على روسيا التحضير لثورة في سوق السندات

نشر في 14-05-2016 | 00:00
آخر تحديث 14-05-2016 | 00:00
No Image Caption
 Mark Gilbert لا تزال الحكومات والشركات تبيع السندات الدولية بالطريقة ذاتها التي اتبعتها منذ اتفاق سنة 1963 الذي حصلت بموجبه هيئة الطرقات العامة الإيطالية (أوتوستراد) على 15 مليون دولار، والذي اعتبره العديد من الناس أول إصدار حقيقي لسندات أوروبية.

تريد روسيا الحصول على مصادر تمويل من أسواق المال الدولية عن طريق اصدار سندات جديدة، ولكن السلطات في الولايات المتحدة وأوروبا حذرت بنوك الاستثمار المتهافتة من أجل ادارة عمليات البيع من عواقب هذه الخطوة لأن روسيا لا تزال عرضة لعقوبات اقتصادية، وقد طرح ذلك سؤالاً مثيراً للاهتمام: ماذا لو أن روسيا، أو أي مقترض آخر، تجاوزت الوسطاء وعمدت الى بيع أسهمها بصورة مباشرة الى مستثمرين؟

لا تزال الحكومات والشركات تبيع السندات الدولية بالطريقة ذاتها التي اتبعتها منذ اتفاق سنة 1963 الذي أعطى 15 مليون دولار لهيئة الطرقات العامة الايطالية أوتوستراد، والذي اعتبره العديد من الناس أول اصدار حقيقي لسندات أوروبية، بوجود جهة مقترضة في حاجة الى المال تقوم بتكليف شريحة من بنوك الاستثمار للقيام بعملية جمع الأموال، وتعالج الجوانب المتعلقة بالأعمال المكتبية وتعثر على مستثمرين يرغبون في شراء الديون وتتعهد جهة الاصدار بأن يحصل المقترض على أمواله حتى في حال تعثر عملية البيع.

ويكاد يكون هذا النموذج مماثلاً للكيفية التي تقوم من خلالها الشركات الصغيرة بإدراج اسمها في عملية تبادل في اكتتاب عام أولي، ولكن يوجد فارق رئيسي وهو أن المستثمرين قد يكتشفون انهم في حاجة الى معرفة كل ما يريدون معرفته (أو على الأقل ما تسمح لهم روسيا بمعرفته) من معلومات متاحة علانية، وفي وسعهم رؤية كيف تتم عملية تقييم أسهمها الحالية وطرق تداولها في السوق، وبخلاف الحال مع شركة جديدة غير معروفة تبيع أسهمها لأول مرة لا توجد قيمة مضافة في وجود جهة مصرفية لشرح تمويلات روسيا على شكل جزء من عملية البيع.

يذكر أن روسيا لم تعرض أي ديون دولية منذ سنة 2013، وقال نائب وزير المالية الروسي مكسيم أوريسخين في الأسبوع الماضي إن مديري الأموال يتوقون الى أسهم جديدة:

الرواية هنا هي أن المستثمرين هم في الواقع من يطلب منا القيام بعملية إصدار لأن روسيا لم تكن تقوم بأي إصدار خلال عدة سنوات، وكانت المخاطر الروسية تبلي بلاء حسناً حقاً في السنوات الماضية وتلك الصناديق الهامشية كانت تعمل دون مستوى الأساس، وكانوا يطلبون منا اصدار ديون جديدة وإمدادات جديدة في السوق.

المثال الأرجنتيني

واستشهد نائب وزير المالية الروسي بالمثال الذي شهدته الأرجنتين التي جمعت في الشهر الماضي 70 مليار دولار على شكل عروض لأول عملية بيع سندات جديدة لها في 15 سنة وتمكنت من جمع 16.5 مليار دولار. وقال المسؤول الروسي إن السندات الروسية سوف تكون أكثر سهولة "من طرح سندات اليورو الأرجنتينية ".

وتوجد أسباب تدعو الى الظن بأن سندات جديدة من دولة لا تزال تتمتع بتصنيف استثماري جيد من واحدة على الأقل من ثلاث وكالات تصنيف رئيسية سوف تلبي الطلب الكبير في هذا العالم المتعطش الى الأرباح، وهكذا اذا كان نائب وزير المالية الروسي على حق فلماذا يحتاح الى مجموعة من البنوك؟ ولماذا لا يتوجه مباشرة الى مجتمع الاستثمار العالمي من أجل الحصول على المال؟

وقد حصلت مجموعة البنوك الـ 156 المشاركة في عمليات بيع السندات الحكومية حتى الآن في هذه السنة على رسوم وسطية بلغت حوالي 0.8 في المئة، بحسب معلومات وكالة بلومبرغ، وإضافة الى القيام بالأعمال الورقية الضرورية مثل الحصول على القوانين الرسمية المخصصة للسندات بحيث تتمكن من التداول بكفاءة وفعالية، فإن البنوك تقوم بقياس طلب السوق من أجل تحديد سعر مبيع السندات، واذا كان الاصدار جيداً حقاً فإن تلك البنوك تستطيع أيضاً اختيار الجهة التي سوف تخصص لها السندات، وذلك في محاولة لضمان استقرار سعر ما بعد المبيع اضافة الى مكافأة المشترين الذين يمكن أن يتقدموا بعروض في المستقبل، وضمان سيولة سوق تداول ثانوية خلال الأسابيع والأشهر التي تعقب عملية الإصدار.

وباستثناء ما يحدث في البيئة الحالية فإن الطلب الكبير على اصدار السندات الأرجنتينية يشير الى أن العمل الورقي أصبح أقل اعتماداً على الوسطاء (وحتى العمل الورقي قد لا يكون من الصعب القيام به بصورة مستقلة)، ثم إن تحديد السعر الذي سوف يقوم المستثمرون بعرضه على روسيا عن طريق النظر الى الأرباح المحتملة الخاصة بعوائد سندات مماثلة ليس صعباً، وطرح سؤال على البعض من كبار اللاعبين في الأسواق الناشئة عن معدلات الفائدة التي سوف يقبلون بها ليس أكثر صعوبة من توجيه رسالتين عن طريق البريد الالكتروني، ومع التدني الكبير في الأرباح فإن ربح المليار ونصف المليار دولار من السندات الروسية التي يمكن سدادها في سنة 2019 يصل الى حوالي 3 في المئة، كما أن تكلفة الحصول على تسعير خطأ عن طريق حفنة من النقاط الأساسية يمكن تجاهلها.

سيولة السوق

ومع سيطرة البنوك على كمية رأس المال التي تخصصها من أجل مكاتب التداول التابعة لها فإن سيولة السوق الثانوية قد تحولت بشكل كبير الى مجرد وهم في هذه الأيام، وفيما لا يريد اي مقترض المجازفة بالتعرض الى محنة اخفاق مزاد علني للسندات فإن روسيا تبدو الى حد كبير أرضية مستقرة في حال قبولها من جانب مشتري الدخل المحدود بصورة مباشرة.

والشيء الذي يحيرني، وكان كذلك طوال أكثر من عقد من الزمن، هو لماذا لم تغير التقنية الحديثة الطريقة التي يتم من خلالها بيع السندات من خلال توفير سوق الكتروني للسندات تربط المقترضين مع المقرضين بشكل مباشر. وكان الرئيس التنفيذي السابق لدويتشه بنك أنشو جان قال في شهر اكتوبر الماضي: "يوجد الكثير من الأقاويل حول الأعمال المصرفية وهو ما تسبب في تحجيم عمل التقنية".

كان من المنطقي في الماضي وجود مجموعة من البنوك تستهدف المستثمرين وتلاحقهم وتبحث عن جيوب من الطلب والضغط من أجل علاقة عملاء لضمان عملية بيع ناجحة للسندات عند أفضل سعر ممكن، ولكن ماذا عن اليوم؟ إن مدة نصف قرن فترة طويلة من أجل مقاومة السوق لقوى التغيير، وأنا لست من مؤيدي العقوبات ولكن اذا قررت روسيا المضي بمفردها في هذا المسار عن طريق جمع رأس مال من دون الدفع الى بنوك الاستثمار لمساعدتها في تحقيق هدفها فإنها قد تبدأ ثورة في سوق السندات عن طريق تلك العملية.

back to top