الفنانة البصريّة هالة القوصي: «الفوتوغرافيا» جمال الحياة بألوان الطبيعة

نشر في 06-06-2016
آخر تحديث 06-06-2016 | 00:00
هالة القوصي
هالة القوصي
تملك الفنانة البصرية هالة القوصي شغفاً كبيراً بالتصوير الفوتوغرافي، القديم منه والحديث، تسير خلف الصور إينما كانت وبأية طريقة لتحرز لقطة ما قد تبدو عادية للبعض ولكنها من وجهة نظر المتخصص مختلفة بلا شك. من منطلق شغفها هذا، قدمت مشاريع مختلفة في مجال الصورة، من بينها «فوتو مصر» والكتابان «صور الزفاف» و«على البحر» كبداية لسلسلة كتب في هذا الإطار. التقتها «الجريدة» وكان هذا الحوار.
أسست لمشروع «فوتو مصر» و أصدرت من خلاله كتابين أخيراً، كيف نشأت فكرته؟

كنت أعد لعمل فني بتكليف من مؤسسة «الشارقة للفنون» وتطلّب الأمر إطارات قديمة، فجمعت الأخيرة ومنها خرجت منتجات مختلفة مثل الأدعية الدينية، وشهادات تخرج، وأعمال فنية متواضعة القيمة وبعض الصور القديمة. بحكم مهنتي كمصورة، دفعتني هذه الأشياء إلى تأمل منتجات مصورين محترفين، وأثارت الصور اهتمامي المهني بتأريخ التصوير في مصر، وأضحت نواة لمجموعة تنمو مع الأيام استخدمها كمفاتيح بصرية للبحث والتنقيب في تاريخ هذا النوع من التصوير منذ بدايات الفوتوغرافيا في مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. من خلالها أستدل على التطور في التقنيات العلمية والاعتبارات الجمالية في تنسيق الصورة وأساليب المصورين والتغيير في طبيعة العلاقة بين المصور وموضوع الصورة الماثل أمامه والمناسبات المختلفة للتصوير، كذلك أستمد منها دلالات على التغيير في الأنماط الاجتماعية المختلفة، وخلال عام 2010 وبتكليف من مؤسسة إنكليزية لتنفيذ مشروع قررت العمل عن علاقة المصري بالخواجة والعكس، كنت أقوم بالتأريخ من خلال الصور والشهادات ومنذ عامين بدأت بنشر صور من مجموعتي على «فوتو مصر».

هل تسعين من خلال «فوتو مصر» إلى حل مشكلة أرشيف الصور في مصر؟

الغرض ليس حل مشكلة الأرشيف لأن ذلك لن يحدث من خلال جمع عدة آلاف من الصور. خلاصة البحث في الأرشيف أن لدينا في مصر مواد كثيرة تستحق الأرشفة ولكنها فقدت، علماً أن ثمة صوراً مصرية عدة مؤرشفة خارج مصر. الفنان ليس دوره حل المشكلة ولكنه يلفت النظر إليها، يخلق سياقاً للاهتمام سواء من خلال الكتابة عن الأرشيف في الصحف أو إصدار كتب أو غيرها.

كيف تطورت الفكرة بنشر كتب تفصيلية لكل مجال؟

طلب مني بعض الأشخاص إعداد كتاب مصحوب بمادة كتابية تشرح ماهية الصور وسياقها، وهو أمر جميل لتوسيع دائرة الاهتمام ودخول أماكن مختلفة، وتشكيل جمهور جديد. أرى أنها قضية مهمة في الواقع لأننا في ظل غياب القدرة على تغيير الحاضر لا بد من لفت النظر إلى الشوائب. الأرشيف تأريخ وكلما تعددت الفرصة لقراءة لحظة تاريخية ماضية من مصادر عدة كلما كان الأمر أفضل، لأن الأحادية تعبر عن الشخص الذي كان يملك القوة ليقدم الحدث المعين وفق وجهة نظره فحسب، لذا لا بد من قراءة الماضي بشكل أوسع من خلال وجهات نظر متعددة.

شخصياً، أحب الكتب. لا أستطيع أنا أقرأ كتاباً على الإنترنت احتراماً لصانعيه، فالمؤلف بذل جهداً ووقتاً لتقديم منتجه، والكتاب منتج ملموس نقبض عليه بأيدينا، وللصورة ملمح وشكل ملموس وتأملها في كتاب أفضل من الأجهزة.

ماذا عن ألبوماتك؟

الألبومات ما هي إلا وعاء تنظيمي جامع، وإن كان غير شامل أو مغلقاً على نفسه، فهو يحتمل الزيادة بشكل لانهائي، والغرض الأول منه إبراز قيمة الصورة التاريخية والاجتماعية والفنية والجمالية للمتخصص وغير المتخصص على حد سواء. ستضم هذه السلسلة من الألبومات عند اكتمالها 12 ألبوماً، في كل منها مجموعة من الصور حول موضوع معين تضعه في سياقه الأكبر وتبرز دلالاته بشكل منظم.

نشرت الألبوم الأول وتتضمن صور الأفراح من مجموعة «فوتو مصر» العام الماضي، وأخيراً نشرت الألبوم الثاني بعنوان «على البحر»، والثالث سيكون بعنوان «الأصدقاء».

ما مجالات الصورة التي تستحوذ على اهتمامك أكثر من غيرها؟

أفضّل صور الأستديوهات لأنها تشتمل على النية أو القصدية. يذهب المرء إلى المصوّر وقد ارتدي زياً معيناً وصنع تسريحة ما ليخرج بشكل معين يحدده هو، كذلك لدى المصور نفسه قصدية ووقت للتصوير في مكان عمله، لذا أعد الإضاءة وطريقة التصوير.

عند مشاهدتي هذه الصور أعرف النوايا فيها وسياقها لأن من التقطها شخص محترف، وهو أمر يختلف عن تصوير الهواة. أشير هنا إلى أن الممارسة الحرفية في الأستوديوهات انقرضت، في ظل الوسائط الجديدة.

الفن التشكيلي والغربة

ما رؤيتك لحضور الفن التشكيلي العربي في الغرب كونك تقيمين في الخارج؟

الفن التشكيلي حاضر في الغرب أكثر من مصر، لأن لدى المتلقي الغربي الاستعداد للإطلاع على المنتج الفني في العموم، كونه اعتاد زيارة المتاحف أو قاعات العرض، من ثم سيسعى إلى رؤية أي منتج جديد لمعرفة وجه الاختلاف، ولن يرفضه لأنه جاء من الشرق.

تجمعين بين أكثر من مجال مثل تقديم الأفلام القصيرة والكتابة والتصوير وفوتو مصر، فكيف يتسنى لك ذلك؟

لكل نشاط من هذه الأنشطة أوجه مختلفة للممارسة الفنية، وما يدفعني إلى الكتابة أو تقديم معرض هو أن الفكرة هي نقطة التحرك، وتفرض احتياجاتها والوسيط الذي يلزمها للخروج، وهو أمر يتحقق عندما يكون الفنان مرناً.

منذ معرضك الأخير «رحلة في غرفة معيشتي» منذ 2013 لم نر لك معارض أخرى... ما السبب؟

تشهد أيامنا الراهنة تقلبات وتغيّرات شديدة، وأرى أنها غير مناسبة لإقامة معرض لي، لا سيما أن السياق مضطرب والمجتمع الفني ضيق وجمهوره محدود جداً. تحدث حول الفنان أمور سلبية تجعل حتى جمهوره المحدود يتناقص، فضلاً عن أنني كفنانة عندما أكون في مرحلة إنجاز عمل أحتاج إلى حالة من الثبات الفكري، ولا يجوز أن تكون الحالة متذبذبة.

تقيمين في الخارج، فما الذي أضافته لك تلك التجربة؟

سافرت في منحة من وزارة الخارجية الهولندية، وهي منحة تفرغ تتيحها الوزارة لـ25 فناناً من مختلف دول العالم تقدم برنامج إقامة، وهي بالنسبة إلى الفنان فرصة هائلة لأنها تقدم له ظروفاً مناسبة للعمل.

عندما نلت المنحة، لم تكن لديَّ نية الإقامة في هولندا، لأني أقيم فيها فعلاً لأسباب عائلية منذ 11 عاماً. ولكن أفادني العيش في الخارج، لأن البعد عن بلدي يتيح لي الفرصة لرؤيته بشكل أفضل، لا سيما أن المرء عندما يكون منغمساً في تجربة معينة لا يستطيع رؤيتها بشكل جيد لأنه يصبح جزءاً منها، لذا لا بد من وجود مسافة معينة بينه وبين هذه التجربة.

«فوتو مصر» مشروع تأريخ الحوادث بالصورة
back to top