ستارة

حوارنا الإقليمي المسيطر اليوم هو من أين أتى "داعش"؟ هل هو من الإسلام في شيء؟ هل يحمل الدين في طياته ما يدفع بالعنف أم أن الدين يحتمل القراءة المسالمة الإنسانية التي تتواءم والمنطق الحقوقي لعصرنا هذا؟ ثم يأتي نائب كويتي، يعيش حياته كاملة في الكويت، ينام في سريره آمناً، يذهب لعمله سالماً، يتعالج في ذات المستشفيات التي نذهب إليها ويتسوق في ذات الجمعيات، يقود سيارته في الشوارع الآمنة ولربما يتمشى في الأسواق المبهجة، فيشير إلى تصريح "العلماء" بفتوى رمي المثلي من أعلى مبنى في البلد، والتي هي الفتوى التي يعمل بها أفراد "داعش" والتي شاهدناها مسجلة بالفيديو. ما دلالات مثل هذا التصريح العنيف لإنسان كويتي عادي يعيش حياته بسلام؟ ألا يدفع تصريحه هذا إلى تثبيت صفة العنف على الدين من حيث إنه ليس فقط المؤسسات العسكرية الإرهابية كـ"داعش" هي فقط التي تقول بمثل هذا الإجرام، ولكن حتى رجل الشارع، حتى المشرع الكويتي المدلل يقول بمثل ذلك، أفلا يصبغ مثل هذا التصريح الدين الإسلامي بمجمله بصبغة عامة من العنف؟نغضب نحن عندما نواجه باتهامات بالعنف الديني، نسارع للتأكيد أن ليس "داعش" من الإسلام في شيء، ما يحدث لا يمثل الدين ولا أهله، طيب إذاً ما ومن الذي يمثل الدين وأهله؟ إذا كان حتى المشرع الكويتي الذي وصل للبرلمان عبر صندوق الانتخاب ومن خلال العملية الديمقراطية يذكر فتوى "لعلماء" برمي بشر آخر من أعلى مبنى في المدينة كعقوبة، يشير إلى قصاص بدائي وحشي تستخدمه مؤسسات إرهابية دموية كمثال على التعامل المستحق، ماذا بقي من مثال طيب للدين ومن ذا الذي سيمثل وجهه المتسامح؟ نحن في مصيبة غائرة، لن يخرجنا من مستنقعها سوى الاعتراف بعمق وجودها أولاً وقبل كل شيء. نحن في مأزق القراءة المتطرفة للنصوص الدينية، نحن في معضلة التعامي عن تاريخية الأحداث والإصرار على الفهم والتطبيق الحرفيين، نحن في مصيبة وجود دواعش بيننا، شكلهم من شكلِهم، كلامهم من كلامِهم، توجههم من توجهِهم، إلا أنهم يمثلون وجه السياسة والديمقراطية في البلد، ثم نعود ونسأل، لمَ ينظر العالم للدين الإسلامي بعين التطرف؟ من أين أتى كل هذا العنف الذي نغرق فيه؟ من عقر دارنا أيها الأحبة، من عقر دارنا.