تخلّص من الكوابيس المتكرّرة!
يشاهد جميع الناس الكوابيس: ربما تتعرّض للمطاردة من كائن مرعب لكن مجهول.أو ربما تكون محاطاً بمصاصي دماء متعطشين للدم أو مجموعات من كائنات الزومبي. أو ربما تجد نفسك عالقاً في غرفة مليئة بالأفاعي أو العناكب أو أي حيوانات آخرى تخاف منها. أو ربما تتورط أنت أو شخص عزيز عليك في حادث سيارة أو اعتداء عنيف.
قد تشاهد كابوساً معيناً مراراً وتكراراً فيبدو لك حقيقياً وحياً ومرعباً لدرجة أنك لن ترغب في الاستغراق في النوم مجدداً.تقول الدكتورة إيمي ميستلر، طبيبة نفسية عيادية متخصصة بالصدمات وعلم النفس الصحي، إن الكوابيس تطلق مجموعة كاملة من العواطف السلبية: الخوف، الرعب، الحزن، العار، الغضب، الخسارة.تتعدد الأسباب التي تجعلنا نشاهد الكوابيس. يعتبر بعض الفرضيات أن الأحلام تعكس العواطف التي اختبرناها خلال اليوم. تقول ميستلر: “قد يعكس الكابوس مِحَن النهار”.قد يعبّر الكابوس عن صدمة معينة أيضاً. إذا واجهتَ حدثاً صادماً، من الشائع أن تشاهد الكوابيس بعده مباشرةً. قد تكون الكوابيس طريقة يستعملها العقل لمحاولة استيعاب ما حصل وتفسيره بشكل منطقي.في بعض الحالات، تنتج عقولنا كوابيس غير مألوفة بكل بساطة لأن أداء الدماغ يتحسّن في العمليات التي يكررها باستمرار. سواء كنت تتدرب على رياضة معينة أو تعزف على آلة موسيقية، ستزداد قوة بعض أجزاء دماغك أو تصبح أكثر حيوية كي تتمكّن من الالتزام بهذه النشاطات الجديدة.قد تتكرر العملية نفسها مع الكوابيس. توضح ميستلر: “حين ينتج الدماغ الحلم نفسه بشكل متكرر، تزداد قوة وحيوية الأجزاء الدماغية المرتبطة بتسهيل إنتاج ذلك الكابوس. نتيجةً لذلك، يزداد احتمال نشوء الكابوس أثناء النوم”.ما العمل في هذه الحالة؟ تجيب ميستلر إن علاج التدريب الصوري يكون مقاربة فاعلة للتخلص من الكوابيس المستمرة و”يرتكز على الفكرة القائلة إن العقل ينتج الكوابيس من باب العادة، لكن يمكن كسر تلك العادة”. إذا كنت تشاهد كوابيس متكررة، يمكنك أن تجرّب هذه التقنية بنفسك. وإذا ترافقت الحالة مع أعراض إضافية، مثل القلق أو الاكتئاب أو اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة، فكّر بالتعاون مع معالج متخصص بالصدمات. بهذه الطريقة، ستعالج جميع جوانب المشكلة. يمكن أن يساعدك المعالج لاستيعاب الصدمة ضمن مساحة آمنة.تضيف ميستلر: “حين يتعافى الناس من صدمة معينة، يسمحون لنفسهم بالتفكير بتلك الصدمة ويشعرون بعواطفهم. نتيجةً لذلك، يمكن أن يفهموا ما حصل بطريقة منطقية وينظموا ذكرياتهم”.تكون الذكريات المرتبطة بالصدمات غير منظّمة عموماً بسبب العواطف القوية المتّصلة بها. يمكن أن تتحدى الصدمة قناعاتك عن نفسك وعن الآخرين والعالم. من خلال التعاون مع معالج نفسي، ستتمكن من تطوير مجموعة قناعات سليمة عن تلك الأطراف الثلاثة.توضح ميستلر فيما يلي الطريقة التي تسمح لك بتطبيق علاج التدريب الصوري بنفسك:1. إذا كنت تشاهد كوابيس متعددة ومتكررة فاستهدف كابوساً واحداً: إذا كنت تختبر صدمة معينة، اختَرْ كابوساً لا يتطلّب عيش الحدث مجدداً. ابدأ بكابوس خفيف. ركّز على كابوس واحد في كل مرة إلى أن تعالجه. يزول أحياناً عند تحويله إلى حدث حيادي أو إيجابي. في حالات أخرى، يتوقف الناس عن مشاهدة الكابوس نهائياً.2. أعِدْ صياغة قصة الكابوس مع تغيير النهاية:راجِعْ النهاية وعدّلها كي تصبح هادئة أو حيادية أو إيجابية من الناحية العاطفية. لا تبتكر نهاية عنيفة أخرى تفوز فيها بالمعركة مثلاً. من الضروري أن تكون النهاية مهدّئة وأن تسهّل النوم.طرحت ميستلر الأمثلة التالية: شاهد محارب قديم كابوساً متكرراً عن احتجازه داخل غرفة فيها قنابل متفجّرة. عدّل النهاية وجعل القنابل تنفجر وتتحول إلى أزهار: كان مقلباً من تخطيط رفاقه.خسر محارب مخضرم آخر صديقه في انفجار عبوة ناسفة، فراودته كوابيس حيث شاهد نفسه في موكب مع رفيقه قبل أن تصطدم مركبة صديقه بعبوة ناسفة ويشاهد جميع التفاصيل المصوّرة لموته. حين أعاد صياغة النهاية، بقي مع صديقه في الموكب لكن لم يحصل أي انفجار. بل اتّجها إلى مكان آخر وتناولا الغداء معاً.كانت ميستلر تعالج امرأة تشاهد كوابيس تتعرّض فيها للمطاردة (لم يرتبط الكابوس بأي صدمة)، فأعادت صياغة النهاية كي يغيّر الشخص الذي يلاحقها وجهته بكل بساطة ويقصد مكاناً آخر. ثم سارت المرأة في الاتجاه المعاكس ودخلت إلى مقهى.كل ليلة قبل النوم تخيّل الحلم مع نهاية جديدة:بعد هذه الخطوة، تدرّب على تمرين لاستعادة الاسترخاء مثل التأمل الموجّه. بعد التدرّب على هذه التقنية كل ليلة، يلاحظ بعض الناس أن كوابيسهم تتبخّر بعد أسبوع أو بضعة أسابيع. تقترح ميستلر على عملائها متابعة التدرّب بعد أسبوع من اختفاء الكابوس لترسيخ النتائج المحققة.لكن إذا كنت تختبر أعراضاً أخرى إلى جانب الكوابيس، ابحث عن معالج نفسي متخصص بالصدمات كي تتمكن من تحليل الحوادث بطريقة آمنة وتشعر بالتحسن. سيكون التحسّن مؤكداً!