اليهود… الإرهابيون الأوائل

نشر في 21-06-2016
آخر تحديث 21-06-2016 | 00:05
يخطئ من يتصور أن ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام {داعش} هو وليد اليوم،
أو ثمرة مرة للسنوات العصيبة التي تعيشها المنطقة العربية والإسلامية. من يقرأ صفحات التاريخ يدرك أن {داعش} مجرد سطر من تاريخ طويل وممتد ربما بعمر وجود البشرية على الأرض، وأن هؤلاء {الدواعش} ليسوا سوى مقلدين لوحوش بشرية سبقتهم، ومجرد تلاميذ في {مدرسة الموت} التي فتحت أبوابها منذ قرون بعيدة، وتخرجت فيها جماعات وحركات وجيوش من كل دين وعرق ومكان {أبدعت} في فن القتل، و«تفننت} في ارتكاب الجريمة والتخلص من كل من يخالفها الرأي.
تنظيم {داعش} وما يشبهه من جماعات إرهابية ليسوا سوى اختزال وتجسيد لصور شتى من الجمود والكراهية والعنف والسادية... في الحلقات المقبلة، نقلب صفحات التاريخ الأسود للقتل باسم الدين والمبادئ وتحت رايات براقة ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
ربما كان الوقت ضحى، عندما نظر {قابيل} إلى شقيقته معجباً بجمالها، لكنه سرعان ما أصابته الحسرة لأنه أيقن أنه سيحرم من هذا الجمال، وأن أخاه {هابيل} سيستمتع وحده به. عندما وصل النزاع بين ابني آدم منتهاه، وقدما قرباناً فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل، ثارت ثائرة الأخير، فأقدم على ارتكاب أول جريمة قتل في التاريخ، ظناً منه بأنه بذلك سيفوز بكل شيء. لكنه لم يتصوّر فداحة الموقف الذي وضع نفسه فيه والبشرية من بعده، فكثير من المؤرخين يرون فيما فعله {قابيل} أول جريمة إرهابية في التاريخ، فكل أهداف جماعات الإرهاب التي ظهرت لاحقاً عبر عصور التاريخ المختلفة اختزلت في تلك الحادثة، ولم يختلف سوى أسلوب التنفيذ!

رغم أن كثيراً من المؤرخين والباحثين يحاولون أن يلصقوا صفة الإرهاب بالدين الإسلامي، فإن حقائق التاريخ تكشف زيف تلك الادعاءات، فجذور الإرهاب تمتد إلى ما قبل التاريخ، ولم تقتصر على أمة أو شعب بعينه، ولم ترتبط بدين معين. لكن الحقيقة أن الأديان وعلى مرّ العصور تم استغلالها كغطاء للممارسات الإرهابية، فسواء أولئك الذين تطرفوا في فهمهم لهذه الأديان، أو هؤلاء الذين تطرفوا أيضاً في إنكارهم لتلك الأديان مارسوا على السواء أعمالاً إرهابية وحشية. وقد سعى الإرهابيون، قديماً وحديثاً، إلى تصوير جرائمهم على أنها أعمال بطولية تستجيب لأوامر السماء، وتهدف إلى تخليص المستضعفين من براثن الظلم والقهر. والحقيقة، أنهم لم يردوا سوى شيء واحد كان دوماً محركهم وبوصلة توجههم… إنه السلطة.

جذور الإرهاب اليهودي

يتجاهل من يريدون إلصاق الإرهاب بالإسلام فحسب، أن اليهود مثلاً كانوا أول من عرف عصابات الإرهاب المنظمة، خصوصاً الإرهاب المتمسح بالدين. فغلاة اليهود يرون {أن السيف والتوراة قد نزلا معاً من السماء}... تاريخياً، لم يكن اليهود بتلك الصورة التي تحاول دعاية {اللوبي} الصهيوني تكريسها بأنهم كانوا دوماً الضحايا والمضطهدين في العالم بسبب حقد الآخرين على عبقريتهم وتميزهم لأنهم {شعب الله المختار}، والوقائع تكشف أنهم كانوا أول من عرف الجريمة الإرهابية المنظمة، وأول من حاولوا إسباغ الشرعية الدينية على جرائم تلك الجماعات. فقد استخدم العهد القديم للكتاب المقدس في تبرير جرائم إرهابية وحوادث قتل سياسي عدة، حتى الاغتيالات المنهجية في التاريخ اليوناني والروماني.

وتعود جذور الإرهاب اليهودي إلى آلاف السنين قبل تأسيس إسرائيل، ولعل ما يتضمنه التلمود، وهو أحد كتب الشريعة اليهودية، يؤكد أن اليهود اعتبروا الإرهاب أداة مشروعة في السياسة، واضعين بذلك القاعدة السياسية التي استخدمتها جماعات الإرهاب كافة على مدار التاريخ وهي أن {الغاية تبرر الوسيلة}. عندما دخل اليهود أريحا، تحت قيادة ملكهم {يوشع} في العام الألف قبل الميلاد، أعملوا السيف في رقاب سكانها، وكان شعارهم حينذاك القتل، القتل.

وتبيح اليهودية، كما هو موجود في التلمود، القتل كوسيلة للوصول إلى الأهداف المطلوبة، وتؤكد كتابات عدة أن النفسية اليهودية لا تقبل السلام وعدوانية، فإن لم تجد من تقتله قتلت نفسها، واليهودية لا تعترف بأية ديانة أخرى، وهي بذلك على عكس المسيحية والإسلام، كذلك يعتبر اليهود دينهم هو الدين الصحيح فقط، فهم يحتقرون ويكرهون الأديان الأخرى ويعتبرون أنفسهم {شعب الله المختار}... فضلاً عن اعتبار اليهود كل ما هو غير يهودي عدواً طبيعياً يجب قتله والتخلّص منه، فالتوراة تحرم على العبرانيين الاختلاط مع الشعوب الأخرى لأن هذه الشعوب {نجسة وحقيرة}، وتتجسد الأيديولوجية الصهيونية في العقيدة الأساسية للديانة اليهودية التي تتمثل في احتقار الأشخاص الذين هم من أصل غير يهودي، فيطلق اليهود على من هو غير يهودي اسم {غوي}، وجمعها {غوييم} أي الأغيار، وهؤلاء يأتون في مرتبة أقل من البشر وبالتالي فإن استباحة دمائهم وأعراضهم غير محرمة !

عصبة الخناجر

تختلف تسميات هذه المنظمة الإرهابية المبكرة في التاريخ، فعدد من المراجع التاريخية يطلق عليها جماعة عصبة الخناجر، نسبة إلى الوسيلة التي اشتهروا باستخدامها في تنفيذ جرائمهم وهي الخناجر التي كانوا يخفونها بين طيات ملابسهم لينفذوا عمليات الاغتيال الخاطفة في الأسواق والأماكن العامة ثم يلوذون بالفرار، بينما تطلق عليهم مراجع أخرى اسم جماعة المقاومة اليهودية، وتصفهم طائفة من المؤرخين باسم {الصهاينة} نسبة إلى جبل صهيون، وربما تم استلهام هذا الاسم بعد قرون.

ويحكي التاريخ أن أعداداً متزايدة من اليهود وفدوا إلى أرض فلسطين في نهاية القرن الأول قبل الميلاد، بعد أن كان البابليون قد شتتوهم عام 586 ق.م، فيما عرف بـ {السبي البابلي}، وكانت فلسطين في ذلك الوقت جزءاً من الإمبراطورية الرومانية، وكان هدف اليهود الوافدين إعادة بناء الهيكل الذي سمي بالمعبد الثاني، وحاولت الدولة الرومانية منع هؤلاء اليهود الذين صنفتهم كمتطرفين يريدون زعزعة استقرار تلك المنطقة، فبدأت في التصدي لمخططاتهم، وهو ما دفع أعداداً كبيرة من اليهود في تلك المنطقة من فلسطين، خصوصاً في الضفة الغربية التي يطلق عليها اليهود اسم {يهودا} إلى التمرد ضد روما، ابتداء من قيسارية والقدس، وقامت هذه الجماعات بحملة متصلة من الاغتيالات والحرائق والتدمير ضد الرومان.

ونجح اليهود فعلاً في تلك الفترة في بناء {المعبد الثاني}، والذي عرف باسم {الهيكل} الجديد، وفي تلك الآونة نشط الكثير من رجال الدين في تقوية نوازع التطرف لدى أعداد كبيرة من الشباب اليهودي، وأنشأ حاخام يدعى يوحنان بن زكاي أكاديمية في مدينة يفنة الصغيرة لتعليم التقاليد اليهودية تحت الاحتلال الروماني، ومن خلال هذه الأكاديمية خرجت الاستراتيجية {الفريسية} الجديدة التي تم وضعها تحت شعار {نجاة الأمة اليهودية}، كذلك خرجت جماعة متطرفة من {الغيورين} الذين كانوا بدورهم جماعة متطرفة من الفريسيين.

وكان الرومان يعدون من يحاول زعزعة الأوضاع الداخلية للدولة الرومانية أشد خطراً من أعداء الدولة الخارجيين، وتشير المراجع التاريخية إلى أن اليهود كانوا من مثيري الفتن في الدولة الرومانية، وأنهم شكلوا جماعات إرهابية تحارب الدولة الرومانية من الداخل. وعندما حاولت الدولة الرومانية التصدي لأعمال اليهود، ظهرت جماعات متطرفة وإرهابية كثيرة من أمثال الإيروقراطيين والسيكاريين الذين يمثلون الجناح المتطرف دينياً عند اليهود وعندما بلغ تمردهم ذروته قام الرومان بحربهم وطردهم وتشتيتهم خارج حدود الدولة الرومانية.

وفي هذه الفترة، ظهرت أول منظمة إرهابية عرفها التاريخ وهي {سيكاري} التي أسسها يهوذا الجليلي إبان التمرد اليهودي الأول، واشتق اسمهم من {سيكا} أي الخنجر في اللغة اللاتينية، وكانوا يستخدمونه في عمليات اغتيال الرومان لحماية {مملكة يهوذا}، التي كانوا يرون أنها مملكة السماء.

ويمثل أتباع تلك الجماعة الاتجاه الأصولي السياسي لليهودية ويتبعون طائفة {الزيلوت أو الغيورون}، التي كانت تضمّ جناحين، جناح متطرف هو عصبة الخناجر، وجناح القدس وهو أكثر اعتدالا، ويبدو أن فكر عصبة الخناجر كان فكراً كامنا في العهد القديم، فقد كان شعارهم {لا ملك إلا الرب}، فهو وحده {مالك الأرض}، ومن هذا الاتجاه مارس أتباع تلك الجماعة أنشطة إرهابية عدة خطيرة، من بينها اغتيال العشرات من الجنود الرومانيين والقادة السياسيين الذين يختلفون في الرأي مع العصبة، وكان أتباع العصبة يخبئون خناجرهم تحت عباءاتهم ليباغتوا أعداءهم في الأماكن العامة ويقتلوهم.

وأثناء التمرد اليهودي الأول ضد الرومان (66 ـ 70م)، وتحت قيادة مناحم الجليلي، أحرقوا منزل الكاهن الأعظم لمدينة القدس أنانياس، وقصور عدد من الساسة وحكام الرومان، كذلك أحرقوا سجلات الديون على أمل أن ينضم الفقراء المدينون إليهم في تمردهم ضد السلطات الرومانية، كذلك سمموا مصادر المياه. وينظر معظم الباحثين إلى هذه الحركة كأول حركة وأخطر مثال لعصابات الإرهاب في الشرق التي عرفها التاريخ.

ولم يقتصر نشاط عصبة الخناجر على الجنود الرومانيين بل امتد إلى قيادات الجماعات اليهودية الأخرى المخالفة لها، والقيادات والتجار اليهود الذين لم يساندونهم، وقد أدت جرائمهم إلى فرار الأرستقراطيين اليهود.

وإزاء توسع نطاق التمرد وانتشار خطر امتداده إلى مدن أخرى، قررت الدولة الرومانية التدخل، فأرسلت جيشاً مكوناً من نحو 60 ألف جندي روماني بقيادة الجنرال فاسباسيان الذي صار لاحقاً إمبراطوراً رومانياً، واستطاع هذا الجيش الاستيلاء على معظم مدن اليهود في السنوات الثلاث التالية ووصل إلى مدينة القدس واستطاع إخماد التمرد فيها وإحراق الهيكل، فيما عرف لاحقاً في أدبيات اليهود بـ {السبي الروماني}.

وبعد اغتيال بعض القيادات اليهودية هناك، قبض أعضاء الجماعة اليهودية المناوئة لعصبة الخناجر، وبمساعدة كثير من الجماهير، على أعضاء عصبة الخناجر وسلموهم إلى القوات الرومانية. وكانت عصبة الخناجر، رغم نشاطها وحركتها، تشكل أقلية لا يزيد عددها حسب بعض التقديرات على ألفي عضو... وثارت الجماهير بقيادة اليهودي الغيوري المعتدل إليعازر بن حنانيا من حزب القدس، على المتطرفين وقتلت زعيمهم مناحم الجليلي، ففرت فلولهم، ويُقال إن الجماعة التي لجأت إلى ماسادا (فوق البحر الميت) أبادتها الجالية الرومانية بعد استسلامها، لتبدأ صفحة جديدة من صفحات الإرهاب اليهودي التي سيكون لها امتدادها حتى العصر الحديث!

أسطورة {الماسادا}

وفي أعقاب تلك الهزيمة المنكرة، فرت بقايا عصبة الخناجر إلى قلعة {ماسادا} وهي إحدى قلاع اليهود في منطقة البحر الميت، والتي استولى عليها عدد من {السيكاريين}. في بداية التمرد اليهودي، عام 66م، ولحق بهم عام 70م المزيد من أعضاء العصبة وأسرهم ممن فروا من القدس قبل سقوطها في يد الجيوش الرومانية، وتحصن {السيكاريون} بالقلعة تحت زعامة {إيليعازر بن يائير}.

وتقدر المراجع التاريخية عدد هؤلاء اليهود الذين تحصنوا بالقلعة بنحو 960 شخصا بينهم نساء وأطفال واستمرت هذه الجماعة في مقاومة الرومان طوال سبعة أعوام أي منذ عام 70م وحتى عام 77م. لكن الدولة الرومانية وبعدما لاقته من تلك العصبة، أدركت ما تمثله من خطر كبير فأصر قادتها على تصفية الجماعة بصورة نهائية.

وبعد حصار طويل وخانق استطاع الرومان وأيقن اليهود أنهم لن يستطيعوا الفرار من القلعة، ولن يستطيعوا هزيمة الرومان، وأيقنوا أنهم أمام مصيرين أسودين: إما أن تلحق بهم هزيمة نكراء على يد الرومان ويقتلوهم شر قتلة، أو يأخذوهم كأسرى حرب. في تلك اللحظة، قرر اليهود اتخاذ واحد من أكثر القرارات جنوناً... قرر جميع أعضاء عصبة الخناجر حرق كل شيء داخل القلعة ثم الانتحار الجماعي حتى ينجوا بأنفسهم من ذل الأسر.

وقبل انتحارهم، ألقى فيهم زعيمهم إيليعازر بن يائير خطبة حماسية حثهم فيها على الموت الجماعي بدل الاستسلام والسقوط في مهانة الأسر، ومما جاء في تلك الخطبة قوله: {لن نكون أبداً خدماً للرومان ولا لأي أحد غيرهم سوى الله نفسه... فهو الحق والعدل... وهو رب البشرية جمعاء}.

وتروي كتب التاريخ هذا المشهد الذي تحول فيما بعد إلى أسطورة شكلت ولقرون طويلة وحتى الآن جانباً من الشخصية اليهودية، فقد بدأ الرجال بقتل زوجاتهم وأبنائهم، ثم اقترع الرجال ليختاروا عشرة من بينهم ليقتلوا باقي الرجال، وبعد ذلك اختاروا منهم شخصاً يغمد سيفه في رفاقه التسعة الباقين، حتى وصل الأمر إلى آخر شخص يهودي فقتل نفسه قبل اجتياح القلعة بالكامل من الرومان.

ولم يبق من قرابة الألف يهودي الذين تحصنوا في قلعة الماسادا سوى سبعة من الأطفال والنساء، وعلى وجه التحديد امرأتان وخمسة من الأطفال، اختبأوا في قناة للمياه.

استغلال دعائي وتجاري
استخدمت الدعاية اليهودية والصهيونية هذه الأسطورة على نطاق واسع لخدمة أغراض الحركة الصهيونية في إقناع اليهود بأن أجدادهم فضلوا الموت على التخلي عن الأرض وعلى الوقوع في ذل الأسر. كذلك بالغت في تصوير المتحصنين في ماسادا على أنهم رمز الشجاعة والمقاومة، متناسين أن هؤلاء المنتحرين لم يكونوا سوى جماعة من القتلة الهاربين بعدما تلوثت أيديهم ليس بدماء الجنود الرومان فقط، ولكن أيضاً بدماء يهود مثلهم رفضوا أفكار وممارسات عصبة الخناجر.

واستخدم علماء الميثيولوجيا والمؤرخون الإسرائيليون هذه الأسطورة عندما أخذت الجيوش الألمانية في التقدم في شمال إفريقيا خلال الحرب العالمية الثانية، ذلك لرفع معنويات اليهود في الشرق ودعوتهم إلى الموت بشجاعة رافعين شعار {الماسادا لن تسقط ثانية}.

كذلك استخدمت حركات الشبيبة الصهيونية الأسطورة والمكان لصياغة هوية أعضائها من الصبية اليهود، ونظمت الرحلات المنتظمة إلى الموقع التاريخي للماسادا لتزرع في نفوس الأطفال والشباب عقيدة أن الموت أو الانتحار الجماعي أفضل من الاستسلام والخضوع للمُحتلين.

واستخدمت العصابات الصهيونية المسلحة، خصوصاً قوات {البلماخ} في أربعينيات القرن الماضي موقع قلعة الماسادا كمركز للتدريب على السلاح وتدريب عناصرها التي شاركت في قتل وتشريد الآلاف من الفلسطينيين قبل 1948 وخلال الحرب العربية الصهيونية الأولى، لتتحوّل الأسطورة التي صنعها الإرهابيون اليهود الأولائل إلى إلهام جديد لأجيال من الإرهابيين الجدد!

ولم يقتصر استخدام الأسطورة على الرمز، بل تبنى بعض الجماعات الصهيونية المتطرفة فلسفة عصبة الخناجر في تكوين العصابات الإرهابية، إذ استعادت جماعات صهيونية اسم {السيكاريين} وأطلقته على جماعاتها، ومن أبرزها {الخلية اليهودية السرية} التي خططت لتفجير المسجد الأقصى في سبعينيات القرن العشرين.

وكعادة اليهود في استغلال كل شيء تجارياً، تم تحويل موقع قلعة الماسادا إلى مزار سياحي لتحقيق منافع اقتصادية، ويحتل هذا المقصد راهناً المرتبة الثانية كأشهر موقع أثرى سياحي في إسرائيل بعد حائط البراق، الذي يسميه الإسرائيليون حائط المبكى. وأعاد سلاح المهندسين في الجيش الإسرائيلي ترميم القلعة عام 1971، وتم تشغيل قطار هوائي من الجانب الشرقي للجبل، واستطاعت إسرائيل بدعم غربي إدراج القلعة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي، وذلك عام 2001.

تجاوز تأثير تلك الأسطورة حدود إسرائيل ليصل إلى الولايات المتحدة الأميركية التي تأسست فيها منظمة {ماسادا} للشبيبة الصهيونية، حيث نشط بعض أعضائها في الاستيطان اليهودي في فلسطين. لكن التأثير الأكثر خطراً وبقاء، كان التأثير النفسي لتلك الأسطورة في الشخصية الإسرائيلية، خصوصاً في تكريس عقدية الانعزال، فأصبح اليهود يبنون {حصونهم} في أي مكان يعيشون فيه، وهو ما يعرف بـ}الجيتو} اليهودي سواء اتخذ شكل أحياء منعزلة كما هي الحال في أوروبا أو اتخذ شكل حارات مغلقة مثل حارة اليهود في مصر وكثير من الدول العربية التي عاشوا بها. بل إن كثيراً من المحللين يرون أن تأثيرات تلك الأسطورة امتدت إلى الاستراتيجيات العسكرية الإسرائيلية، ويؤكدون أن خط {بارليف} لم يكن سوى صورة حديثة من قلعة الماسادا التي أراد الإسرائيليون التحصن بها. وقد اعترفت جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل إبان حرب أكتوبر 1973، بأنها احتفظت بالحبوب السامة في حقيبتها طوال فترة المعارك خشية أن تتطوّر الأخيرة ويدخل المصريون إلى تل أبيب.

والمؤكد أن أفكار الإرهاب اليهودي لم تنتهِ مع سقوط قلعة الماسادا، بل امتدت إلى الأجيال التالية من الإرهابيين الإسرائيليين، وهو ما سنستعرضه في الحلقة المقبلة.

قتل {قابيل} أخاه {هابيل} أول جريمة إرهابية في التاريخ… والأديان كافة عرفت أشكالاً مختلفة من التطرف

الإرهابيون يصورون جرائمهم على أنها أعمال بطولية

المراجع التاريخية تشير إلى أن اليهود كانوا من مثيري الفتن في الدولة الرومانية

المتطرفون أحرقوا المنازل وسمموا مصادر المياه وقتلوا كل من يخالفهم الرأي
back to top