حكاوي الراوي... نجيب محفوظ (7 - 15)

اختار الأدب ورفض السياسة

نشر في 12-06-2016
آخر تحديث 12-06-2016 | 00:05
عاش 42 سنة في مصر الملكية، و52 سنة في مصر الجمهورية. وعاصر أربعة حكام في مصر قبل الثورة، وأربعة آخرين بعدها. وبدأ حياته مع الخديو عباس حلمي الثاني، وانتهت مع الرئيس حسني مبارك. أطول فترة عاشها خلال مصر الملكية كانت في حكم الملك فؤاد (1918 - 1936)، وأطول فترة في عهد الجمهورية كانت تحت حكم الرئيس حسني مبارك (1981 - 2006). عاش في مصر الواقعة تحت النفوذ العثماني، وفي مصر المحتلة من الإنكليز، وعاش نصف حياته في مصر وهي تحاول أن تنفض عنها أغلال الاستعمار الأجنبي وقيود الاستبداد الملكي، ثم استقبل وهو في منتصف العمر ثورة كبرى على الأوضاع القديمة، أيدها وانتمى إليها، ونقدها، وكان يأمل منها أكثر مما حققت، ففقد حماسه لها، وفي كل الوقت كان وفياً لوفديته.

عاصر حكاماً بدءاً من الخديو عباس حلمي الثاني حتى الرئيس مبارك، وسجل آراءه وآراء الناس في طريقة حكمهم، وما عاصرهم من أحزاب سياسية، فكان شاهداً على العصور، ومؤرخاً بالأدب، واختار نجيب محفوظ لنفسه بدقة دائرة الحركة في الحياة، وانحاز إلى أن يكون كاتباً وأديباً ولا شيء غير ذلك، ومن خلال الأدب يستطيع أن يعبر عن مواقفه وأفكاره السياسية. أما العمل السياسي المباشر فلم يكن يميل إليه أبداً ولم يقترب منه طوال حياته لأنه كان كفيلاً بأن يجره إلى دوامات تسحبه من اهتمامه الأول ألا وهو الأدب.

حكمت موقف نجيب محفوظ من السلطة مكونات شخصيته، وتحكّمت فيه نظرة الموظف. ومثل أي مصري كان يتجنب السلطة، لا يتقرب منها، ولا ينافقها، إلا في الحدود الدنيا، وربما بعد ضغط وإلحاح، وهو إن فعل فمن منطقة «المسالمة» وتجنب ضررها، عاملاً بالحكمة الشعبية المصرية القائلة: «يا نحلة لا تقرصيني ولا عايز عسلك»، فإذا استبدلنا السلطة بالنحلة فإن نجيب محفوظ، كمصري أصيل، لم يكن يتوقع من السلطة خيراً، بل كان يريد أن يتجنب أو يتحاشى أن تلدغه، وهو كأي موظف، أمضى 37 سنة من حياته في دهاليز الوظيفة الحكومية. كان لصاحب السلطة عنده شأن عظيم في نفسه سواء كان ملكاً أو رئيساً للجمهورية، أو حتى من هم أقدم منه وأعلى في الدرجة الوظيفية.

خاض محفوظ غمار «الوظيفة» حتى وصل إلى محطته الأخيرة بالتقاعد، وخاض مغامرة الكتابة حتى حدودها القصوى، لم توقفه عقبة، ولم يتوقف عند قيود، كتب «أولاد حارتنا» التي حاكم فيها بناء الأفكار في المؤسسة الدينية بما لها من سطوة في المجتمع على عقول الناس، وكتب «ثرثرة فوق النيل» ينتقد فيها السلطة السياسية نقداً لاذعاً على لسان «المساطيل» في ملهاة ساخرة حد البكاء. ولكنه في حياته لم يصطدم بالسلطة، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو أخلاقية أو دينية، رغم أنه فعل ذلك كله في أدبه.

كانت له وجهة نظر خاصة في السلطة بأنواعها، ظهرت في أعماله جميعا، سواء الدينية أو الأبوية أو السياسية، واهتم بشكل مكثف بنقد السلطة السياسية في رواياته، وكان يدرك الأهمية الشديدة للسياسة والسياسيين في تحقيق تقدم مصر أو تخلفها، ويتتبع الأخبار السياسية باهتمام شديد. تجد السياسة حاضرة في جميع ما كتب، والصراع السياسي عنده موجود حتى في رواية «أولاد حارتنا» التي يمكن أن نصفها بأنها رواية ميتافيزيقة ويدور الصراع فيها على «الوقف».

ورغم ذلك نجده ميالاً إلى العزوف عن الخوض في أي حديث مباشر في السياسة، أو التورط  في تفاصيلها اليومية، يدفعه إلى ذلك حرصه على حماية نفسه وتجنبه صراعاتها من ناحية، وحرصه على أن يهيئ لنفسه الظروف اللازمة لاستمرار إنتاجه الأدبي من ناحية أخرى. كانت الكتابة الأدبية هدف حياته الوحيد، وقال مرة إنه يشعر بأن الموت سيجيئه متى توقف عن الكتابة. كانت الكتابة بالنسبة إليه مسألة حياة وموت، ولم يكن ليغامر في الدخول بنفسه فيما يمكن أن يتسبب في تعويقه عن الاستمرار فيها.

أقام محفوظ على الدوام سواتر حوله حفظته إلى حد كبير من بعض العواصف التي أثرت في حياة كثيرين من المثقفين في جيله، والأجيال التالية، خصوصاً العواصف السياسية وتقلباتها وما يترتب على الانغماس فيها من مصاعب ومنغصات كثيرة إذا ما اصطدم رأي الكاتب بالسلطة، وكان يرى أنه في غنى عن ذلك كله، وأن كل إنسان ميسر لما خلق له.

مقهى «ريش»

«كان نجيب محفوظ شخصاً ذكياً جداً، وفي غاية الكياسة، حين ابتعد عن التنظيمات السياسية كافة، فلم ينضم يوماً إلى حزب، فبدا وكأنه مع الجميع، وضد الجميع في الوقت نفسه». بهذه الكلمات، لخص الروائي خيري شلبي وجهة نظره في موقف نجيب محفوظ السياسي، ويضيف توضيحاً: حين كان محفوظ يجلس معنا على مقهي «ريش» كنا نحار في معرفة رأيه الحقيقي في هذا الأمر أو ذاك، وحين كنا نسأله في السياسة بشكل مباشر، كان يجيب إجابات غير قاطعة، وهذا أمر عظيم جداً، لأنه لا يملك الإجابة، ولا يدعي معرفة الحقيقة وحده، وكان حين يجيب يضع في اعتباره الآراء كافة التي تناقض رأيه.

حضرت السياسة في رواياته بالمفهوم العام لها، وغابت السياسة بمفهومها الحركي اليومي وبتفاصيل صراعاتها الحزبية. لم تكن مثل هذه الصراعات تستهويه ولا تثير اهتمامه، وربما كانت تثير امتعاضه. بدأت علاقته بالحياة السياسية مبكراً، تأثر أولاً بميول أبيه الوفدية، وتشرب منه حبه لزعيم الأمة سعد زغلول، وتولى مدرسوه تزكية تلك الروح الوطنية لديه، فكانوا يشجعونه هو وغيره من الطلاب على الخروج في تظاهرات للمطالبة باستقلال مصر، وكان يحرص على المشاركة فيها بطفولية أولاً ثم بمشاعر وطنية متأججة فيما بعد حين شبّ عن الطوق.

وكان انحيازه كاسحاً لثورة 1919، التي عاصر انطلاقتها صغيراً، وكانت بحق أول تمرد شعبي واسع ضد الاحتلال، تجلت فيها الروح الوطنية بأوضح معانيها، واشتركت فيها طوائف الشعب كافة، وقد انخرط طلاب المدارس العليا والثانوية في موجة المد الوطني، وامتدت تلك الموجة إلى تلامذة المدارس الابتدائية بتحريض من طلاب المدارس العليا. وكانت أول تظاهرة شارك فيها تلك التي اندلعت في ركاب الخلاف بين سعد زغلول والملك فؤاد في عام 1924، وكان عمر محفوظ يومها لا يتعدى 13 عاماً. وكانت المرة الثانية في عام 1929 أثناء حكومة محمد محمود الثانية، وطارده ضابط هو وصديقه فلاذ محفوظ ببيت الأمة. وكانت الثالثة ضد إسماعيل صدقي، وتعرض لمطاردة أيضاً لكنه هذه المرة لاذ ببيت في حارة ضيقة، وتمكن - بمساعدة إحدى نساء المنطقة - من الهرب إلى سطح بيت مجاور.

اقتصرت مشاركاته السياسية على التظاهرات الوطنية، وحرص دوماً على الابتعاد عن أية علاقة مباشرة مع المسؤولين السياسيين، ولم يحدث أن شارك في أي حزب سياسي، بما فيها «الوفد» الذي انتمى إليه وجدانياً واعتنق مبادئه وأفكاره، واكتفى بأن يعبر في رواياته عن رؤيته النقدية للواقع الاجتماعي والسياسي المصري على مر العصور. ومن موقع اللامنتمي إلى أية جماعة سياسية انتقد محفوظ الطبقة السياسية الحاكمة في كل أعماله الروائية.

«القمصان الزرق»

كان محفوظ ينتمى إلى جيل يعشق سعد زغلول ومصطفى النحاس، ويؤمن إيماناً عميقاً بالديمقراطية السياسية، يقول: «قبل الثورة كان ثمة ملك وإنكليز وشعب يمثله الوفد»، ويصف الحكم آنذاك بأنه حكم أوتوقراطي»، ولا يمكن اعتباره حكماً ديمقراطياً في وجهة نظره، خصوصاً أن الوفد صاحب الأغلبية الكاسحة لم يتمكن من الحكم إلا ست سنوات فقط. ولكنه يستدرك فقول: «إنما كان ثمة شعب حي مثّله حزب قوي يقاوم الاحتلال من جهة والملك من جهة ثانية، والملك رغم سلبياته لم يحكم وحده، بل دائماً كان معه مجلس نواب ومجلس شيوخ وصحافة، وفي أسوأ الظروف كان ثمة قضاء مستقل وقدر من الحرية الثقافية، وكانت في العصر مظاهر الحياة الديمقراطية وليس فيه ديمقراطية». وكان يرى أن العيب الأكبر فيما قبل ثورة يوليو يتمثل في غياب البعد الاجتماعي، «فالظلم الاجتماعي في تلك الفترة لم يكن الدفاع عنه ممكناً».

وكان على الدوام محباً لزعيمها سعد زغلول، وكان يقول: أنتمي إلى جيل كانت السياسة جزءاً من تكوينه. في بدايات القرن العشرين كانت قضية الاستقلال وجلاء القوات الإنكليزية حقيقة من حقائق الحياة، وكان الزعيم سعد زغلول رمز هذه القضية بل كان رمزاً للوطنية ذاتها. يقول صديق صباه الدكتور أدهم رجب: «نجيب محفوظ صاحب فضل عليَّ لا ينكر، فقد كان هو من تولى توعيتي سياسياً أيام كنت طالباً في الطب. كانت ميولي إذ ذاك ضد «القمصان الزرق» عماد شباب الوفد لأسباب خاصة تتصل بشخصية زعيم هؤلاء الشباب، وكان زميلا لنا، فتولى نجيب محفوظ مهمة تثقيفي سياسياً وتعليمي كيف أكون موضوعياً في تفكيري، وشرح لي التركيبة السياسية للنظام الاجتماعي القائم آنذاك، وكيف أن «الوفد»، رغم «القمصان الزرق» يقف إلى جانب الشعب لأنه هو الشعب، وبفضل محفوظ فتحت عيني على حقائق كثيرة».

نجيب محفوظ الوفدي لم يكن في يوم من الأيام عضواً منظماً في {الوفد}، أتت وفديته بالأساس من ليبراليته بالإضافة إلى انحيازه إلى ثورة 1919، فكان {الوفد} هو الحزب الذي انتمى إليه انتماء فكريا وسياسياً ووجدانياً، وارتبط بزعيمه التاريخي سعد زغلول ارتباطاً شديداً جعله مرة يغضب بشدة في جلسته العامة مع أصدقائه من كلام أحد الحضور تناول فيه شخصية زغلول بطريقة أقرب إلى التجريح، وهي واحدة من المرات القليلة التي شوهد فيها محفوظ غاضباً بهذا الشكل، حسب روايات مجالسيه.

العدل الاجتماعي

أقبل نجيب محفوظ على ثورة يوليو مؤيداً ولكنه أعرض عنها فيما بعد ناقداً، وبقي على ولائه الأول من دون أن يهتز أو ينقص، ويمكن أن تحسبه على يسار «الوفد». وهو نفسه يعترف بأن الأخير مات بعد عام 1936، وعاش بعدها إلى قيام الثورة حياة مفتعلة. وكان أمله في تلك الفترة أن يتقوى الجناح اليساري في «الوفد» ليفتح صفحة جديدة في حياة الأمة تضاف إلى صفحة 1919، ورغم ذلك كان انحيازه في الصراع بين عبد الناصر ومحمد نجيب موجهاً إلى نجيب «لأنه كان منحازاً إلى الوفد والديمقراطية»، وكان يعتقد أن «عبد الناصر لو كان انحاز إلى الوفد لتحققت له شعبية ساحقة، ولتغير وجه مصر».

كان محفوظ بلا شك أكثر اهتماماً بقضية العدل الاجتماعي، كان يشعر بالامتنان لنظام عبد الناصر بسبب إجراءاته الاقتصادية وما فعله للفقراء، ولكنه لم يغفر له إجراءات عدة رآها ديكتاتورية، ولم يكن على استعداد لأن يتغاضى عن القيود المفروضة على الحريات فى سبيل تحقيق التقدم في مجال العدالة الاجتماعية، وكان أكثر إدراكاً بدور الديمقراطية في تقدم الأمم، ومن هذا الإدراك تناول النظام السياسي في كثير من رواياته، وإن لم يتجاوز الخطوط الحمر التي يمكن أن تعرضه لمشاكل مع السلطة، يقول: «كنت أكتب بحرية تامة، ولكن لاشعورياً أقف عند حدود معينة قبل الثورة وبعدها، رغم ذلك كتبت أموراً أثناء حكم جمال عبد الناصر اعتبرها البعض ضرباً من الجنون».

المستشرقة الروسية فاليريا كيربتشينكو التي وجدت أن مشكلة الأديب والروائي الروسي الكبير فيودور دوستويفسكي (1821 ـ 1881) تكمن في أنه «حفار قلوب»، لا يرى إلا عيوب البشر حتى من مجرد رؤية ملامحهم الخارجية في الشوارع، ترى أن «نجيب محفوظ يتعامل مع أطيب الجوانب في الناس، ولا يسعى إلى اتهام أحد، وربما بحث عن عذر له حتى لو كان عدوه».

وكانت أحكامه على حكام مصر الذين عاصرهم تنطلق من ضعف رؤيته وعدم تماسكها، فهو يراهم كلهم «طيبين»، ولكل منهم عيوبه كما ميزاته التي تغفر له بعض تلك العيوب. حتى الملك فاروق، رأى فيه نجيب محفوظ ما لم يره غيره من كتاب التاريخ، وعبّر عن اعتقاده بأنه لو كان تجنب الوقوع في بعض الأخطاء لكانت الملكية استمرت حتى يومنا هذا في مصر، وهي درجة تسامح ربما تصلح في العلاقات الشخصية والاجتماعية، ولكن المؤكد أنها لا تفيد في تقييم موضوعي لحركة التاريخ ولا في تقدير الأوضاع السياسية المتغيرة.

معركة مع الورق

يمكنك بسهولة أن تكتشف مواقف نجيب محفوظ من السياسات المطبقة في عصر من العصور، ولكنك لن تستطيع بالسهولة نفسها أن تحصل على موقف محدد وواضح يدل على معارضة لنظام معين في الحكم أو لشخص معين من الحكام.

كتب نقداً للسياسات في عهد عبد الناصر، وكاد بعض رواياته أن تتسبب في أذى له، مثل «ثرثرة فق النيل» ومن بعدها «ميرامار». ولكن توقف الأمر عند غضب بعض جهات الحكم منه، واستطاع عبد الناصر أن يستوعبه، ذلك على عكس توفيق الحكيم الذي كان أقل استعداداً لتعريض نفسه لغضب السلطة، ولم يكن لديه الدافع القوى للتعبير عما لا يرضى عنه في النظام السياسي، مثلما كان لدى نجيب محفوظ الذي يقول في «صفحات من مذكراته» عن كتاب «عودة الوعي» لتوفيق الحكيم أنه تبنى وجهة نظر مناقضة لما عرف عن علاقة الحب التي ربطت بين عبد الناصر وتوفيق الحكيم منذ قيام الثورة، كان الزعيم الذي حلم به الحكيم في «عودة الروح» هو عبد الناصر، وكان لدى عبد الناصر الإحساس نفسه، لذلك أكرم الحكيم دائما وأحبه، ومن هنا كانت صدمة «عودة الوعي».

تجنّب نجيب محفوظ الدخول في مواجهات سياسية علانية مع السلطة وحافظ على استقلاليته بعيداً عن الأحزاب والأطر السياسية، لذلك لم يدخل السجن لا في فترة الملك ولا في فترة عبد الناصر ولا في فترة السادات، كما حدث مع معظم المبدعين المصريين. وكانت المرة الوحيدة التي اتخذ فيها موقفاً معلناً من السلطة السياسية حين وقّع على عريضة أصدرها عدد من المبدعين بمبادرة من الكاتب توفيق الحكيم ورفعوها إلى الرئيس السادات في فترة «اللاسلم واللاحرب» يطالبون فيها بالإفراج عن الطلاب المعتقلين جراء احتجاجاتهم على عدم حسم قرار المعركة ضد إسرائيل. فكان على رأس قائمة الممنوعين من الكتابة التي أصدرها الرئيس السادات في 4 فبراير سنة 1973، وشملت أسماء كبيرة وعدة أمثال توفيق الحكيم ويوسف إدريس وأحمد بهاء الدين ومحمد عودة ومحمود آمين العالم وغيرهم. ثم صدر إلغاء المنع عن نجيب محفوظ في 28 سبتمبر من العام نفسه، أي قبل حرب أكتوبر بثمانية أيام.

يعتبر محمد حسنين هيكل أن من الظلم البين أن نقيس وضع المثقف في بلادنا على وضع المثقف في الخارج، ذلك أن بلادنا لم ينشأ فيها رأي عام قوي يستطيع أن يحمي المثقف، بالإضافة إلى صعوبة وجود المثقف الذي يستطيع الاستغناء عن الحكومة، بل كان، غالباً، ما يعمل موظفاً لديها. هذه الصعوبة إضافة إلى الطبيعة الشخصية لنجيب محفوظ لم تجعله في أي يوم من الأيام «رجل معارك» في الواقع الأدبي والسياسي في مصر، وقد تحاشى دوماً صخب هذه المعارك، وربما لذلك لم تنزلق قدماه يوماً إلى السجن في أية مرحلة من حياته. وعلى هذا المنوال، كان حديثه في جلساته وندواته لا يشارف السياسة، بل كان يتجنبها ولو اضطر إلى ذلك كان كلامه مقتضباً جداً وغير مباشر، وأحياناً بصورة رمزية، كان يؤكد دوماً أن معركته الحقيقية مع الورق، مع فعل الكتابة والإبداع نفسه.

روائي «نوبل» لم يدخل السجن في العهد الملكي أو الناصري أو الساداتي مكتفياً بـ «المعركة مع الورق»

انتمى إلى حزب «الوفد» وجدانياً واعتنق مبادئه وأفكاره

نجيب محفوظ أقبل على ثورة يوليو مؤيداً ثم أعرض عنها ناقداً
back to top