متى ترفض المسؤوليات الإضافية في العمل؟

نشر في 18-05-2016 | 00:01
آخر تحديث 18-05-2016 | 00:01
No Image Caption
فكّر في ساعات عملك الأسبوعية: هل تلائم المهام اليومية طبيعة عملك المطلوب منك في الأساس؟ وإذا وضعنا جانباً توقك إلى تطوير ذاتك وإثبات نفسك والحفاظ على سمعة جيّدة، فهل تمارس عدداً من المسؤوليات خارج نطاق دورك الجوهري؟
ما مدى تأثير هذه المسؤوليات المكتشفة حديثاً ومساهمتها في تقدّمك المهني من جهة، وما مدى تسبّبها في إرهاقك من جهة أخرى؟
يتعرّض العمال الأكفاء لمطالب إضافية لأنّهم يحبوّن التحدّي ويستمتعون به، ويطمحون غالباً إلى إيجاد سبل جديدة لإثبات مهاراتهم. لكن هل ستوافق على خوض غمار مشروع لا علاقة له بمؤهلاتك وكفاءاتك، في كلّ مرّة يطلب مديرك ذلك، فقط لأنّك تريد أن تكون ضمن فريق العمل؟

في حال فعلت ذلك، ستجد نفسك متعباً منهك القوى، تبذل قصارى جهدك وتمضي معظم وقتك في العمل، غير قادر على نيل قسط من الراحة أو الخروج مع أصدقائك. والأسوأ من ذلك، أنّك تقصد مكتبك يومياً، بينما تحوم سحابة سوداء من الخوف فوق رأسك، ولا تنفك تسأل نفسك: «كيف لي أن أنهي المهام كافة الموكلة إليّ اليوم؟».

نوافق على خوض مشاريع إضافية غالباً، لأنّنا نعتقد أنّها ستعود علينا بالفائدة، سواء الحصول على ترقية، أو زيادة في الراتب، أو مكافأة أخرى. لذلك، نغدو متمسكين بالعقلية التالية: «لا بدّ لي من أنّ أبذل جهداً غفيراً لمدّة شهرين أو ثلاثة أشهر إضافية، ثمّ أتحرّر من التوتر وأرتاح لاحقاً».

تمضى هذه الأشهر غالباً، ولا تزال الترقية بعيدة المنال. تزيد خيبة أملك رويداً رويداً ويصيبك الإحباط، إلا أنّك لا تتباطأ ولا تستسلم، علّ المدير يدرك الجهود الغفيرة التي تبذلها في سبيل إنجاح المشاريع الموكلة إليك، فتحصل على المكافأة. عندئذٍ، تدخل في دوامة لا تنتهي.

لما كان أخذ المزيد من المسؤوليات على عاتقك ليس أمراً سيئاً إلى هذه الدرجة، فإنّك في حال لم تكن حذراً وترسم خطوطاً لا ينبغي على أحد تخطّيها، قد يتحوّل ذلك إلى مشكلة حقيقية. حين ترزح تحت ثقل المهام، لا يؤثر ذلك سلباً في جودة عملك فحسب بل في علاقاتك خارج العمل أيضاً.

هل يعني ذلك أنّك يجب أن تقول «لا» للمسؤوليات الإضافية كافة؟ بالطبع كلاّ! غير أنّ القرار يعود إليك في الموافقة على الاضطلاع بها لأسباب وجيهة وصائبة.  

لذلك، في حال كنت من الأشخاص الذين يميلون إلى الموافقة على أداء أيّ مهمة إضافية تُطلب إليهم، إليك بعض النصائح التي تخوّلك معرفة متى ينبغي رفضها.

 المهمة الجديدة تؤثر سلباً في مسؤولياتك

يكمن خطر بالغ في الموافقة على أخذ المزيد من المسؤوليات على عاتقك في حال كانت تؤثر سلباً في قدرتك على تلبية متطلبّات العمل الأساسية التي وُظّفت لأجلها. على سبيل المثال، في حال كنت تعمل في ميدان إدارة الموارد البشرية، وطُلب إليك حضور ندوات ومؤتمرات حول علم التسويق لأنّ الفريق يفتقر إلى الموّظفين. ستجد نفسك في القريب العاجل تمضي معظم الوقت في المناسبات بعيداً عن مكتبك (الأمر الذي يجدر أن يقوم به، في الواقع، من لديه تواصل مباشر مع الزبون ويعرف تفاصيل علم التسويق حقّ المعرفة، وليس أنت)، ممّا يهدّد مسؤولياتك الرئيسة، كتدريب الموظفين الجدد، وإجراء مقابلات مع موظّفين كفوئين.

كذلك، إنّها مهمة تُشتت انتباهك وتصرفك عن أداء مسؤولياتك الجوهرية بنجاح، وتخفّض قدرتك على تسليم عملك الأساسي بجودة عالية. لذلك، من الأفضل لمصلحتك الشخصية ومصلحة عملك أن ترفض مثل هذه المهمّات وتصّب كامل تركيزك على المهام الملقاة على عاتقك في المرحلة الأولى.

مهمة موظف آخر

هل يطلب إليك مديرك القيام بعمل المتدرب وتغيير حبر الآلة الطابعة مثلاً، رغم أنّك في مركز إدراي؟ مهما كان الدور الذي تضطلع به، يسهل الوقوع في دوامة أداء مهام «ليست من شأنك». على سبيل المثال، مندوب المبيعات الذي يجد نفسه يجيب دوماً عن مكالمات خدمة الزبائن. تصبح ذلك الشخص الذي يقوم بمهام فريق العمل من دون أن تدري ذلك. لذلك، في حال استمررت في فعل ذلك طويلاً منخرطاً في أداء واجبات الآخرين، سيستغل هذا الوضع سلباً.

كيف تلقي الضوء على هذه المهام التي تستغرق وقتاً طويلاً. اسأل نفسك أوّلاً: هل تساعدني هذه الأعمال في تطوير ذاتي مهنياً بطريقة استراتيجية؟ في حال لم تعد بأي فائدة، بطريقة أو بأخرى، على نموّك العملي، لا تدع الخوف يتملّكك وأبعد هذه المسؤوليات عنك. (لتقديم حلّ استباقي، كلّف عضواً آخر من الفريق لتحمّلها مثلاً).

إذا لم يتوافر مخرج

لا تأخذ على عاتقك أيّ مسؤولية إضافية قبل أن تفهم النطاق الكامل لما تتضمّنه من جهود، وكم من وقت ستدوم، ومن الأشخاص الذين ستعمل معهم، وكم سيدوم المشروع بأكمله. تريد أن تتفادى أيّ سوء تفاهم قد يطرأ خلال تنفيذ المشروع، وأهم ما في الأمر أنّك لا تريده أن يكون قضية مفتوحة. قد تشعر بالسعادة في كونك رئيس فريق عمل، لكن في نهاية المطاف لا بدّ من إيلاء الأولوية لمسؤولياتك الرئيسة وعدم التخاذل عنها.

على سبيل المثال، في حال أوكل إليك مديرك مهمة غامضة إلى حدّ ما، كالإشراف على مبادرة أو خطوة جديدة، أو تأمين إرشاد استراتيجي، حاول عندئذٍ أن تفهم ما الذي يقصده بالضبط من كلامه. كم من الوقت يحتاج تنفيذ مهمة كهذه؟ هل تتوقّع حضور اجتماعات معيّنة أو إجراء اتصالات أسبوعية؟ تأكّد من أنّ في ذهنك صورة واضحة كل الوضوح عن المهمة وشروطها قبل الموافقة عليها، بهدف إنقاذ نفسك وعدم الغوص في دوامة مفتوحة لا تنتهي.

المهمة الجديدة لا تصبّ في مصلحة مهاراتك

قد تكون المسؤولية الإضافية، التي لا تلائم تماماً طبيعة عملك، فرصة للتعرّف إلى أشخاص مهمين. مثلاً، في حال طُلبت إليك المساعدة في تقديم نموذج عملي خلال اجتماع للشركة، يشكّل ذلك فرصة جيّدة كي يقيّم المدير العام عملك ويقدّره. من ناحية أخرى، لا يعود القيام بمهمة منفردة، كتعبئة التقارير القديمة لمديرك، بأيّ منفعة على تطوير ذاتك أو مهاراتك بطريقة مفيدة.

في حال أردت أن ترفض القيام بمهمة ما، حاول أن تجعل المحادثة محايدة وخالية من العواطف، وصبّ تركيزك على مدى تأثير الرفض على أهداف الشركة وليس على نسبة توترك.

في المقابل، وفي حال وافقت على استلام عمل جديد، فكّر في كيفية تأثير ذلك إيجاباً في تطوير مهاراتك المهنية وكوّن صورة واضحة للمسؤوليات الجديدة التي ستقع على عاتقك وماذا سينتج منها من حسنات، أيّ مهمات أفضل في المستقبل، ترقية أو زيادة في الراتب. بهذه الطريقة، لا ينتهي بك الأمر إلى باب مسدود.

في النهاية، يشار إلى أهمية قبول بعض الفرص المهنية، ورفض بعضها الآخر، لرسم حدود «صحيّة» في مكان العمل. الدفاع عن نفسك والتعبير عن رأيك، لا يحرّرانك فحسب من التوتر والقلق اللذين تشعر بهما لأنّك تحمل فوق طاقتك، بل يخوّلانك اكتساب ثقة أكبر في نفسك وتطوير مهاراتك الإدارية في العمل. تذكّر دوماً أنّ رسم الحدود والتقيّد بها، لا يظهر أنّك موظف غير طموح، بل على العكس تماماً، يبرهن أنّ قيمتك عالية وتفضّل الاتّكال على نفسك.

back to top