هل الإنسان سفاك للدماء بطبعه؟

نشر في 18-06-2016
آخر تحديث 18-06-2016 | 00:00
 محمد صالح السبتي يشهد التاريخ أنه منذ خلق الله الخليقة والأرض تموج بحوادث القتل والعنف والحروب والخلافات ولم تعش هذه الأرض وسكانها مرحلة سلام ووئام مذ كانت وكانوا، حتى عندما كان عدد سكانها لا يتجاوز ستة فقط آدم وحواء وولديهما وابنتيهما، فقد قتل أحد الولدين أخاه... قتل سدس سكان الأرض وقتها! وحتى عندما أراد الله استخلاف آدم على الأرض، قالت له الملائكة كما في الآية الكريمة: "أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ"، وكأن الملائكة علمت هذه الطبيعة البشرية اللازمة للإنسان... الفساد وسفك الدماء!

في عقيدة المسلمين وحسب النصوص الشرعية أن الشياطين أو مردتها تصفد في شهر رمضان وتغل أيديها عن التأثير بشرورها على بني آدم، هكذا يعتقد المسلمون، إذن من أين تأتي هذه الشرور التي تجري ونراها في رمضان طوال عمر البشرية؟ من أين تأتي حوادث القتل والتفجير والسرقات وعموم الفساد الذي أصبح يزعج المسامع ويؤذي النفوس؟ ألا تأتي من خبث النفوس البشرية وغوائلها الفاسدة؟

والجن، حسب النصوص الدينية أيضا، أمة مثلنا منهم الصالحون ومنهم الفاسدون، منهم المسلمون ومنهم غير المسلمين، وهم كما في الآية "طَرَائِقَ قِدَدًا"، أي جماعات مختلفة متفرقة، وقد قالت الجن كما في الآية الكريمة: "وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)" إذن هم يعتقدون أن بعضهم قاسط ظالم وأن مصيره النار كما يعتقد مسلمو الإنس تماما، لكن هل يقتتل الجن ويتحاربون ويفجر بعضهم ببعض وينحرون رؤوس بعض ويتبادلون السباب والشتائم والإقصاء بسبب خلافاتهم الدينية المذهبية؟ أم أن هذا هو طبيعة الإنس فقط؟

في النهاية تتعاضد النصوص والشواهد التاريخية على أن الفساد والرغبة في سفك الدماء صفة لازمة للإنسان وطبيعة له ولأرضه التي يعيش عليها حتى لو كان هذا السفك للدماء لمبررات يختلقها لنفسه أحيانا أو تدعوه إليها معتقداته وأفكاره، ففي النهاية هو طبيعة لازمة للأرض وإنسانها أياً كانت المبررات! وما خلت حقبة زمنية ولا بقعة أرضية منذ فجر الخليقة من هذه الطبائع الإنسانية الأرضية!

قطعاً ليس هذا الكلام رضا بسفك الدماء والفساد ولا تبريراً له أبداً، لكنه نظرة فلسفية لنعلم أن ما نعانيه من فظائع وأهوال هو من صنائع أيدينا ومن فساد أنفسنا الكامن في جوانب النفس البشرية أولاً، وما الشياطين إلا شماعة نعلق عليها قذارة فسادنا ورغباتنا الشريرة!

back to top