ثلاث مسائل سيحبها بوتين في ترامب

نشر في 12-06-2016
آخر تحديث 12-06-2016 | 00:06
 ريل كلير انتقل دونالد ترامب في أقل من سنة من دخيل يجهل أمور السياسة إلى مرشح الحزب الجمهوري المفترض، ولكن كيف يمكن لمرشح بدا مستبعداً إلى هذا الحد قبل فترة قصيرة أن يصبح رئيس الولايات المتحدة التالي؟

نلاحظ الكثير من التناقضات في شخصية ترامب، ولكن ثمة وجه منطقي واحد في ظاهرة ترامب بأكملها: تعبير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علانيةً عن إعجابه بهذا المرشح الجمهوري، فيعتبر هذا الزعيم الروسي أن رئاسة ترامب تشكّل سيناريو يفوز الجميع فيه، فبما أن بوتين تخلى منذ زمن عن ادعائه تأسيس ثقافة سياسية سليمة في روسيا، يستمد قوته من الأزمات، وخصوصاً المشقات الجيو-سياسية، لأنها تتيح له الحفاظ على سلطته المستبِدة أو تعزيزها.

إذا فاز ترامب في الانتخابات، فإليك ثلاثة سيناريوهات ستعود بفائدة مباشرة على بوتين:

بطيء وتفاعلي: يتباطأ ترامب في إحاطة نفسه بخبراء دوليين متمرسين، رافضاً أحياناً مساعدتهم بشكل صريح، وقد يتبين أن الرئيس القادم ترامب يجهل الكثير عن الشؤون العالمية، مما يتيح لبوتين التحكم فيه وحمله على التفاعل مع خطوات روسيا، وبما أن ترامب وافد جديد إلى السياسة الدولية، وبما أنه لم يعرب عن فهم كبير للوقائع الجيو-سياسية، فلن يكون نداً لخصم عنيد مثل بوتين.

شريك جاهل: يخدم ترامب مصالح بوتين بتأييده عمداً أو عن غير عمد مناورات الرئيس الروسي الجيو-سياسية. فبما أن "داعش" و"القاعدة" وغيرهما من التنظيمات تشكل خطراً ملحاً وواضحاً يهدد الأمن الدولي، استخلص بوتين وترامب أن على روسيا والولايات المتحدة مواجهة هذه المجموعات بأقصى شروط ممكنة.

يعلن ترامب أن أيام "داعش" باتت معدودة، مع أنه يأبى أن يحدد متى وكيف سيضع حداً للرعب الذي ينشره هذا التنظيم، فضلاً عن ذلك يعتبر ترامب عملية التعذيب "الإغراق بالماء" لطيفة، ويؤكد أنه سيلاحق عائلات أعضاء "داعش"، ولا شك أن هذه الخطوات ستؤدي إلى رد فعل عنيف، إلا أنها تشكّل أيضاً مؤشراً إلى صورة الرجل الصلب والقوي التي يود ترامب أن يرسمها عن نفسه.

وفي ظل غياب رؤيته الدولية الواضحة، قد يقرر ترامب توحيد الجهود مع بوتين في خطواته العسكرية غير المدروسة، التي تحظى رغم ذلك بتأييد شعبي كبير وتستهدف أعداء حقيقيين ومفترضين، ومن المؤكد أن شراكة مماثلة ستعزز محاولات بوتين تقديم روسيا كقوة عالمية، فضلاً عن أنها قد تشجّعه على إطلاق يده في أماكن مثل أوكرانيا. فيخوض بوتين بالتالي صراعاً "محلياً" من دون مواجهة معارضة تُذكر من إدارة ترامب العدائية عالمياً.

تأجج الحرب الباردة: يحاول ترامب خوض حوار عالمي جديّ مع روسيا، ويخفق إخفاقاً ذريعاً، فيعزز بوتين خطاب الحرب الباردة المتداول اليوم. نتيجة لذلك تصبح تصريحات بوتين وسياساته المناهضة للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أكثر قوةً. فيرد عليها ترامب بتمسكه بموقفه بعناد، وهكذا تعود الولايات المتحدة إلى عقلية الحرب الباردة العالمية التي سادت في أواخر خمسينيات القرن الماضي ومطلع الستينيات.

ولا شك أن انقسام "نحن في مواجهتهم" السياسي يخدم أسلوب الرجلَين السياسي ويمكنهما من توسيع دعمهما المحلي، ومن المؤكد أن نشوب أزمة عالمية وتنامي التوتر العام يخدم مصالح بوتين، وخصوصاً في الجيش والمجتمعات الاستخباراتية الروسية.

درس بوتين وحلفاؤه بالتأكيد السبل الفضلى إلى استغلال ترامب واحتوائه بما يتناسب مع أهدافهم الخاصة، ونظراً إلى كبريائه يعتقد بوتين أنه يستطيع التحكم في مبتدئ دولي على غرار ترامب، وحمله على التصرف بطريقة متوقَّعة في الشؤون الدولية.

ولكن يجب ألا ننسى أيضاً تفاخر ترامب الذي سيجعل السياسة الخارجية الأميركية أقل توقعاً، ومَن يدري؟ قد يتبيّن أن من الصعب توقّع خطواته في رئاسته تماماً كما يصعب توقعها خلال حملته الانتخابية.

في هذه الحال تفشل كل الخطط، حتى تلك التي تُرسم في موسكو خلال هذه الانتخابات الرئاسية الأميركية الاستثنائية.

وليام بومان

back to top