ترتيب الوظائف العامة مقدمة للبديل الاستراتيجي
يقوم مفهوم ترتيب الوظائف العامة على الدراسة التحليلية لمختلف الوظائف والحرف، وهو مقدمة لعملية تقييم الوظائف بوضع جداول تبين فئات الأجور والمرتبات بالنسبة إلى مختلف الدرجات، وذلك على نحو يتناسب مع وصفها في الخرائط التنظيمية، ومقدار الواجبات الملقاة على عاتق الموظفين، والترتيب قد يكون ترتيبا عاما وشاملا يسري على جميع العاملين المدنيين بالدولة، وقد يكون الى جوار الترتيب العام ترتيبا خاصا يسري على فئات معينة مستثناة من الترتيب العام، وهو معمول به في الكويت ومصر، كما هي الحال في الترتيب الخاص بأعضاء هيئة التدريس بالجامعات وأعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة.وينقسم ترتيب الوظائف إلى نوعين، الترتيب الشخصي الذي يجعل من شاغل الوظيفة أساساً لترتيب الوظائف، كما هو معمول به في الكويت، والترتيب الموضوعي الذي يجعل من واجبات ومسؤوليات الوظيفة أساسا لترتيب الوظائف.ولترتيب الوظائف العديد من المزايا، منها تنظيم شغل الوظائف، تخطيط برامج التدريب، تحقيق التساوي في المرتبات، وضع آلية واضحة لعمليات الترقية والنقل، تحقيق المساواة في شغل الوظائف.وترتبط عملية ترتيب الوظائف بعمليات أخرى ملازمة لها، فقبل إجراء عملية الترتيب لابد من إجراء توصيف الوظائف، ويقصد به وصف كل وظيفة وصفا تحليليا مشتملا على الاسم الذي يدل عليها، والسلطات والاختصاصات والواجبات التي تتضمنها، والمؤهلات اللازمة لشغلها كالتعليم ودرجة المعرفة، والمهارة الفنية، والخبرة النوعية والزمنية.
ثم ننتقل بعد ذلك إلى عملية تحديد الفئات التي تندرج فيها الوظائف، بحيث تضم كل مجموعة الوظائف التي تتشابه بدرجة كافية من حيث الواجبات والمسؤوليات، مما يبرر المساواة في معاملة شاغليها في شؤون التوظيف كافة.
ترتيب الوظائف في قانون 15 لسنة 1979
سار هذا القانون على طريق القانون 1954 في شأن الوظيفة العامة القائم على الاعتبار الشخصي، والاعتماد على مبدأ تسعير الشهادات في ما يتعلق بترتيب الوظائف حتى في محاولته الأخذ بنظام الترتيب الأميركي (الموضوعي) القائم على جعل الوظيفة محورا أساسيا لعملية الترتيب، وليس شاغل الوظيفة، إلا أنه رغم هذه المحاولة لايزال في إطار النموذج الأوروبي، فنجده في محاولته الأخذ بالنظام الأول قد أورد العديد من الأحكام التي تهدف إلى تحقيق مثل هذا الاتجاه، فهذه المادة 9 منه تنص على أن يستهدف نظام الخدمة المدنية ترتيب الوظائف الخاضعة للقانون على أساس واجباتها ومسؤولياتها، وذلك بتصنيفها في مجموعات وتقييمها وفقا للقواعد والأحكام والشروط والإجراءات والمواعيد التي يحددها مجلس الخدمة المدنية.كما قضت المادة 12 من المرسوم بأن تنقسم الوظائف الدائمة إلى المجموعات الرئيسة التالية:مجموعة الوظائف القيادية، مجموعة الوظائف العامة، مجموعة الوظائف الفنية المساعدة مجموعة الوظائف المعاونة، ويجوز لمجلس الخدمة المدنية بناء على اقتراح ديوان الموظفين إضافة مجموعات رئيسة أخرى، وتصدر بقرار من ديوان الموظفين قواعد وأحكام توزيع الوظائف على هذه المجموعات.ونصت المادة 13 من المرسوم بأنه يجوز بقرار من التوظيف بعد موافقة ديوان الموظفين تقسيم المجموعات الرئيسة المشار إليها في المادة السابقة إلى مجموعات نوعية وفقا لطبيعة العمل في الجهة الحكومية.ويتضح من هذه النصوص محاولة هذا القانون الأخذ النظام الأميركي في جعل الوظيفة العامة أساس ترتيب وتقييم الوظائف، باعتبارها مجموعة من الواجبات والمسؤوليات تتطلب توافر قدرات ومطالب محدودة في من يشغلها.إلا أنه على الرغم من محاولة المشرع الكويتي في هذا القانون الأخذ بفكرة الترتيب الموضوعي، فإن هذا الأمر لم يحصل حتى الآن، ذلك أن الموظف في الكويت لا يلتحق بالخدمة الحكومية في الدولة لكي يمارس عملا محددا ومسؤوليات مقررة ومعلومة سلفا، وإنما يلتحق بالخدمة المدنية على أساس صلاحيات عامة قد تكون مؤهلات علمية (المادة 4) وقدرات عامة لشغل وظائف مجموعة وظيفية معينة (المادة 4) وتتولى جهة الإدارة إسناد أعمال على الموظف تتناسب مع تأهيله وقدراته وخبراته الشخصية.ويلاحظ أن هذا القانون قد استمر على أعمال مبدأ تسعير الشهادات دون الوظائف، وهو ما نلاحظه في المادة 4.الأمر الذي يدفعنا إلى القول إن هذا القانون لايزال ينظر إلى الوظيفة باعتبارها درجة مالية لا مجموعة من المهام والمسؤوليات (المادة 7) من المرسوم.وكمحاولة من مجلس الخدمة المدنية لإعمال المعيار الموضوعي لترتيب الوظائف يجعل مهام الوظيفة محل الاعتبار. فقد اتجه ديوان الخدمة المدنية في السنوات الأخيرة إلى تصنيف الوظائف، وكذلك كخطوة أولى يهدف منها للوصول إلى الترتيب الموضوعي، وتمر مرحلة التصنيف وفقا لسياسة الديوان بمراحل ثلاث هي:المرحلة الأولى
إعداد دليل تصنيف الوظائف، ومن ثم إجراء عملية تصنيف الوظائف وفقا لدليل الديوان.المرحلة الثانية
صيانة المسميات الوظيفية، وحصرها في كل نوع من أنواع العمل في المجال الواحد، والعمل على تدرجها فنياً تبعاً لمستوياتها، وتحديد المسمى الوظيفي المناسب لكل مستوى وشروط شغله، والعمل على تقليص المسميات الوظيفية المستخدمة ما أمكن حالياً.المرحلة الثالثة
إعداد التعاريف اللازمة لكل مجموعة وظيفية، ومتابعة تنفيذ برنامج تغذية الحاسب الآلي بدليل تصنيف الوظائف، مع العمل على إيجاد الحلول المناسبة للمعوقات التي تظهر من خلال هذه التغذية، والتحقق من تطبيق الجهات الحكومية للمسميات الوظيفية المصنفة تطبيقا سليما لتحقيق الأهداف المرجوة في عملية التصنيف.وفعلا تم الانتهاء من المرحلة الأولى بإعداد دليل تصنيف الوظائف، حيث اشتمل على 17 مجموعة وظيفية رئيسة، وكل مجموعة رئيسة مفرعة إلى مجموعتين نوعيتين (تخصصية، مساندة) والمجموعة النوعية مفرعة إلى مجموعات فئات، والفئة تمثل نوعا من أنواع العمل في المجال الواحد (كالكهرباء في المجال الهندسي والديكور في مجال الفنون وهكذا).تنظيم
وتفعيلا لهذا التوجه، فقد أصدر الديوان العديد من القرارات التي من شأنها جعل مهام الوظيفة محل الاعتبار في الترتيب من هذه القرارات، قرار رقم 1 لسنة 2002 بشأن وظائف وبدلات ومكافآت الموظفين الكويتيين العاملين في مجالات الثروة الحيوانية والثروة الزراعية وثروة الأحياء الماشية.والقرار رقم 7 لسنة 2001 بشأن وظائف وبدلات المهندسين وشاغلي الوظائف ذات الطابع الهندسي الكويتيين في الجهات الحكومية.إلا أنه على الرغم من هذه المحاولات، فإنها لا تشكل تنظيما موضوعيا صحيحا لترتيب الوظائف، ذلك أنها لم تأت إلا بمحاولة لترتيب بعض الوظائف من دون أن يكون هذا الترتيب شاملا لجميع الوظائف في الكويت، حيث لايزال المعمول فيه في الكويت الترتيب الشخصي القائم على شخص شاغل الوظيفة بمؤهلاته وظروفه الشخصية الأخرى.