مفاتيح الرزق التقـوى

نشر في 19-06-2016
آخر تحديث 19-06-2016 | 00:00
No Image Caption
للرزق مفاتيح، أهمها تقوى الله، فأهل التقوى يرزقهم الله من حيث لا يحتسبون، ولا يكون رزقهم بأسباب محرمة، ولا يكون خبيثا، والتقي لا يحرم ما يحتاج إليه من الرزق، إنما يحمي من فضول الدنيا رحمة به، وإحسانا إليه، فإن توسيع الرزق قد يكون مضرة على صاحبه، وتقديره يكون رحمة لصاحبه.

والتقوى، كما عرفها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)، هي "الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والاستعداد ليوم الرحيل"، وذلك لا يتأتى إلا مع وجود قلب سليم.

وفي القرآن الكريم مواضع متكررة فيها هذا الارتباط بين صلاح القلوب واستقامتها على هدى الله، وبين تيسير الأرزاق، وعموم الرخاء، منها قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم" (المائدة: 65-66)، ويقول أبوسعيد الخدري: ومن يبرأ من حوله وقوته بالرجوع إلى الله، يجعل له مخرجاً مما كلفه بالمعونة له.

ويروى عن أبي ذر الغفاري، أن النبي (ص) قال: "إني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم"، وتلا قوله تعالى: "وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ"" (الطلاق:2-3)، فمازال يكررها ويعيدها.

قال الزجاج: إذا اتقى وآثر الحلال والتصبر على أهله، فتح الله عليه، إن كان ذا ضيقة ورزقه من حيث لا يحتسب.

وقد قيل لأحد الصالحين: إن الأسعار قد ارتفعت، فقال: أنزلوها بالتقوى، في إشارة منه لقوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ" (الأعراف:96).

وعن عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه)، عن النبي (ص) قال: "إن روح القدس نفث في روعي أن نفساً لن تموت حتى تستكمل رزقها، ألا فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته".

يقول أستاذ الدراسات القرآنية في جامعة عين شمس، د. سعيد الشوربجي: التقوى تأتي مع صلاح القلوب، وما يعين على التقوى أن تتعلم كيف تغالب هواك وتطيع مولاك، وذلك بأداء الطاعات والمفروضات، كالصلاة والصيام بخشوع وإخلاص ومحبة لله، عز وجل، والتدرب على مراقبة الله وإحساس القلب بقربه واطلاعه، فيستحي العبد عند ذلك من المعصية، ويبذل جهده في أداء الطاعة على أحسن وجوهها.

back to top