المائدة (1-3)

نشر في 12-06-2016
آخر تحديث 12-06-2016 | 00:02
 عبدالله خلف تنطلق من المائدة نظم الأغذية الإنسانية السليمة، وما فيها من أدلة إرشادية، ليسلم بيت الداء والأجهزة الجسمانية المتصلة به... والنُظم الغذائية السليمة تقي الإنسان شرور معظم الأمراض... خص القرآن الكريم للنظم الغذائية سورة إرشادية هي "سورة المائدة"، وفيها ما أحلّه الله سبحانه من المآكل، هي جميع ما تستطيعه الأذواق السليمة، وما يناله الإنسان من صيده من سباع وطيور... وأُحل لكم طعام أهل الكتاب كما أُحل لهم طعامكم... واشتمل النظام الغذائي في القرآن الحث على اجتناب بعض الأغذية مثل المفاسد، لأنها تسبب الأمراض الفتاكة:

"حُرِّمتْ عليكم الميتةُ، والدمُ، ولحمُ الخنزير، وما أُهل لغير الله، والمنخنقة والموقوذة والمتردية، والنطيحة وما أكل السَّبع، إلا ما ذكيتم، وما ذُبح على النَّصب، وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق"...

كانت لدى العرب عُلب في كل واحدة ثلاثة سهام مكتوب على أحدها: "أَمرني ربي"، وعلى الثاني "نهاني ربي"، ويتركون الثالث غفلاً بلا كتابة... يستخيرون أمورهم في السفر وفي الحرب وفي اختيار الأطعمة.

***

كما رأينا في دول الغرب معاملات أخلاقية يصدقون في غذائهم، فلا يغش أحد منهم من أجل المرابحة... أما في دول عربية وإسلامية فيصل الغش إلى أن يدسُّوا لك الميتة في اللحوم، خاصة في الدواجن كالدجاج والحمام، لا يسألون في ذلك عن الحرام والحلال، وما يُفيد أو يضر الأجسام – وتُصدر لحوم فاسدة، فتستوردها بعض البلاد بغش تجاري، ومنها ما صدّر ليس كغذاء بشري بل كأعلاف وسماد للزراعة، ولكن تُباع كغذاء للبشر في الأسواق.

***

مقولة يرددها البعض: "كل أكل الجمال وقم قبل الرجال"

وفي الغرب حيث وجبة العشاء رئيسة يمكث الطاعمون فيها أوقاتاً طويلة، رغم حرصهم على الوقت وسرعة الإنجاز في كل شيء...

سرعة الأكل تجعل الطعام بلا مضغ جيد، وهذا يرهق المعدة ويسبب عسر الهضم، وما ينتج عنه من الحموضة وداء القولون المنتشر بكثرة... جاء في الأثر هذا القول:

تحدثوا على الطعام ولو بثمن أسلحتكم... وليس المقصود بالطبع، أن يبيع القوم أسلحتهم لكي يشتروا بها حديثاً وكلاماً... المقصود أن يتحدث جماعة الطاعمين في أثناء طعامهم حتى لو كان الحديث يدور عن أثمان السيوف والرماح والحراب... لكي ترتاح المعدة بين مضغ ولوكٍ وازدراء وابتلاع، وتكتمل متعة الطعام بمتعة الكلام... والكلام يدع فرصة للهضم الجيد، ويمنع القَصَبة في البلعوم من القيام بعملها... وكم من أناس منعهم الازدراء والابتلاع من مرور اللقمة، وسببت لهم الاختناق والموت.

back to top