الأمين العام لدار الفتوى في أستراليا د. سليم الحسيني لـ الجريدة.: الفتاوى التي تصل إلينا من الشرق لا تناسبنا أحياناً

● المؤتمرات أداة مهمة لمحاربة الأفكار الهدامة
● تمكنا من تنحية أصحاب الفكر المتشدد في أستراليا

نشر في 17-06-2016
آخر تحديث 17-06-2016 | 00:00
أكد الأمين العام لدار الفتوى في أستراليا، د. سليم الحسيني، ضرورة عقد المؤتمرات والندوات الإسلامية، لأنها إحدى الأدوات التي تحارب الفكر الضال، وهي وسيلة مناسبة لمخاطبة البسطاء بالنهج السليم والتأكيد على أن الإسلام لا يعرف التطرف أو الإرهاب، وأوضح في مقابلة مع «الجريدة» خلال زيارته الأخيرة للقاهرة أن دار الإفتاء في أستراليا استطاعت تجنيب عموم مسلمي المهجر وصول الأفكار المتشددة إليهم، مطالباً مصدري الفتوى للجالية الإسلامية في الغرب بمراعاة واقع المسلمين هناك، حيث لا تتناسب بعض الفتاوى مع ظروفهم في بعض الأحيان... وإلى نص المقابلة:

● خلال زيارتك الأخيرة للقاهرة شاركت في مؤتمر محاربة الفكر والتطرف والغلو، حدثني عن هذه المشاركة؟

- شاركت ضمن مجموعة كبيرة من العلماء والمفتين من دول العالم المختلفة، في مناقشة أوضاع المسلمين التي تدمي القلوب اليوم، بعد تنامي ظاهرة أصحاب الفكر التكفيري المتشدد، والجماعات التي انتهجت ممارسة العنف والإرهاب، وجاء اجتماعنا لنؤكد أن الإسلام دين الفطرة ونبذ التطرف والإرهاب، فحين يسمع المسلمون البسطاء باجتماع هذه الكوكبة من علماء الإسلام من جميع بلدان العالم، والغيورين على هذا الدين من المعتدلين على خط الوسطية، يشعر الجميع بأن لهذا الدين حراسا، وبأننا متفقون على محاربة هذا الفكر الضال، الذي يحدث باسم الإسلام، ونبذ التكفير الشمولي واستحلال الدماء المعصومة وتفجير النفس في المواصلات والمساجد وفي أي مكان، هنا نوجه رسالة أخرى للآخر غير المسلم بأننا لسنا مؤيدين لهذا الإرهاب، الذي يأخذ في شكله الإسلام، وبأن ديننا يبسط السلام والأمن والتعايش.

● هل يعني ذلك أن مشاكل المسلمين يمكن أن تحل بمؤتمر دولي أو ندوة؟

- إذا لم نترجم توصيات المؤتمرات إلى واقع ملموس، فهي والعدم سواء، ومضيعة للوقت، لكن المؤتمرات الإسلامية إحدى الأدوات المهمة لمحاربة الفكر الضال، وهناك أدوات أخرى من خلال المؤتمرات الثقافية وأئمة المساجد، والكتب الدراسية، فكل أداة لها دورها الفعال والفئة المستهدفة، سواء الوزير أو المفتي أو الحاكم، كل له دور في منع وصول هؤلاء المتطرفين إلى حياتنا، ومن خلال المنابر الإعلامية التي يبثون من خلالها فكرهم الهدَّام.

وإذا لم تترجم توصيات المؤتمرات إلى أمر واقع بوصول العلماء إلى رأي موحد تجاه قضية معينة إلى عموم الناس، فهذا يعني أن هناك خلالاً كبيراً في توصيل الرسالة، لأنه حين تراجع دور العلماء والمفتين افترس أهل التكفير والتشدد هؤلاء الناس، ونكون نحن بدورنا قد شاركنا في وصول حال المسلمين اليوم إلى ما وصلوا إليه الآن، والتنبيه بعدم أخذ الرأي الشرعي إلا من العلماء الثقات وليس من معتلي المنابر الإعلامية ودعاة التشدد في المساجد البعيدة عن أعين المختصين.

● ماذا عن أوضاع مسلمي أستراليا؟

- غالبية رجال الدين في أستراليا ينبذون التطرف، لأنهم هاجروا إلى هذا البلد من أجل أن يعيشوا في أمان، وهذا لا يعني أن يكون وسطنا قلة أو بعض الشراذم من أصحاب الأفكار المتطرفة، وهذا أمر لا ننكره ولا يمكن التغطية عليه، وهؤلاء أصحاب الفكر الضال موجودون في كل مكان، فبعضهم يسكنون بأجسادهم في أستراليا، لكن أفكارهم مستمدة من الخارج، ونحن متضررون من وجودهم بيننا، وبعون الله نحاول من خلال اتحاد العلماء من جميع المرجعيات الدينية الموجودة أن تكون لنا مواقف واحدة من القضايا العامة والطارئة، ونبذ المذهبية والتطرف، وأن نحبس قدر الإمكان هؤلاء عن توصيل فكرهم إلى عموم المسلمين في أستراليا.

● مفتي أستراليا الأسبق الشيخ الهلالي كان يندد في كل المحافل الدينية بخطر جماعة الأحباش على مسلمي بلاده، فما حقيقة هذا الخطر؟

- دعني أقول صراحة إن الشيخ تاج الدين الهلالي له فكره الخاص، وقد أحدثت فتاويه مشكلات كبيرة لمسلمي أستراليا، فعندما أفتى بأن السيدات غير المسلمات في أستراليا غير محتشمات، والنظر إليهن كالنظر إلى اللحم الحرام أثارت فتواه جدلاً كبيراً، لأن هذه الفتاوى لا تناسب مجتمعنا الذي لا يعرف الكثير عن ديننا، وأقول إنه يمثل نفسه ولا يمثل الجالية الإسلامية في أستراليا، ونحن بدورنا في دار الإفتاء رفضنا هذه الفتوى.

أما جماعة الأحباش فهم مجموعة من المسلمين لهم جمعية عريقة، وينتمون إلى المذهب السني المعتدل، والكتب التي يدرسونها لأبنائهم في مراكزهم ومعاهدهم الدينية قد أقرها الأزهر الشريف، لهم وضع في دار الإفتاء، كما أننا نضم أيضا جمعية لأهل الصوفية وجمعية للأشراف، ونضم أغلب المذاهب ونحن متفقون على وسطية الإسلام.

● ما سبب إقالة مفتي أستراليا السابق إبراهيم أبو محمد؟

- لابد أن أوضح أمراً مهماً، وهو أنه لا يوجد في أستراليا مسمى لمفتي عام أستراليا، وإصدار الفتاوى يتم بالإجماع وليس بشكل فردي، لكن هذه المسميات يطلقها أصحابها من خلال المنابر الإعلامية والأوساط الاجتماعية، لكن هو رئيس لجان الفتوى فقط، أما سبب إقالة الدكتور إبراهيم أبومحمد، فقد جاءت نتيجة دفاعه عن جماعة "الإخوان" الإرهابية في مصر، والترويج لأفكارهم، وهذا الشخص يمثل نفسه فقط، وله أفكار تنتمي لكتب سيد قطب، وبعد عزل الإخوان من الحكم في مصر بدأ يغير كلامه أمام السفراء والسياسين، لكن هذا الكلام غير معقول من رجل دين.

● ماذا عن هيكل دار الإفتاء للمسلمين في أستراليا؟

- دار الإفتاء لمسلمي أستراليا ليست كسائر دور الإفتاء في المشرق العربي والإسلامي، فهي تضم عموم الجاليات والجمعيات والمراكز الإسلامية، ونختار فيما بيننا مجلسا للإفتاء ويكون على رأس هذا المجلس شخص يقوم بدور أمين عام الفتوى، وهي لا تعتبر مؤسسة رسمية، ونحن نختلف عن سائر الجاليات في أوروبا، حيث إن كل جالية لها مفت خاص بها، وبعون الله استطعنا نحن القائمين على أمانة الإفتاء تسجيل أمانة دار الإفتاء في المجلس العالمي لعلماء المسلمين، وأمانة الفتوى تضم 33 شخصاً يمثلون كل الجاليات الإسلامية في أستراليا، ولدينا 23 مؤسسة دعوية وخيرية تتبع دار الإفتاء.

● مسلمو الغرب يتضررون من الفتاوى المصدرة إليهم من الشرق ولا تناسبهم، فكيف يمكن التوافق على هذا الأمر؟

- نحن كمسلمين نعيش في الغرب، لا نرفض جملة الفتاوى التي تصدر بشأننا، لكن على العالم المتصدي للفتوى أن يعرف المقاصد الشرعية التي تناسب المجتمع الذي نعيش فيه، فهناك 450 مليون مسلم يعيشون خارج ديار المسلمين، أي ثلثي المسلمين، فلا يمكن أن يعيش المصري أو اللبناني أو الخليجي بعقلية بلده في المهجر، لذا نحن بحاجة إلى فقه الواقع وفقه الظروف، فقه يعمل على التواصل والتفاهم مع الآخر غير المسلم، لأن هناك بعض الفتاوى تصل إلينا وهي لا تناسب واقعنا ولا ظروف المجتمع الذي نعيش فيه.

مسلمو أستراليا بجميع مذاهبهم على قلب رجل واحد
back to top