علمني أبي: أيمن حسين نصار:

تعلمت من والدي أن نفع الإنسانية أهم من المصالح الشخصية

نشر في 14-06-2016
آخر تحديث 14-06-2016 | 00:00
No Image Caption
يعد د. حسين نصار (91 عاماً) من أبرز الشخصيات التي عنيت بالمخطوطات والتراث العربي والإسلامي، كما يعتبره نقاد ومؤرخون أبرز من كتب عن تاريخ مصر الإسلامية، مما جعله يستحق لقب "شيخ المحققين" ولديه ابنان، هما د. ياسر رئيس قسم الكيمياء الحيوية والتشخيص الحيوي الجزيئي بكلية طب قصر العيني، ود. أيمن نصار أستاذ طب العيون في جامعة بنها المصرية.

يقول د. أيمن: الوالد هو القدوة، أشعر بها كلما مر الزمن، فقد كان قدوة في تقديس العلم، والسلوك الحسن، وكان يعاملنا مثل زملائه وتلامذته، فكان يعطينا كامل الحرية في إبداء الرأي والتحاور، دون خروج على سلوك الانضباط، فهو حازم جدا وليس عاطفيا، وكان يستخدم سياسة الثواب والعقاب، حيث يعطينا مكافأة حينما نحصل على المراكز الثلاثة الأولى فقط.

يتابع: العلم بالنسبة لوالدي هو حياته كلها، فالوقت عنده ثمين جدا، فلم يضع الوقت إلا في تحصيل العلم، وعنده نظام يومي ثابت، يستيقظ بعد الفجر ويجلس للصلاة وقراءة جزء من القرآن، ثم يستغل بقية اليوم في المطالعة والكتابة، وينال قسطا من الراحة فترة الظهيرة، ومازال يمارس ذلك رغم عمره المتقدم، متحديا ضعف البصر ورعشة يده.

ويضيف: حينما كان يقوم بترتيب مكتبته من حين إلى آخر، كنا نساعده في ذلك، ويختار لنا منها كتبا للقراءة، رغم أن تخصصاتنا غير أدبية، لكنه يحرص على مشاركتنا حب القراءة والكتب، ولم يكن يذاكر معنا إلا إذا طلبنا خاصة في اللغة العربية، فهو يحترم خصوصيتنا وميولنا، فلم يتدخل في اختيار الكلية، بل كان يعودنا الاعتماد على النفس، لكن عند وجود مشاكل تخصنا كان يتدخل، ويجلس معنا ويعطينا رأيه.

د. أيمن أشار إلى أن والده لم يضع ممنوعات ومحاذير لاختياراته هو وأخيه، فكان يتركهما يتخذان القرار حتى يتعلما من الأخطاء، وكان يذهب بهما إلى المراكز الثقافية والمتاحف وزيارة معرض الكتاب سنويا، وحضور الندوات معه، وقضاء أسبوعين كل سنة في أحد المصايف.

ويواصل: علمنا أبي أن نفع الإنسانية أولى من المصالح الشخصية، فلم ينظر للماديات مطلقا، مع أن الشقة التي كنا نعيش فيها متواضعة جدا، ولم يقبل هدية من طالب أبدا، أما الشيء المقدس فهو اجتماعنا في وجبة الغداء، وهو الشيء الذي نفتقده الآن مع أولادنا.

ويضيف: تعلمت من والدي الحرص على الوقت، والوضوح، والثبات على المبدأ رضي الناس أو رفضوا، وأصبحت أكثر اقتناعا بطريقته في التربية التي كنت أرفضها منذ 30 سنة، وتعلمت أنه من السهل التربية بالضرب ووضع المحاذير والقيود، لكن من الصعب أن تربي بالصمت والمراقبة، فأفعاله كانت رسائل لنا لم ندرك مغزاها إلا حينما صرنا آباء مثله، فالذي انتهجه ليس سهلا تماما، كان يريد أن يقول ويعترض، لكن لم يفعل.

ويبعث رسالة لوالده قائلا: نعم الأب كنت، فقد تعلمت منك الكثير، فأنت عطاء لا ينفد، ولم نشعر بذلك، فمازلت تتحدى السن، ونتعلم منك وأنت في هذا العمر أكثر من الماضي.

back to top