اليورو المكروه... عملة فقدت شعبيتها ومستقبلها

نشر في 18-06-2016
آخر تحديث 18-06-2016 | 00:00
إذا وجدت بريطانيا نفسها خارج الاتحاد الأوروبي فإن قدرة تجار لندن على التعامل بأسهم اليورو ستتقلص، كما أن مقايضات سوق معدلات الفائدة قد تنتقل على الأرجح إلى باريس، إضافة إلى أن شهية أولئك التجار إزاء التعامل بالعملة ذاتها سوف تنكمش أيضاً.
 Mark Gilbert في الماضي القريب كان يتوقع أن يتحدى اليورو وضع الدولار الأميركي كعملة مختارة في احتياطي العالم، ولكن بدلاً من ذلك تفقد هذه العملة الأوروبية شعبيتها وقيمتها المرجوة، ومع تراجع الأنشطة في البنوك الأوروبية فإنه من المتوقع أن يتعرض اليورو الى مزيد من الانخفاض والتراجع.

قبل حوالي عقد من الزمن كان بنك دويتشه يتوقع أن يشكل اليورو ما يصل الى 40 في المئة من الاحتياطي العالمي من العملات الأجنبية، ولكن بدلاً من ذلك، وبحسب تقرير جديد صدر عن البنك المركزي الأوروبي، تراجع تداوله واستعماله في كل سنة من هذا العقد، كما هبط عن نسبة 20 في المئة في نهاية السنة الماضية، متخطياً حصة الين البالغة 4.1 في المئة، ولكنه كان يبعد كثيراً عن نسبة الدولار التي بلغت 64.1 في المئة.

تجدر الإشارة الى ان اليورو يظل ثاني أكثر العملات استعمالاً في العالم بالنسبة الى الدفعات والتعاملات الدولية، ولكن حصته من اجمالي العمليات والصفقات قد هبطت من 33.52 في المئة الى 31.47 في المئة في بداية سنة 2014، بحسب أرقام جمعتها جمعية الاتصالات المالية المصرفية العالمية. (وفي المقابل ارتفع اليوان الصيني من المركز السابع الى المركز الخامس على الرغم من أن حصته ارتفعت 1.76 في المئة فقط).

وسوف تظهر سحابة اخرى في أفق اليورو في 23 يونيو الجاري عندما تصوت المملكة المتحدة على البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه. وتهيمن بريطانيا على نشاط سوق العملات وتتعامل مع 41 في المئة من كل تجارة الصرف الأجنبي وذلك بحسب أحدث تقرير صدر عن بنك التسويات الدولية، ويشكل ذلك أكثر من ضعف حصة الولايات المتحدة البالغة 19 في المئة او المركز الثالث الذي تحتله سنغافورة عند 5.7 في المئة.

ولكن اذا وجدت بريطانيا نفسها خارج الاتحاد الأوروبي فإن قدرة تجار لندن على التعامل بأسهم اليورو سوف تتقلص، كما ان مقايضات سوق معدلات الفائدة – على سبيل المثال – قد تنتقل على الأرجح الى العاصمة الفرنسية باريس، اضافة الى أن شهية اولئك التجار ازاء التعامل بالعملة ذاتها سوف تنكمش أيضاً.

وعلى الرغم من ذلك كله فإن الخطر الأكبر الذي يتهدد وضع اليورو يتمثل في انكماش بنوك الاستثمار في القارة الأوروبية، وعند بداية هذا العقد – على سبيل المثال – كان بنك دويتشه يسيطر على أكثر من 18 في المئة من سوق العملات، فيما كان لدى بنك باركليز أكثر من 11 في المئة من ذلك السوق، وقد انكمشت تلك النسب الى 7.9 في المئة و5.7 في المئة على التوالي، وذلك بحسب أحدث دراسة سوقية صدرت عن يوروموني.

وفيما تتداول البنوك الأميركية اليورو أيضاً فإن من الواضح جداً أنه مع تراجع أنشطة الشركات الأوروبية في سوق العملات فإن عملاتها المحلية سوف تصبح على الأغلب أقل نشاطاً في ميادين البيع والشراء معاً. والجنيه الاسترليني – على سبيل المثال – فقد البعض من أرضيته وقد أظهرت أرقام " سويفت " هبوط دور دفعاته العالمية من 9.37 في المئة الى 8.78 في المئة خلال العامين الماضيين، وعلى العكس من ذلك فإن الفرنك السويسري شهد تحسناً متواضعاً من 1.38 في المئة الى 1.52 في المئة مع تعافي حصة بنك يو بي اس في سوق الصرف الأجنبي لترتفع من 7.3 في المئة الى 8.8 في المئة قبل سنة واحدة فقط.

هناك مزيد من الخطوات اللازمة لتحقيق النجاح في سوق العملات، وبينما يستحيل وضع قيمة الدولار (أو اليورو) على وضع السيولة فإن الانهيار الذي شهدته أسواق الائتمان قد علمنا أن جفاف التداول يفضي الى معاناة غير متناسبة في النظام المالي، ولكن من سوء الحظ بالنسبة الى اليورو أن الأدلة تشير الى ان تجاوز أزمة الوجود التي شهدها خلال السنوات القليلة الماضية لم تقدم شيئاً من اجل تحسين شعبيته على الصعيد العالمي.

مع تراجع أنشطة البنوك الأوروبية يتوقع أن يتعرض اليورو لمزيد من الانخفاض والتراجع

اليورو يظل ثاني أكثر العملات استعمالاً في العالم بالنسبة إلى الدفعات والتعاملات الدولية

قبل 10 سنوات كان بنك «دويتشه» يتوقع أن يشكل اليورو ما يصل إلى 40% من الاحتياطي العالمي للعملات الأجنبية
back to top