الأديبة نور عبدالمجيد: لم أكسر القيود بل كنت صادقة

نشر في 12-05-2016 | 00:01
آخر تحديث 12-05-2016 | 00:01
No Image Caption
تخفي الكاتبة نور عبدالمجيد خلف رواياتها روحاً شفافة، ومشاعر صادقة، وتجارب ثرية، وإشارات استفهام طالما عبرت عنها على آلسنة شخصياتها، وفي حواراتها التي تقطر حيرة وألماً، ولكنها تشترك في أنها تملك قلباً محباً نابضاً بالعشق والهوى.

نور عبدالمجيد روائية سعودية تعيش في مصر، وتعد إحدى أهم الكاتبات التي يهتم الشباب بقراءة رواياتها، فأسلوبها يجمع بين البساطة والتعمق في النفس الإنسانية، ما يمنحها تميزها. التقتها «الجريدة» وكان هذا الحوار.

في أعمالك كسر لكثير من القيود الاجتماعية. كيف تأتى لك ذلك، وهل لك حسابات على الورق؟

لم أكسر قيوداً... بل كنت صادقة ونقلت مشاعري وتجاربي وشارات استفهام كبرى في أعماقي إلى الورق من دون رتوش وحسابات. ما عدنا على كسر شيء قادرين، أرانا جميعنا أشباه مكسورين! غير أن ثمة تحرراً، وإن لم تكن الكتابة تحرراً وتشريحاً وصدقاً أي شيء آخر تكون؟ وما حاجتنا إلى مزيد من الزيف والصور الملونة المزركشة بالخوف والتملق والوهم؟ نعم، أنا من بيئة محافظة لكنها واعية للحقوق وللكرامة وتعلم الحدود وتقف عندها. أن تكون محافظاً لك مبادئ وحدود لا يعني أبداً أن تمشي في قطيع أو تتبع الخطأ.

في رواياتك السابقة «لاسكالا» كما قبلها «ورغم الفراق» وصف عميق للنفس الإنسانية، هل ذلك ما يعزي سبب الإقبال الشبابي الواسع عليها؟

لا أعلم إن كنت أحرك المشاعر إلى هذا الحد أو لا أفعل. ما أعرفه حد اليقين أني صادقة في كل حرف أكتبه لا أكثر، وأرى أن أعمالي قريبة من أرواحنا المتعبة، كما في «لاسكالا» حيث يمتزج الألم بالأمل، وفي «رغم الفراق» حيث اللقاء والتلاقي والفراق، وكتلة من الحب الصادق لا يماثله حب، وإن كان أعتى قصص الهوى والغرام. في حياتنا جميعاً قصص فراق كبيرة ورغماً عنا وعنها ما زلنا نحيا ونحلم ونجد آلاماً. وعندما يكون الحب كبيراً يصبح الخوف عليه مجنوناً، وهنا قد تحدث مشاكل. قد يكون ذلك كله رسائل تحمينا من الانسياق وراء مشاعرنا، وهي وظيفة الأدب بالمقام الأول.

تفتح قصصك النوافذ على عالم رومانسي يكاد يختفي... هل تعتبرين ذلك جرأة؟

أتبع قلبي دائماً وفي داخلي صوت أكبر من أن لا يسمعه أحد غيري، هو صوت دونه لا تكون الحياة حياة. من اعتاد الكتابة يحيا على رائحة الورق ويتنفس الحروف، وقد اختلط معنى كلمة الرومانسية في ذهني حتى أكاد أرفضه. نحن نسيء استخدام هذه الكلمة ونسجنها في مظاهر أبعد ما تكون عن رحابة فضائها... الرومانسية موقف، قوة، حب، اختيار، قرار وكبرياء... والحب الحقيقي موجود لكن المشكلة في العشاق. ندرك السعادة الهاربة إن انقشعت غمامات القلق وتخلصنا من التوجس والشكوك والرهبة. إن أعدنا تنظيم أوراقنا ومشاعرنا وقوانيننا أظننا ندركها.

لنبق قليلاً مع شخصيات رواياتك النسائية: هل أنت رومانسية مثلهن وهل كتبت نور عبدالمجيد نفسها باسم بطلة من بطلات رواياتها؟

تضع نور عبد المجيد بعضاً منها ومن روحها في كل رواية وفي كل شخصية وفي كل كلمة تكتبها. أهديت روايتي الأخيرة «لاسكالا» إلى الألم، فهو خير معلم، كما أن شخصيات رواياتي النساء جميعهن صادقات ولسن رومانسيات بالمعنى المفهوم، هن صادقات في القرار وفي العشق وفي المبادئ وحتى في جنونهن، ونعم أنا صادقة في عشقي وهجري وجنوني.

روايات والقارئ

نشأت في السعودية وأقمت فيها فترات من حياتك، هل يمكن أن نرى رواية لك تدور أحداثها في الوطن؟

نعم، أحضّر لرواية تدور في السعودية قريباً إن شاء الله. سأكتب بالروح التي تمليها الأماكن والشخصيات والحوادث. في المناسبة، أرى في المملكة رائدات كثيرات، وأعمالاً رائعة كتبت بأيدٍ ناعمة، وأرى قادمات كثيرات في الطريق وعلى درب القلم.

ميزت النهايات المفتوحة معظم رواياتك، ما السبب؟

النهاية المفتوحة والمحسومة في ذات الوقت دعوة إلى القارئ ليكمل ما بدأته أنا ومشاركتي السير فيه. لا خير في كتاب ينتهي بعد الصفحة الأخيرة. أريد لما أكتب أن يبدأ بعدها في قلب القارئ وعقله.

هل تفكرين بالقارئ أثناء عملية الكتابة؟ وأي نوع من القراء يشغل تفكيرك؟

أفكر في القارئ دوماً ولكن بشكل مختلف. أفكر في القارئ الذي ينتظر صدور أعمالي، أن أقدم شيئاً يخاطب قلبه وعقله، ويضع بين يديه ما يستحق الوقت الذي يمضيه في القراءة والنقود التي دفعها. ادعو الله دوماً ألا أخذله، ولكن لا أكتب إلا ما أراه صادقاً.

هل ثمة روايات ندمت على كتابتها أو فكرت في تغيير حوادثها؟

لم أكتب حرفاً ندمت عليه، لأنني لم أكتب حرفاً رسمته أو أدعيته، ولا حوادث تمنيت تغييرها. هي أيضاً لشدة صدقها أراها ترسم نفسها... بل ثمة كتب ما زلت أتمنى لو أكتبها. الكتابة هي حالة تتملكنا، لكن كثيراً ما تعصاني الحروف. وما أكتبه من رسائل أتمنى أن تصل وأحيا بها ومعها حتى أراها اكتملت على السطور.

طموح الأديب في الكتابة لا حدود له، فما هي آمالك وطموحاتك؟

أن أبقى أكتب حتى اللحظة الأخيرة، وأن أكتب ما يستحق أن يُقرأ، وأن يغير ما أكتبه شيئاً وإن كان صغيراً في حجم لحظات الانتصار والفرح!

back to top