فتاوى عصرية: الاستهزاء بآيات القرآن شر مستطير
السؤال: ما حكم الاستهزاء بآيات القرآن؟المفتي: اللجنة الشرعية بالأزهر.
الفتوى: موجات تناول آيات القرآن بالسخف والاستهزاء زادت مؤخراً، كمن ردد «سلطانية... سلطانية»، التي وردت في قوله تعالى: «مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ» (الحاقة: 28-29)، مما يعد تنكراً لعظمة القرآن، ونزعاً للتاج والوقار عن منطق الوحي المنزل على رسول الله (ص)، ويفتح بابا من السخرية والاستهزاء بآيات القرآن الكريم، رغم أن الله عز وجل عظمها في قوله تعالى: «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» (الحجر:87)، والسبع المثاني هي سورة الفاتحة التي تهكم بها أحدهم في قراءته لها، رغم أن المسلم مخاطب بإجلال القرآن وتعظيم التعامل معه قراءة وسماعا، قال تعالى: «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» (الأعراف: 204)، إلا أن هؤلاء قد تعاملوا مع القرآن الكريم وآياته باستخفاف واستهزاء، وهذا سقوط أخلاقي وسفه يستوجب التنبيه إليه والمساءلة القانونية عنه، لئلا يفتح بابا من الاستهانة بالقرآن والخوض في آياته، والتلاعب بمنطق الوحي، وهو إن حصل فشر مستطير، وقد كان القرشيون يشاغبون على القرآن باللغو فيه عند قراءته حتى لا يصل إلى قلوب المستمعين فيهديهم إلى الإيمان، مما يدل على أن قضية الشغب على القرآن الكريم قديمة حديثة، لذلك نبه الله عز وجل في القرآن إلى أن مثل هذه السفاهات قد تقع في أي عصر وآن، فأنزل فيها قرآنا يكشف باطلها، ويشنع على من يقوم بها ويقبح فعله في أكثر من آية من القرآن الكريم، وهذا من الإعجاز القرآني حيث يكشف من ألف وأربعمئة عام ويزيد واقعا معاصرا كأن الوحي يرصده الآن، لينعى على صاحبه ما يلاقيه من جزاء بقدر ما أساء إلى القرآن الكريم وآياته، قال تعالى: «وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ» (الجاثية: 7-8-9)، وقال سبحانه: «وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ» (الصافات: 14)، أي يستهزئون، وذلك عن طريق سقط القول وسخف التناول، لجلب الضحك والتسلية، فكشفهم الله عز وجل في قوله: «وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ» (التوبة:65).