حكاوي الراوي... نجيب محفوظ (11-15)

ثرثرة فوق دخان الحشيش

نشر في 16-06-2016
آخر تحديث 16-06-2016 | 00:05
عندما أراد الرئيس المصري الأسبق أنور السادات أن يشتم أشهر أديب في مصر لم يجد غير وصف: «الحشاش»، قالها السادات في خطاب علني، وكان يقصد بها نجيب محفوظ الذي وقع عليه غضب الرئيس بسبب توقيعه مع عدد من الكتاب والأدباء والصحافيين بيان توفيق الحكيم في فبراير عام 1973، لإعلان اعتراضهم على استمرار حالة اللاحرب واللاسلم بين مصر وإسرائيل، مطالبين بالشفافية وإطلاع الشعب على الحقائق وإشراكه في المعركة، والإفراج عن الطلبة المعتقلين.
غضب الرئيس وسرعان ما صدر مرسوم رئاسي شديد اللهجة يمنع كل من وقعوا البيان من الكتابة في الصحف ومن الحديث في الإذاعة والتلفزيون، وكانت لنجيب محفوظ الجرعة الأشد من الكتاب كلهم، إذ منع عرض الأفلام المأخوذة عن رواياته، أو التي كتب لها السيناريو، كذلك المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية، وتصوّر السادات أنه يشوّه صورة الأديب عند شعب محافظ، يدخن الحشيش في الليل ويلعن عشاقه في النهار، فقال مرة بالنص: «حتى اللي اسمه نجيب محفوظ بتاع الحشيش وقع معاهم»، ليأتي رد نجيب محفوظ عليه: «من حق أي أحد أن يتكلم عن مسألة الحشيش دي إلا الرئيس السادات».
الحشيش في مصر عابر للطبقات، متعة ممنوعة قانوناً، لكنها تكاد تكون معلنة، إلا عندما تقرر الشرطة إعلان وجودها فتكشف عن ضبط كميات ضخمة من المخدر الأكثر شعبية في مصر. ولا شك في أن حضور الحشيش في النصوص الإبداعية الروائية والقصصية والشعرية يعبّر في الحقيقة عن حضوره في الواقع. وثمة كتاب وأدباء اعترفوا بأنهم يتعاطون الحشيش، وشخصية على منوال الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم لن تجد حرجاً في الاعتراف بأن «الحشيش» نعمة، بل أروع ما يشرب على الأرض بعد «الشاي»، فقد طلب ذات مرة من الإعلامي طوني خليفة كوباً من الشاي، فسأله طوني: «طيب والحشيش»؟ فرد نجم من دون تلعثم قائلا: «يا عم أنا حشاش، لو دلوقتِ فيه حشيش هأشرب عادي».

وله قصيدة يقول في مطلعها: «نفسي في صنف حشيش، ينمل الدماغ وينضف النخاشيش، علشان أنسى طابور العيش، وأخش في الغيبوبة، وأنسى مشكلة الأنبوبة، وأنسى بلدنا المنهوبة، وأنسى اللي بيجهزوه علشان يبقى رئيس للمخروبة، وأبقى مسطول وأنسى أي مسؤول».

كانت شخصية «الحشاش» قاسماً مشتركاً في كتابات الكاتب والروائي الكبير خيري شلبي، ومن بينها «موال للبيات والنوم، صالح هيصة، نسف الأدمغة، منامات عم أحمد السماك، الوتد»، وكلها تعرضت لحياة الحشاشين وثقافاتهم، وإن ظلت «وكالة عطية» الرواية الأهم التي تحدثت عن الكيف كوسيلة للحصول على السعادة المزعومة لدى طبقة من المجتمع الفقير، وهو الذي قال في أحد لقاءاته: «تشبه جلسات الحشيش جلسات الذكر في الانسجام والتوحد، وتذيب الفوارق الطبقية والإنسانية بين البشر وكأنها توحد بينهم».

نجيب محفوظ بدوره استخدم الحشيش لينقد المجتمع على لسان أبطاله، خصوصاً في رواية «ثرثرة فوق النيل»، والتي جسد فيها البطل دور المواطن المسطول في معظم ساعات يومه، والذي لا يؤمن بما يفعل، فهو موظف تعس يعرف أن روتين الوظيفة هو الباب الملكي للانفلات من المسؤوليات، واعتبر نجيب محفوظ بطل روايته المسطول دائماً (من كثرة تناول الحشيش في العوامة التي يلتقي فيها وجهاء القوم في الستينيات من القرن العشرين) صوتاً بالغ الدلالة للتعبير عن العصر، الذي ينتقده في أجواء تتطاير فيها سحائب الدخان في العوامة التي جمعت أنماطاً بشرية مختلفة عبر أنيس أفندي، الذي كان الأمهر في رص كرسي الحشيش على الجوزة. ورغم أن محفوظ كتب كثيراً عن فئات من الحشاشين في أكثر من رواية، فإن «ثرثرة فوق النيل» كانت الرواية التي يسجل فيها الحشيش حضوراً لافتاً.

بغاء رسمي

محفوظ الذي حرص على التدخين حتى الأعوام الأخيرة من عمره، كان من رواد غُرز الحشيش والعوَّامات يوماً ما، وعاش حياةً عريضة من العزوبية، ساعدته في التعرف عن قرب إلى كثير من الصور الحية لشخصيات عدة كتبها بمن فيها العاهرات والحشاشون وقعداتهم الخاصة، التي لم تكن تخلو بكل تأكيد من المخدر الأكثر حضوراً في الواقع المصري لعقود متتابعة عدة.

في حديث مع الصحافي عبد التواب عبد الحي في حوار أجراه معه في الخمسينيات، وإن لم ينشر مع ذلك إلا في عدد مجلة «الهلال» الصادر في ديسمبر سنة 2005، أكد نجيب محفوظ أنه لم يدخن الحشيش إلا مرة أيام المرحلة الثانوية، أخذ فيها نَفَساً أو نفسين، فوقع من فوق الكرسي على الأرض غائباً عن الوعي في أحد مقاهي الغورية، ومن يومها لم يعد إليه». لكنه وفي واحدة من المرات القليلة التي باح فيها ببعض أسرار حياته الخاصة روى لأحد كتاب سيرته أنه: «في الفترة التي سبقت زواجي عشت حياة عربدة كاملة، كنت من رواد دور البغاء الرسمي، والسري، ومن رواد الصالات والكباريهات، ومن يراني في ذلك الوقت، لا يمكن أن يتصور أبداً أن شخصاً يعيش مثل هذه الحياة المضطربة وتستطيع أن تصفه بأنه حيوان جنسي، لا يمكن أن يعرف الحب والزواج، كانت نظرتي إلى المرأة في ذلك الحين جنسية بحتة، ليس فيها أي دور للعواطف والمشاعر، وإن كان يشوبها أحياناً شيء من الاحترام».

كان ذلك كلامه في حوار يعلم أنه سينشر على لسانه. أما في رسالة خاصة بعث بها نجيب محفوظ إلى صديقه الدكتور أدهم رجب وكان يدرس آنذاك الدكتوراه في الطب بالولايات المتحدة الأميركية، ونشرت في جريدة «الدستور» جاء فيها بالحرف:

«ولا أخفي عليك أني بحاجة إلى التجارب وأني أشعر بالاختناق بين ميدان فاروق والأزهار، وقد عرفت هذا الصيف أديباً شاباً موهوباً ولطيفاً معاً، ولهذا الأديب عوامة نمضي فيها نصف الليل ما بين الحشيش والأوانس، وانقلب أخوك شيئاً آخر مدة الإجازة فقط طبعاً، بل علمني البوكر سامحه الله فغدوت مقامراً، وليس بيني وبين دكتور الأمراض التناسلية إلا خطوة، فانظر كيف يتدهور الأديب على آخر الزمن؟ وقد وفيت أخبار السياسة حقها لعنها الله، وكلامك فيها يقع من نفسي موقع الحق والهوى معاً، وفي هذه اللحظة التي أكاتبك فيها يعثرون على القنابل في القاهرة كالتراب، خصوصاً بعد حادث سينما مترو، بل تصور أنه انفجرت منذ أسبوعين قنبلة في شارعنا وعلى بعد 20 متراً من بيتنا، وكان من نتائج ذلك أن بطلت حفظ الحشيش في البيت استعداداً للتفتيش فليعش الملك المفرقع الأول».

توقيع المخلص: نجيب محفوظ

    

الواد نجيب

شلة العباسية تسبق شلة الحرافيش، وتختلف عنها في تكوينها وشخوصها، فقد كانت تضمّ نوعيات مختلفة من البشر يشعر نجيب معهم بالراحة وبأمان الوجود في وسط العائلة الخاصة أو العائلة التي اختارها، كانوا هم عالمه الخاص البعيد عن عوالمه الأخرى، لا صلة لهم بالأدب، ولا علاقة لهم بالثقافة. وفي «قهوة عرابي»، كان الكاتب الكبير يجلس مع نوعية أخرى من الأصدقاء بعيداً عن الكتاب والأدباء والمبدعين والفنانين. كانت جلسته تلك كأنها استراحة من المعتاد، وكأنها عودة إلى الماضي، كانت جلسته مع أصدقاء الطفولة ورفاق الحي القديم سواء في الحسين أم في العباسية، في تلك الجلسات كان من الممكن أن تجد من يقول له: «يا واد يا نجيب».

جمال الغيطاني الذي اصطحبه محفوظ معه إلى لقاء الأصدقاء القدامى سمع لأول مرة المعلم «كرشة» يقول لأستاذه ومعلمه الأكبر: يا واد يا نجيب، تخيل مقدار الدهشة التي أصابته وقتها وهو يشاهد ويسمع «الأستاذ الكبير بتاعنا بيتهزأ كده»، وكانت هذه نقلة في حياة الغيطاني، خصوصاً بعد أن أدخله أستاذه في صميم حياته الخاصة، ومن خلال مجموعة «قهوة عرابي» تعرف إلى أمور كثيرة جداً عن حياة محفوظ الخاصة، وعلاقاته والمنطقة التي كان يعيش بها وبعض أسرار»أيام الشقاوة».

كان لواحد من شلة الشقاوة الباكرة مع نجيب محفوظ شأن خاص جداً، كان اسمه الشماع. توقف الأخير عن الدراسة وعمل مع والده في دكان لبيع الأقمشة «مانيفاتورة» بحي «الغورية». يقول محفوظ: «وكان يطلب منا أن نزوره في العطلة المدرسية، وكانت في ذلك الوقت تزيد على أربعة أشهر. كان يقول لنا: لا بد من أن تأتوا يومياً. كنا عندئذ نقطع الطريق سيراً على الأقدام، بدءاً من ميدان فاروق، ميدان الجيش حالياً، ثم شارع الحسينية، ثم بوابة الفتوح، فشارع المعز، كان لا بد من أن نمشي حتى الغورية لأستمتع بالمنطقة، وعندما نصل إليه نبقى معه حتى يغلق الدكان، ثم نمضي إلى مكانين كان يفضل الجلوس فيهما، مقهى «زقاق المدق»، ومقهى «الفيشاوي».

يحكى نجيب: «عرفت «زقاق المدق» بفضل صاحبنا. كان شخصاً مغامراً، عمل مع والده، وعندما جاءت أزمة الثلاثينيات هجر أباه، واختفى، راح يسعى وراء رزقه في الصعيد، كان جريئاً جداً، أطلق لحيته، وقال إنه قادم من «المدينة المنورة»، وباع التراب للناس على أنه تراب من قبر النبي (صلى الله عليه وسلم)، وكان يعالج الناس، وكانت له حوادث عدة تروى، في إحدى المرات أحدث نزيفاً لرجل أثناء خلعه لضرسه، وهرب من البلدة».

صاحب نجيب هذا نموذج للمغامر الروائي، والمهم في حكاية هذا الصديق ليس فحسب أنه مصدر جانب كبير من عالم نجيب محفوظ الروائي، ولكنه كان أحد مفاتيح نظرته إلى العالم، فهو كان غير المنضبط اجتماعياً، الخارج عن أخلاق المجتمع، لكنه المبهر في الاكتشاف والقادر على المغامرة، يقول عنه محفوظ: «كان «بورمجي» تمام، والحقيقة أنه هو من عرفنا الطريق إلى أنحاء القاهرة».

«التعميرة»

كان الشماع بائعاً بارعاً، وعندما ضاقت به الحال أراد أن يرجع إلى والده، يقول محفوظ:  وسطني في رجوعه، فذهبت إلى والده، كان جاراً لنا في الشارع نفسه، استقبلني الرجل بحفاوة، وعندما ذكرت اسم ابنه، هب البيت كله في وجهي، حتى أمه، لأنه تخلى عن العائلة في ظرفٍ حرج».

ويبدو الأديب الكبير وهو يسترجع قصة صاحبه هذا وكأنه كان يستمتع بوجوده على شواطئ هذه العوالم ويتلذذ، وهو المنضبط كالساعة والمحافظ على المستوى الشخصي والحياتي، بوقائع حياة مثل هذه النماذج الخارجه على السائد والمستقر من عادات الناس وتقاليدهم ومألوف حياتهم الرتيب. بل إنه كان يحتفظ له بوضع خاص في ذاكرته، من دون أحكام قيمة عليه، يقول: «صديقي هذا لم يكن يعرف مبادئ الوفاء والتعلق بالأسرة، قل إنه بلا مبادئ، قل إنه سابق لعصره، المهم أنه كان مغامراً. فتحت شخصيته وتجاربه لي عوالم عدة، كتبت عنها الكثير من المرات، وهي موزعة في كثيرٍ من رواياتي».

تزوّج الشماع واستقرت به الحال، وكان إذا جاء إلى القاهرة يزور صديقه القديم، يروي محفوظ: «كان يفاجئني في وزارة الأوقاف، ثم وزارة الثقافة، ثم يختفي لا أدري، هل يعيش الآن أم انتقل إلى رحمة الله، لو أنه موجود في القاهرة لزارني بكل تأكيد».

هذا الصديق المغامر صاحب الغزوات غير المنضبطة والنزوات المنفلتة، يبدو أنه هو من قاد خطى نجيب محفوظ على طريق «الحشيش»، كما اعترف في حواراته مع رجاء النقاش: «عن طريق صديقي الشماع عرفت الحشيش، وفي ذلك الوقت كان تدخينه يتم بطريقة علنية في المقاهي. حتى أنني أذكر أن الشماع كان يجلس في مقهى علي يوسف، وينتظر حتى يأتي عسكري الدرك الموجود في الشارع حتى يشرب معه «التعميرة».

ولكن لم يكن لهذا الشماع ابن البلد البسيط أن يفلسف تدخينه «الحشيش» كما فعل الكاتب الفيلسوف نجيب محفوظ الذي كان يرى «أن الأوضاع السيئة التي عاشها الشعب المصري، كانت سبباً أساسياً في إقباله على الحشيش لأنه وجد فيه نوعاً من المسكن لآلامه وأوجاعه، يخفف عنه ولو لساعات، ما يمرّ به من هموم وأزمات، حتى أصبح تدخينه بالنسبة إليه عادة شعبية مثل شرب الشاي والقهوة.

كان نجيب محفوظ يوقن بأنه «ما من مصري من أولاد البلد إلا ويحمل صفة «حشاش»، إلا إذا كانت ثمة ظروف قهرية منعته، حتى أن غير القادر منهم تجده على استعداد لأن يخدم في «الغرزة» مقابل «نَفَسين»، وفي رأيه «الحشيش كان للشعب المصري نعم الصديق، لأنه خفف عن الناس المرارة التي يعيشونها في نهارهم، وكان بمثابة المُسكن للأوجاع في الليل».

قروش «الغرامة»
بالتأكيد، انتشار الحشيش بين صفوف المصريين، حسب رؤية نجيب محفوظ، لم يكن فحسب لأنه الترياق الذي يخفف عنهم مرارة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، بل ثمة جانب آخر تسبب في هذا الانتشار وهو أن الغالبية منهم لا ينظرون إلى الحشيش نظرة التحريم الديني التي يرونها في الخمر، يقول: «لدى المصري استعداد لأن يدخن الحشيش ولكن لا يتناول البيرة مثلا، رغم أنها أخف أنواع الخمور، لاعتقاده أنه لا يوجد نص ديني قاطع يحرّم الحشيش تحديداً».

ارتبط الحشيش في نظر نجيب محفوظ بظاهرة ميزت الشعب المصري وهي «النكتة»، وهو يرصد أن «الثروة الكبيرة من النكت مرتبطة بالحشاشين». وفي حواره مع رجاء النقاش زعم أن الصوفيين أول من اكتشف الحشيش واستخدموه، وفي بدايات القرن العشرين كان إحدى المواد المحتقرة في مصر، ولا يستخدمه سوى أراذل الناس، ولا تقربه الفئات المحترمة، وكانت كلمة {حشّاش} تعني أن صاحبها أقرب إلى فئات الحرامية والنشالين. حتى انقلب الوضع عندما قامت الحرب العالمية الأولى واختفت الخمور الجيدة من السوق، ولم يكن أمام الفئات العليا من المجتمع إلا استخدام «الحشيش»، وأصبح في بيوت كثيرة «غرزة» صغيرة للحشيش بدلاً من البار. وساعد على انتشار الحشيش أنه لم يكن ممنوعاً بحكم القانون، بل كان الناس يدخنونه في المقاهي، وأكثر عقوبة هي الغرامة، وكانت قروشاً معدودة.

ذكر محفوظ في هذا الحوار أن أحد أنصار الحشيش، وكان رئيساً لإحدى الجمعيات الخيرية بمصر، وهو الدكتور غلوش، قام بحملة منظمة في الصحف للدفاع عن الحشيش، ولبيان عدم وجود أضرار له، وكانت وجهة نظره هي: كيف تبيح الحكومة تناول الخمور وتحرم الحشيش وهو أقل ضررا وخطورة؟ كان ذلك بعد أن شددت الحكومة عقوبة تعاطي الحشيش وقيل آنذاك إن {الإنكليز أوعزوا إليها بتغليظ العقوبة، بهدف الترويج للخمور الإنكليزية}.

دفعت هذه الأفكار نجيب محفوظ إلى لقاء الدكتور غلوش وجلس معه مرات عدة، ووجد فيه شخصية ظريفة جداً، وكان قد قرأ له مقالات عدة في الصحف دفاعاً عن الحشيش. أوضح الدكتور أدهم رجب فيما بعد صحة أقوال الدكتور غلوش، فيما يتعلق بعدم وجود أضرار للحشيش، وأن الأخير إذا كان مضراً فالسجائر أكثر ضرراً منه، وكل ما في الأمر أنه يؤدي إلى احتراق كمية كبيرة من السكر في الدم، والعلاج أو الوقاية هنا من الأمور البسيطة، ويتركز ذلك في التغذية الجيدة.

أفكار الدكتور غلوش هذه ظهرت بوضوح في المونولوج الخاص الذي يردده أنيس محور رواية «ثرثرة فوق النيل»، نسمعه وهو يتحدث إلى نفسه، يقول ويرد على نفسه:

- الحشيش ممنوع والخمرة مش ممنوعة... طب ليه؟

- ده يسطل المخ ودي تلطش المخ.

- ده حرام ودي حرام.

- ده يضر بصحة ودي تضر بصحة.

- الحشيش غالي والخمرة أغلى منه.

- اشمعنى القانون متحيز للخمرة؟

- القانون بيفوت للخمرة علشان ندفع عليها ضرائب...

- طيب خليه يفوت للحشيش وندفع عليه ضرايب.

***

في «أصداء السيرة الذاتية» لقطة تشير إلى شيء حقيقي في حياة محفوظ يقول

في غمار جدل سياسي سأل أحد النواب وزيراً:

- هل تستطيع أن تدلني على شخص طاهر لم يلوث؟

فأجاب الوزير متحدياً:

- إليك على سبيل المثال لا الحصر الأطفال والمعتوهين والمجانين... فالدنيا ما زالت بخير.

محفوظ استخدم الحشيش لينتقد المجتمع على لسان أبطاله

أديب نوبل كان يجلس في قهوة «عرابي» مع مجموعة من الأصدقاء الذين لا علاقة لهم بالأدب والفن

ارتياده أماكن تعاطي الحشيش ساعده في كتابة شخصيات رواياته

الحشيش ارتبط في نظر محفوظ بظاهرة ميزت الشعب المصري وهي «النكتة»

جمال الغيطاني دُهش من مفردات الحوار بين أديب نوبل وأصدقاء الحي القديم
back to top