الحمل الكاذب... عندما يناقض الواقع رغبتكِ
من كيم كارداشيان وآن هاثاواي، إلى إشاعات عن الحمل المحتمل الثالث للدوقة كيت مادلتون... نطّلع على الأخبار فيراودنا شعور بأنّ نساء العالم جميعهن حوامل.الحمل خبر سار بالتأكيد! لكن تبدو أغلفة المجّلات التي تصوّر نساء حوامل تغمرهنّ البهجة، تذكيراً مؤلماً بالنسبة إلى اللواتي يعانين العقم أو خضعن لعمليات الإجهاض. عدم القدرة على الإنجاب أو معاناة المحاولة مرّة تلو الأخرى من دون أن ينجح الأمر هي واحدة من أصعب الخبرات التي يمكن تخيّلها. ترتبط المشاعر التي تنتج من ذلك ارتباطاً وثيقاً بهوية المرأة وتقديرها لذاتها. من هنا، قد يمرّ بعض النساء بأعراض مشابهة تماماً لأعراض الحمل، ويواجهن {الحمل الكاذب}.
عندما يكون الحمل بعيد المنال أو لا يستمر حتى النهاية، أو عند الخضوع للإجهاض، تتساءل المرأة التي تتعرّض لهذه الحالات عن صحّة جسدها وكفايته، وعن هويتها كامرأة (كذلك قد يتساءل الرجل عن هويته)، وعن قيمتها كشخص. تشعر أنّها متضرّرة ومشتّتة فتفقد السيطرة تماماً على الحاضر والمستقبل. نتيجة لذلك، تحزن حزناً شديداً وينتابها قلق دائم فتجد نفسها أسيرة اليأس.تظهر على بعض النساء، اللواتي تسحقهنّ عذابات يقاسينها جرّاء العقم والإجهاض، أعراض الحمل مع أنّهن لسن حوامل: كانقطاع الدورة الشهرية، وانتفاخ البطن، وأحاسيس تثيرها حركة الأمعاء كأنّها حركة الجنين، إضافة إلى إفرازات الثدي. تساعد الأعراض هذه، التي تُعرف بـ {الحمل الكاذب}، النساء وأزواجهن في استعادة الأمل في الإنجاب وإن كان لفترة مؤقتة، وسرعان ما تعود الحقيقة إلى الظهور. كثيرات هنّ النساء اللواتي يعتقدن أنّهن حوامل في بعض الفترات، إلا أنّ هذه الأفكار سرعان ما تتبدّد عقب اختبار حمل يعطي نتيجة سلبية. في المقابل، يكون الحمل الكاذب مختلفاً تماماً: فتلك النساء يقتنعن اقتناعاً راسخاً بأنّهن حوامل حتى بعد خضوعهن لاختبار حمل جاءت نتيجته سلبية (هذا في حال أُجري الاختبار).تشير الخبيرة مونيكا ستاركمان: {خلال ممارسة مهنتي كطبيبة نفسية متخصصة في تحديد التفاعلات بين الجسم والعقل، لفترة طويلة، صادفت نساء تصيبهن حالة الحمل الكاذب، وأستطيع القول إنّ محنتهن تُفرط القلب بكل ما للكلمة من معنى}.حملات توعيةالحمل الكاذب ليس حالة شائعة لكّنها مسألة خطيرة ولا بدّ من إجراء حملات توعية ضدّها. وهي حالة تمّ إدراكها على مرّ العصور، إذ ذكر أب الطبّ أبقراط، حالات كثيرة تُظهر نساء تخيّلن أنفسهن حوامل. في السياق نفسه، ظهرت أعراض حمل مرّتين على ماري تودور، ملكة إنكلترا وابنة هنري الثامن، دامت في كلّ مرّة تسعة أشهر، وفي الحالتين تبيّن أنّ الحمل كاذب.لكن اليوم، وفي ظلّ التطوّر الذي يغزو العالم وسهولة الحصول على المعلومات كافّة عبر الإنترنت، تبقى حالة الحمل الكاذب غير شائعة نسبياً. لذا نجد أن المرأة التي عانت هذا النوع من الحمل لم تسمع به يوماً، وأن الأشخاص الذين من المفترض أن يقدّموا الدعم لها يصابون بالدهشة ويعتبرونها ظاهرة فريدة من نوعها بل {غريبة} للغاية.تضيف الخبيرة قائلة: {يتمثّل اهتمامي البالغ وخوفي الشديد ببعض المريضات اللواتي يلجأن إليّ للعلاج كما لو أنهن على وشك اختبار تحدّي فحص الموجة الصوتية التي أخضعهن له الأطبّاء بهدف إقناعهن بأنّ حملهن لا أساس له من الصحّة. وأتمنّى أن يكون {نهاية المعجزات} The End of Miracles بمثابة حملة توعية لحالة الحمل الكاذب، إذ يروي الكتاب قصّة امرأة عانت إجهاضاً مأساوياً في مرحلة متأخرة من حمل حدث بعد سنوات طويلة من العقم، ليأتي الخبراء بعدها ويؤكّدوا أنّ {حملها} الثاني كاذب.إليكِ بعض المعلومات المدهشة حول حالة الحمل الكاذب هذه:أعراضه تظهر لدى النساء اللواتي يختبرن الحمل الكاذب أعراض الحمل شبه كاملة من دون أن يكن حوامل فعليّاً. بما في ذلك، انقطاع الدورة الشهرية، وانتفاخ البطن، وكبر الثديين. كذلك، تعاني تلك النساء أعراض الحمل المثالية كالغثيان، والتقيؤ وزيادة الوزن، وأحاسيس ناتجة من حركة الأمعاء كما لو كانت حركة الجنين. كذلك، في حال أدركت المرأة أنّ نتيجة اختبارات الحمل سلبية، ومع ذلك بقيت تصّر على عدم صحّة النتائج، لا بدّ من أن يراودنا الشكّ عندئذٍ في أنّ الحمل كاذب، خصوصاً إذا حدث بعد حالة من الحزن واليأس.المواجهةفي حال استمرت المرأة في التصدّي رافضةً تصديق نتائج اختبارات الحمل السلبية، تتمثّل الخطوة الثانية في اتخاذ تدابير جديّة تثبت أنّها ليست حاملاً فعليّاً. لذلك، تكمن أفضل طريقة في الخضوع لفحصٍ بالموجة الصوتية يبرهن أنّ رحمها صغير وفارغ وما من جنين في داخله.آثارهعندما يُقدّم الأطبّاء أدلّة دامغة للمرأة المصابة على أنّها ليست في الحقيقة حاملاً، سيصعب عليها تحمّل وقع الخبر الصاعق. وعندما ترضخ للواقع، ستفقد الأمل فجأة بالقصة التي كانت ترويها لنفسها مبرّرة حملها.مع ذلك، قد تكون الحالة معقّدة جدّاً. تفيد الخبيرة مونيكا: «صادفت حالات يكون فيها الزوج متعطشاً كي تصبح زوجته حاملاً، ربّما يكون ذلك سبباً مباشراً ورئيساً لتطوّر حالة الحمل الكاذب، إذ يصرّ لدى استشارة الطبيب على أنّ النتائج قد تكون خاطئة.عندما تتقبّل المرأة المصابة الحقيقة، يصبح الدعم حاجة ماسّة وحرجة. ويتمثل في أفضل ظروفه، من خلال العلاج النفسي الذي ينصحها به طبيبها النسائي أو تخضع له بمحض إرادتها. في الحالات القصوى، قد تؤدّي المسائل التي لم تؤخذ على محمل الجدّ وتلك التي لم تجد لها المرأة المصابة حلولاً إلى أن يتراءى لها أنّها حامل مجدداً. سبُل المساعدةتعاني المرأة المصابة صدمة كبيرة عند معرفة الحقيقة، وفي حال اقتنعت بها، تكون حملات التوعية المسبقة للحمل الكاذب مفيدة جدّاً. باستطاعة الأشخاص المحيطين بها أن يدعموها، بمن فيهم أفراد عائلتها والأصدقاء، مشيرين إلى أنّ هذه الحالات تحصل أحياناً وأنّهم آسفون حقّاً للعذابات التي قاستها.في حالات عدّة، لا تتحلّى المرأة بالقوّة الكافية للإعلان عن سبب فقدان الحمل الذي طالما شكّل مصدر فخرٍ لها. لذلك، عدم ذكر السبب يخّول الداعمين لها مواساتها والتحدّث إليها تماماً كما يتحدّثون إلى أيّ امرأة عانت فقدان الحمل. في النهاية، يمكنهم التعاطف معها عبر حضنها إلى صدرهم والتعبير عن بالغ أسفهم للخسارة التي مُنيت بها تاركين لها المجال لإبداء رأيها.