عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر د. أحمد عمر هاشم لـ الجريدة.: لا يجوز حصر العبادة في الشعائر الدينية والمظاهر الشكلية

أطالب بتدريس كتب التراث مع تقديم شروح وتحقيق لها

نشر في 06-06-2016
آخر تحديث 06-06-2016 | 00:00
No Image Caption
حذر رئيس جامعة الأزهر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، د. أحمد عمر هاشم، من محاولات حصر العبادة في الشعائر الدينية أو المظاهر الشكلية، داعيا في مقابلة مع «الجريدة» إلى ضرورة تطوير الخطاب الديني من ناحية اللغة، إذ يفترض مخاطبة الناس بلغتهم، أما الحوار، فيجب ألا يقتصر على المسلمين فقط، لأن الحوار مع الآخر مطلوب وضروري... وإلى نص المقابلة.
• الدعوات المتكررة لتطوير الخطاب الديني مستمرة بين مؤيد ومعارض، فما وجهة نظرك في هذه المسألة؟

- الدعوات لتطوير وتجديد الخطاب الديني ترجع إلى ما استجد على ساحة الحياة من أمور لم تكن موجودة من قبل، مثل البنوك والمؤسسات المصرفية والاستنساخ، ولابد للخطاب الديني أن يساير تلك المستجدات ويعرض الرأي الشرعي فيها، بما يتوافق مع نصوص كتاب الله وسنة نبيه الكريم ثم السلف الصالح.

• ما المطلوب في مسألة التجديد؟

- التجديد مطلوب لأمور متعددة، منها توضيح الأحكام الشرعية في المستجدات مع استخدام الآليات الحديثة التي أفرزتها ثورة المعلومات والاتصالات من فضائيات وصحافة وإنترنت، بعد أن كانت الدعوة مقصورة على المنبر أو ندوة أو محاضرة، وأيضا لابد من تطوير الخطاب من ناحية اللغة، حيث يفترض مخاطبة الناس بلغاتهم، ومن ناحية الحوار فلابد ألا يقتصر حوار المسلمين على بعضهم البعض فقط، وإنما الحوار مع الآخر مطلوب وضروري، بحيث تصل الرسالة للعالم كله، وبذلك نضمن تصحيح المفاهيم المغلوطة.

• ماذا ينقص الأئمة ليكونوا على المستوى المطلوب؟

- الأئمة الموجودون على الساحة فيهم الجيد والمبتدئ، وعلى المؤسسات الدينية دور كبير في الارتقاء بمستواهم، وأرى أن المؤسسات لا تألو جهدا في تطوير الدعاة المبتدئين في حقل الدعوة من خلال عقد الدورات التدريبية لهم على مستوى راق، وأيضاً على الداعية أن ينمي قدراته بملكاته الخاصة والاطلاع.

ترهيب وغيبيات

• بعض الدعاة يركزون على الترهيب والغيبيات أكثر من القضايا الأخرى، فكيف ترى ذلك؟

- على الإمام ألا يجعل كل همه التركيز على الغيبيات والترهيب فقط، فالقرآن الكريم اشتمل على الترهيب والترغيب، وبالتالي لابد أن يهتم الداعية بالواقع والقضايا المعاصرة دون إغفال، ولاشك في أن الترغيب والترهيب مطلوبان، والإيمان بالغيب مثل الإيمان بالمشاهدة أيضاً مطلوب، مصداقاً لقول الله تعالى: «ذَلِكَ الْكِتَاب لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ» (البقرة: 2- 3).

• توليت أكثر من منصب في التعليم الأزهري ووصلت إلى منصب رئيس جامعة الأزهر، فما أبرز اقتراحاتك؟

- أطالب بتدريس كتب التراث مع تقديم شروح وتحقيق لها، فهناك ما يحتاج إلى شرح، وهناك ما يتطلب التحقيق، مثل صحيح البخاري ومسلم يحتاجان إلى شرح، وأنا عموما مع الحفاظ على التراث والمعاصرة، ومسألة شرح التراث لابد أن تكون مقصورة على أهل العلم والاختصاص، وعدم فتح الباب للهواة أو من يقتطعون النصوص من سياقها أو غير قادرين على استيعاب ما جاء في كتب التراث فتظهر تفسيراتهم الخاطئة والمغلوطة والمشوهة للتراث الإسلامي.

• البعض يتهم كتب التراث بكثرة المغالطات والحاجة إلى تنقيحها، فما رأيك؟

- ليس جميع الكتب تحتوي على مغالطات، فمثلا لو نظرنا إلى صحيح البخاري ومسلم وموطأ مالك ورياض الصالحين، كلها كتب أحاديث صحيحة بنسبة 100 في المئة.

حديث الذبابة

• لماذا يقول بعض مهاجمي الإسلام، وتحديداً السنة النبوية، إنها تحوي أحاديث لا تتماشى مع العصر؟

- كلامهم ليس في محله، لأن أحاديث البخاري التي يتهمها البعض بأنها غير صحيحة، أو لا تتماشى مع العصر الحالي، مثل حديث الذبابة كان يقول البعض إن هذا الحديث خطأ ولا يساير العصر، وأنا أقول إنه حديث صحيح، لكن ليس كل الأمور تقال أمام عامة الناس أو تناسب العصر، والرسول صلى الله عليه وسلم، يحثنا على الأخذ بالحديث في حالة الضرورة، وهناك اثنان من العلماء الألمان أكدوا بعد إجراء عدة أبحاث أن أحد أجنحة الذبابة يحوي داء وفي الآخر دواء.

• من يقف وراء حملات التشكيك فى الدين؟

- هناك أياد مشبوهة خارجية تسعى إلى الطعن في الدين وتشكيك المسلمين والعالم في عقيدة الإسلام بعدما زاد عدد التابعين للدين الإسلامي، علاوة على وجود جهلاء في الداخل لا يفهمون أمور دينهم، ومن يشكك في الأحاديث مثل القرآنيين أو غيرهم أقول لهم عليكم قراءة الشروح قبل الحكم المبني على جهل بغرض النيل من السُنة.

• يحصر البعض العبادة في الشعائر الدينية، فما تعليقك؟

- لا يصح حصر العبادة في الشعائر الدينية فقط، علاوة على أنه لا صلة لها ببعض المظاهر الشكلية التي اعتاد الناس بشكل خاطئ جعلها معبرة عن الدين، مثل المبالغة في إطالة اللحية أو تقصير الثياب للرجال أو الدروشة، وغيرها من الأمور الظاهرية التي يدل التمسك بها على قصور في الفهم وتخلف في الفكر، فالله لا ينظر إلى صورنا وأشكالنا، ولكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا.

مفهوم العبادة

• تركز في معظم خطبك على توضيح مفهوم العبادة، لماذا؟

- لأن مفهوم العبادة يتسع ليشمل كل عمل نافع يقوم به الإنسان طالما قصد به وجه الله ونفع الناس ودفع الأذى عنهم، وتعد مجالس العلم عبادة، فالملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، كما جاء في الحديث الشريف، والبحث العلمي الهادف لخدمة البشرية عبادة وعمل الفلاح في حقله والصانع في مصنعه والمعلم في مدرسته.

• ما الفارق بين الدين والتدين؟

- ثمة فارق كبير بينهما، فالتدين الحقيقي لا يرتبط بالشكليات، والتقوى محلها الصدر كما ورد في الحديث الشريف: «التقوى ها هنا»، وأشار إلى صدره، وقد نظر عمر بن الخطاب إلى رجل مظهر للنسك متماوت، فضربه بدرته، قائلا: «لا تمت علينا ديننا، أماتك الله»، والتدين الحقيقي ينعكس بالإيجاب على الإنسان في عمله وعلاقاته الأسرية ومع المجتمع، وبالتالي لا يلجأ إلى مظاهر خادعة أو شكليات كاذبة، وآن الآوان لنصحح فهمنا للدين وصلاتنا بالله، فالدين جامع للعقيدة والشريعة والأخلاق.

• بم تفسر تراجع بعض القيم الأصيلة التي يجب أن تتحلى بها المجتمعات وعلى رأسها الأخلاق؟

- بالطبع ظهرت سلوكيات وممارسات سلبية نتيجة تراجع الجانب الأخلاقي، وظهرت جرائم بشكل لافت مثل التحرش والقتل وعقوق الوالدين والتفكك الأسري وغياب الاحترام، كل هذا بسبب الابتعاد عن الدين وعدم التحلي بخلق القرآن، وصار هناك انفصال في الشخصية لدى البعض، وشتان الفارق بين كلامهم وما يمارسونه.

• ما العلاج الأمثل لمقاومة تلك الظواهر السلبية؟

- لابد أن ينشط علماء الدين، وأن تفتح أمامهم وسائل الإعلام حتى يصلوا للجماهير العريضة ويؤكدوا للناس أن الدين المعاملة، وأن الإسلام انتشر في أماكن كثيرة بسبب حسن المعاملة والأخلاق التي تحلى بها المسلمون الأوائل.

حديث الذبابة صحيح... وأكدته أبحاث علماء ألمان

آن الأوان لنصحح فهمنا للدين والعبادة... وعلى الدعاة مخاطبة الناس بلغتهم
back to top