الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، فمما يحكى أن رجلاً جاء إلى الحسن البصري، فشكا إليه الجَدْب، فقال: استغفِر الله. وجاء آخر فشكا الفقر، فقال له: استغفِر الله. وجاء آخر فشكا قلة الولد، فقال: استغفِر الله. فقال أصحاب الحسن: سألوك مسائل شتى وأجبتهم بجواب واحد وهو الاستغفار، فقال رحمه الله: ما قلت من عندي شيئاً، إن الله يقول: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)[نوح: 12،11،10].

وذكر القرطبي في تفسيره أن هذه الآية دليل على أن الاستغفار يُستنزل به الرزق والأمطار، وذكر الحافظ ابن كثير في تفسيرها، أي إذا تبتم إلى الله تعالى واستغفرتموه، وأطعتموه، كثّر الرزق عليكم، وأسقاكم من بركات السماء، وأخرج لكم من بركات الأرض، وأنبت لكم الزرع، وأدرّ لكم الضرع، وأعطاكم الأموال والبنين والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمر، وخللها بالأنهار الجارية بينها.

ويروى أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، خرج يستسقي بالناس، فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فقيل له: ما سمعناك قلت: اللهم اسقنا، فلماذا اقتصرت على الاستغفار؟ فقال: طلبت الغيث بمجاديح السماء، التي يستنزل بها المطر، ثم قرأ (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا)... إلى آخر الآيات.

وتتعدد الآيات الدالة على العلاقة القوية بين زيادة الرزق والاستغفار، فيقول تعالى عن هود: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)[هود:52].

ويروى أن الناس خرجوا يستسقون، فقام فيهم بلال بن سعد، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اللهم إنا أقررنا بالإساءة، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا؟! اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا! فرفع يديه ورفعوا أيديهم، فسقوا.

ويذكر أستاذ الدراسات القرآنية في جامعة عين شمس د. سعيد الشوربجي، أن الاستغفار والتوبة من مفاتيح الرزق، وما أكثر الآيات التي تدل على ذلك، ومنها قوله تعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ)[هود:3]. بمعنى أنه سبحانه يتفضل عليكم بسعة الرزق ورغد العيش، ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل بمن أهلك قبلكم، وقد رتب الله هذا الجزاء على الاستغفار والتوبة.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكثر الاستغفار"، وفي رواية: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب". وقال صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر".

back to top