ماريتا لورينز ما زالت وفيّة لفيدل كاسترو...

نشر في 21-06-2016
آخر تحديث 21-06-2016 | 00:00
مارتينا لورينز مع كاسترو
مارتينا لورينز مع كاسترو
كانت ماريتا لورينز عشيقة الدكتاتور الكوبي في عمر التاسعة عشرة. ثم كلّفتها {وكالة الاستخبارات المركزية} الأميركية باغتياله. تروي لورينز اليوم قصة تلك المغامرة الجامحة...
كيف يمكن أن تقابل شابة ألمانية مولودة في عام 1939 فيدل كاسترو في عام 1959؟

كان والدي قبطان سفن سياحية. كان يقود سفينة {برلين} التي رست عام 1959 في ميناء هافانا. في اليوم التالي لوصولنا، اقتربت منا فرقة من الرجال الملتحين والمسلحين بالزي العسكري. لفت نظري الأطول قامة بينهم وكان يدخّن السيجار فسألتُه عما يريده. قال الصعود على متن السفينة فوافقتُ.

ماذا حصل بعدها؟

تجوّلتُ معه في السفينة وصعدنا من غرفة الآلات إلى الطابق الأول. ثم سألني عن مكان غرفتي. وبعدما فتحتُ الباب، دفعني إلى الداخل وقبّلني. كانت قبلتي الأولى...

هل شعرتِ بأنه اعتدى عليك؟

مطلقاً! رضختُ له فوراً. كان سحر فيدل قوياً إلى هذه الدرجة. لم نمارس الحب بالكامل لكني رغبتُ في رؤيته مجدداً.

كيف التقيتما مجدداً؟

عدتُ إلى نيويورك حيث كنت أقيم مع شقيقي جو. في أحد الأيام، رنّ الهاتف. اتصل فيدل ليدعوني إلى هافانا. فوافقتُ فوراً. في اليوم التالي، ركبتُ طائرة تابعة لشركة طيران كوبية. كان الأمر ممكناً في تلك الفترة: لم يكن فيدل قد تقرّب من الاتحاد السوفياتي ولم تنقطع العلاقات مع الولايات المتحدة بعد.

هل شعرتِ بالخوف؟

كنت مرعوبة لكن متحمّسة في الوقت نفسه.

ما كان رأي والديك؟

لم أخبرهما بشيء.

كيف استقبلك فيدل؟

استقبلني بالأحضان. بقيتُ هناك طوال ثمانية أشهر ونصف، من مارس إلى نوفمبر 1959.

أين أقمتِ؟

في الجناح رقم 2408 في فندق {هيلتون} حيث كان يقيم. كان شقيقه راوول وتشي غيفارا يقيمان في غرفتين مجاورتين. مارسنا الحب منذ وصولي.

أي نوع من العشاق كان؟

لم يكن عشيقاً بارعاً جداً بل كان يهتم بالمداعبات أكثر من العلاقة الجنسية نفسها. جميع الطغاة مثله.

كيف تعرفين ذلك؟

أقمتُ علاقة مع ماركوس بيريز خيمينيز، الرجل النافذ سابقاً في فنزويلا. كانت العلاقة معه مشابهة. كان فيدل نرجسياً ويحب مشاهدة نفسه في المرآة وتمسيد لحيته. لم يكن يثق بنفسه أو ربما كان يحتاج إلى من يطمئنه أو يتعامل معه كأنه طفل صغير.

هل تكشفين هذه المعلومات لأنك مستاءة منه؟

لا، لا أحمل له أي مشاعر سيئة بل على العكس! كنتُ أشعر بأنني ملكة معه. كان يقول لي: {أنت سيدة كوبا الأولى}! يبقى فيدل أكبر حب في حياتي.

كيف كان في حياته اليومية؟

لم تكن يومياته متشابهة. كان يرحل من دون سابق إنذار. وكان مضحكاً جداً أيضاً. كنا نسخر من السياح الذين نشاهدهم من أعلى نافذتنا، في الطابق الرابع والعشرين.

هل تكلّمتما عن الزواج؟

لا. أخبرني منذ البداية بأن الزواج غير وارد. قال لي إنه متزوج في كوبا وكان يثير غيرتي. كنت أعرف أن مغامراته العاطفية كثيرة لكنه كان يعود إليّ دوماً. لم أشأ أن أتشاجر معه أو أضغط عليه. لم يكن هذا الأسلوب نافعاً مع فيدل لأنه كان صاحب القرار دوماً.

حملتِ بعد فترة قصيرة. ما كانت ردة فعله؟

بدا تائهاً جداً ثم قال لي إن الأمور ستسير على خير ما يرام. كان يحاول تهدئتي.

في مايو 1959، كنتِ حاملاً وقابلتِ رجلاً اسمه فرانك ستورجيس. ماذا حصل؟

حصل اللقاء في فندق {ريفييرا}. اقترب مني ذلك الرجل المجهول وقال لي إنه يستطيع إخراجي من الجزيرة لكني رفضت. عرّف عن نفسه كحليف أميركي لفيدل. لكني لم أعرف حينها أنه كان مقرّباً من المافيا ويدافع عن مصالحها في الجزيرة. كان عميلاً مزدوجاً ويلعب على جهات عدة. تعامل أيضاً مع باتيستا، الدكتاتور السابق الذي أطاح به كاسترو، ومع {وكالة الاستخبارات المركزية} التي اعتبرت كوبا مستعمرة أميركية. حين أخبرتُ فيدل بأنني قابلتُه، غضب وأمرني بعدم رؤيته مجدداً.

كان فرانك ستورجيس من عرّفك على عالم التجسس المضاد و{وكالة الاستخبارات المركزية}.

نعم، لكني لم أدرك ما يحصل. أخبرني بأنه يستطيع مساعدتي وكان يطلب مني خدمات كثيرة في المقابل. للتخلص منه، أعطيتُه في النهاية رسائل كان فيدل يرميها في سلة المهملات ولم تكن مهمة بنظري.

في أكتوبر 1959، شربتِ كوب حليب وفقدتِ الوعي. هل وضعوا لك السم؟

نعم، لكني لم أعرف يوماً هوية المسؤولين عن تسميمي. كان فيدل غائباً. نقلني أحد المقربين منه إلى قسم الطوارئ ثم رتّب عودتي بالطائرة إلى نيويورك. سرعان ما استيقظتُ في مستشفى {روزفلت} في مانهاتن.

ماذا عن طفلك؟

فقدتُه! قيل لي إنني أجهضت لكنهم كذبوا. كنت على وشك الولادة وقد وُلد طفلي حين كنت في غيبوبة في كوبا. كان صبياً. نشأ هناك واسمه أندريس فاسكيز.

كيف يمكنك التأكد من هذه المعلومات إذا كنت لا تملكين أي صورة له؟

رأيتُه في عام 1981، حين ذهبتُ لمقابلة فيدل للمرة الأخيرة، بعد فراق دام 20 سنة. وقد أضعتُ آخر صورة كنت أملكها له.

صفي لنا ذلك اللقاء...

وافق فيدل على مقابلتي لكنه لم يكن مسروراً. توسّلتُ إليه كي يعرّفني على ابننا، ففتح الباب وظهر أندريس. كان يشبه فيدل. أعطيتُه الهدايا التي أحضرتُها له وقال لي إنه يدرس الطب. لم أتوقف عن البكاء.

هل تابعتِ التواصل مع ابنك؟

في البداية نعم. كنت أكتب له الرسائل. أظن أنه كان يقرأها. وقد تلقيتُ مغلّفاً من العنوان الذي أعطاني إياه لكنه كان فارغاً.

لنعد إلى فترة عودتك إلى كوبا في عام 1959. ذكرتِ في كتابك أنك انضمّيتِ إلى صفوف معارضي كاسترو. لماذا؟

خلال فترة النقاهة في المستشفى، زارني عناصر من {مكتب التحقيقات الفدرالي} وأخبروني معلومات مشينة عن فيدل وسرعان ما كسبوا ثقتي. وقفت والدتي في صفّهم. كانت ممثلة لكنها عملت معهم أيضاً واتهمت فيدل بالاعتداء عليّ. كنت ساذجة ومغرمة لكن منهارة. انضمّيتُ إلى صفوف معارضي كاسترو رغماً عني والتقيتُ مجدداً بفرانك ستورجيس الذي كان قد عاد إلى الولايات المتحدة. فرحّب بانضمامي إليهم.

ثم أرسلك لقتل فيدل في بداية عام 1961.

صحيح! ذهبتُ بالطائرة. كنتُ أملك مفتاح الجناح 2408 حيث كان يقيم حتى تلك المرحلة. دخلتُ إلى الغرفة ثم وصل فيدل بعد فترة قصيرة وقال لي: {أنت هنا يا ألمانيّتي الصغيرة}!

هل أخبرتِه بأنك جئتِ لقتله؟

نعم، لكنه كان يعرف مسبقاً. أعطاني مسدسه لكنه نظر في عينيّ وقال لي: {لا أحد يستطيع قتلي}! كان محقاً. تركتُ السلاح وشعرتُ بأنني تحررتُ من حِمْل ثقيل.

لا شك في أنّ الأشخاص الذين أرسلوك لم يُسَرّوا بما حصل!

ثاروا غضباً وأخبروني أنهم ما كانوا ليطلقوا عملية {غزو خليج الخنازير} لو أنني نجحتُ في قتله.

ومع ذلك بقيتِ على تواصل مع الأوساط المعادية لكاسترو.

نعم. أصبحتُ جاسوسة. حين نبدأ العمل في هذا المجال، لا يمكن أن نتوقف. كنت أعيش في ميامي مثل لي هارفي أوزوالد المتّهم بقتل جون كينيدي.

في أي مناسبة قابلتِ أوزوالد؟

في إحدى الأمسيات التي نظّمتها الحركة المعادية لكاسترو. كانوا يتحدثون صراحةً عن كرههم لكينيدي. اتهموه بإفشال عملية {غزو خليج الخنازير} لأنه لم يقدم الدعم الجوي الذي وعد به. كان أوزوالد رجلاً مدّعياً وكنت أتجنبه. لم يكن يستلطفني بدوره.

هل كان قاتل جون كينيدي فعلاً؟

كان متورطاً بالجريمة لكنه لم يكن الوحيد. بحسب رأيي، ثمة قاتل آخر.

لماذا؟

لأنني شاركتُ في عملية نقل أسلحة من ميامي إلى دالاس. حين وصلنا، كان جاك روبي [قاتل لي هارفي أوزوالد] ينتظرنا. ثم طلبوا مني الرحيل وسمعتُ خبر مقتل الرئيس في الطائرة. حصلت مؤامرة كبرى بنظري.

سمعت اللجنة التي أعادت فتح التحقيق بمقتل كينيدي في مجلس النواب أقوالك في عام 1978، لكنها قررت شطب شهادتك.

أعرف ذلك، لكني أصرّ على رأيي. كانت تلك الطلقات تستهدف الرئيس. هذا ما سمعتُه على الطريق.

علام تتّكلين اليوم لتعيشي؟

لا شيء. تمحورت حياتي كلها، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، حول أجهزة التجسس المضاد وأتّكل على أصدقائي في المافيا أو بعض الشركات الأمنية أو المحققين الخاصين. أقيم اليوم في جحر صغير تحت الأرض مع قطتي وكلبي وسلحفاتي وسمكتي البرتقالية. أتوق إلى الرحيل.

في عمر السادسة والسبعين، ماذا تتمنين؟

أريد أن أعود إلى ألمانيا مع ابني مارك الذي يبلغ 46 عاماً. تنتظره وظيفة هناك: سيدير متحفاً متخصصاً بعمليات التجسس المضاد.

back to top