فتاوى عصرية: عقد الزواج لا يتعارض مع عملية ربط الرحم
السؤال: ما الحكم الشرعي فيمن تزوج فتاةً على أنها بِكْرٌ، ثم تَبَيَّنَ بعد الزواج أنها ليست بِكْرًا، وأنها قامت بعمليةٍ لتركيبِ وترقيعِ غشاء البكارة، وقد بَنَى دعواه على أنه قد تَبَيَّنَ بالكشف الطبي عليها أنها سَبَقَ أنْ قامت بعملية ربط للرحم، وأنَّ هذه العملية لا يُمكِنُ إجراؤها إلَّا بِفَضِّ البكارة؟المفتي: مفتي مصر الدكتور شوقي علام.
الفتوى: من المقرر واقعًا أنَّ فقد غشاء البكارة لا يُعَد دليلاً على حصول الوطء، لأنّ بعض الإناث قد يُولَدْنَ دون غشاءٍ خلقةً، وقد يزول الغشاء بسبب آخر غير الوطء، كوثبة أو سقطة عنيفة على الموضع - كما يكون في بعض الرياضات - أو إدخال أصبع أو جسم صلب إلى ذلك المحل، أو خطأ طبيب، أو توجيه تيار مائي شديد إلى تلك المنطقة، وقد يزول أيضًا بحيضة شديدة، وبعض النساء يحتجن لجراحة تستوجب فتح الغشاء في حالة أن يكون منسدًّا مقفلا بحيث يمنع دم الحيض من الخروج، وبذلك وردت الآثار عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين، ورواها جماعة من أصحاب الحديث، كالإمام سعيد بن منصور في «السنن» وبوَّب عليها بقوله: (باب الرجل يجد امرأته غير عذراء)، وعبدالرزاق في «المصنف» وبوَّب عليها بقوله: (باب قوله: لم أجدك عذراء)، وأبوبكر بن أبي شيبة في «المصنف» وبوَّب عليها بقوله: (في الرجل يقول لامرأته: لم أجدك عذراء).
ولَمَّا كان القول بأن الزوجة بِكْرٌ لَم يسبق لها الزواج -كما جاء بوثيقة الزواج- يستوي في النتيجة مع القول بأنها مُطَلَّقَةٌ طلاقًا يَحِلُّ به العقدُ الجديدُ ما دام الأمران يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوجة مِن الموانع الشرعية عند العقد، وكان الثابت أنَّ عقد الزواج قد انعَقَدَ في وقتٍ كان قد صَدَرَ فيه حُكمٌ بطلاق الزوجة وأصبح نهائيًّا بعدم الطعن فيه، مِمَّا يَجعل البيانَ مُطابِقًا للواقع في نتيجته، ويَجعل بالتالي انعِقَادَ العقد صحيحًا، ولا يُغَيِّرُ مِن الأمر أنْ يكون الطاعنُ قد لجأ بعد ذلك إلى المُعارَضَةِ في حُكمِ الطلاق، لأنَّ العبرة إنما تكون بوقت توثيق العقد.وبِناءً على ذلك فإنَّ إثبات أنَّ الزوجة بِكْرٌ لَم يَسبِق لها الزواجُ بوثيقة عقد الزواج لا يتعارض مع عملية ربط الرحم حتى ولو اقتضى ذلك إزالة غشاء العذرية ثم ترقيعه، لِمَا قرره الفقهاء من أن البكارة إنما تزول بوطء معيَّن، وليست كل من زال غشاء عُذْرَيتها تكون ثيبًا، ويَكُونُ الزواجُ بذلك صحيحًا غير مستحق للفسخ من هذه الجهة، وإذا طَلَّقَ الزوجُ هذه الزوجةَ بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة غيابيًّا فإنه يَلزَمُهُ كُلُّ حقوقِ الزوجةِ المُطَلَّقَةِ المدخولِ بها مِن غيرِ نُقْصَانٍ، مَهرًا (بمُقَدَّمِهِ ومُؤَخَّرِهِ)، ومُتعَةً ونفقةً وغير ذلك، أما إذا كان الطلاق قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة فإنها تَستَحِقُّ نِصفَ مَهرِها بمُقَدَّمِهِ ومُؤَخَّرِهِ.